أنتم تَقولُونَ: النِّساءُ لا تَرِثُ الأرضَ. فكيفَ يَصحُّ أنْ تُطالِبَ الزَّهراءُ (ع) بإرثِها؟!!

حَسبُ فقهِ الشِّيعةِ وأحادِيثِهم «النِّساءُ لا يَرِثنَ منَ الأرضِ ولا منَ العِقارِ شَيئاً» كما رَواه الكُلَينِي في الكافِي، فبِحَسبِ هذا الكَلامِ لا يَحقُّ لفَاطِمةَ (رض) أنْ تُطالِبَ بمِيرَاثِ رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؛ (حَسبُ رِوايَاتِ المَذهَبِ الشِّيعيِّ)؟!

: اللجنة العلمية

     الأخُ المحتَرمُ.. السَّلامُ علَيكم ورَحمةُ اللهِ وبرَكاتُه. 

     هذا الكَلامُ فيْه اشْتِباهٌ كَثيرٌ وجَهلٌ بالرِّوايَاتِ الوَارِدةِ عن أهلِ البَيتِ (عليهم السلام) في المَوضُوعِ؛ فإنَّ المُرادَ منَ النِّساءِ اللَّاتِي لا يَرِثنَ الأرضَ ولا العِقارَ هُنَّ الزَّوجَاتُ فقط، حَسبُ ما جاءَ في رِوايَاتٍ مُفصَّلةٍ في المَوضُوعِ، وإنْ وُجِدتْ رِوايَاتٌ مُطلَقةٌ عندَنا في هذا الجَانِبِ فهي تُحمَلُ على مُقيَّداتِها منَ الرِّوايَاتِ الأُخرَى كما هو الحَالُ في حَملِ المُطلَقِ على المُقيَّدِ منَ الكِتَابِ والسُّنةِ. وإليْك البَيانُ: 

     قد جاءَ في صَحِيحِ مُحمَّدِ بنِ مُسلمٍ عن البَاقرِ (عليه السلام) قَال: (النِّساءُ لا يَرِثنَ منَ الأرضِ ولا منَ العِقارِ شَيئاً).

     وجاءَ في حَسنةِ الفُضلَاءِ الخَمسةِ (الأخَوينِ زُرارةُ وبكير، وفضيل، وبَرِيد، ومُحمَّدُ بنُ مُسلمٍ) عن أبِي جَعفرِ البَاقرِ وأبِي عبدِ اللهِ الصَّادقِ (عليهما السلام): (إنَّ المَرأةَ لا تَرِثُ مِن تَرِكَةِ زَوجِها مِن تُربةِ دارٍ أو أرضٍ، إلا أنْ يَقُوَّمَ الطوبُ والخَشبُ قِيمةً فَتُعطى رُبعُها أو ثُمنُها) (انظر: فُروعَ الكافِي ج7 ص127، 128).

     فالرِّوايةُ الأولَى مُطلَقةٌ، والثَّانيةُ تُقيِّدُ عَدمَ الإرثِ للأرضِ أو العِقارِ بالزَّوجةِ فقط، وصِنَاعةُ الإطلَاقِ والتَّقيِيدِ تَقتَضِي تَقيِيدَ الأولَى بالثَّانيةِ، تمَاماً كما يَتعَاملُ فُقهَاءُ أهلِ السَّنةِ مع المُطلَقاتِ والمُقيَّداتِ الوَارِدةِ في الكِتَابِ والسُّنةِ.

     هذا على فَرضِ أنَّ فَدَكاً كَانتْ إرثاً وقد طَالَبتْ بها الزَّهراءُ (عليه السلام) مِن هذِه النَّاحِيةِ، وهو حقٌّ لها لأنَّها ابْنةٌ، والإبْنةُ تَرِثُ الأرضَ والعِقارَ كما أوضَحْنا، وأما على كَونِها نِحلةً - أي هِبةٌ وَهَبَها إيَّاها رسُولُ اللهِ (ص) في حَياتِه كما تُشِيرُ إليْه بَعضُ الرِّوايَاتِ -  فالحقُّ أوضَحُ.

     ودُمتُم سَالِمينَ.