سلسلة سؤال وجواب حول العدل الإلهي (7)

هل الإنسان مخير أم مسيّر

: اللجنة العلمية

س1: هل الإنسان مُسيّر أو مُخيّر في فعله؟

ج: توجد إتجاهات عدة– عند المسلمين – أهمها ثلاثة:

الإتجاه الأول: إنّ الإنسان مُخيّر(مُفوّض) مطلقاً في أفعاله, وهو رأي(المفوضة) المعتزلة: وهم على طرف نقيض مقابل الأشاعرة, إذ ذهبوا إلى إرادة الله تعالى لا دخل لها في أفعال العباد, وإنما تنحصر إرادته فقط في الحدوث دون البقاء, بمعنى أنّ جميع ما في الوجود يحتاج إلى الله تعالى ابتداء, وبعدما يوجد فلا حاجة حينئذٍ, ومحل كلامنا في أفعال الإنسان, فالإنسان هو موجد لفعله, وليس الله سبحانه, كما في البنّاء, إنّما يحتاج إلى البنّاء فقط في البداية, وبعد الإنشاء فلا حاجة للبنّاء, والخالق سبحانه بعدما أوجد العباد, وأقدرهم على أفعالهم, فوّض إليهم الإختيار, فلذا أفعالهم هم من أوجدها. 

*قال السيد الشريف في (شرح المواقف): ((إنّ المعتزلة إستدلوا بوجوه كثيرة مرجعها إلى أمرٍ واحد وهو أنّه لولا إستقلال العبد بالفعل على سبيل الإختيار لبطل التكليف, وبطل التأديب الذي ورد به الشرع, وارتفع المدح والذم, إذ ليس للفعل إستناد إلى العبد أصلاً, ولم يبق للبعثة فائدة, لأنّ العباد ليسوا موجدين لأفعالهم, فمن أين لهم استحقاق الثواب والعقاب))1  فالمعتزلة إنّما ذهبوا إلى هذا الإتجاه لكي يصححوا التكليف, ويكون هناك وجه صحيح للمدح والذم, والثواب والعقاب,إذ لا يعقل كل ذلك, إذا سُلب الإختيار من الإنسان.   

*وذكر بعضهم: ((إنّ المؤثر في حصول الفعل هو قدرة العبد على سبيل الإستقلال وهذا هو قول المعتزلة))2 .

*وذكر السيد الخوئي: ((ذهب المعتزلة إلى أنّ الله سبحانه وتعالى قد فوّض العباد في أفعالهم وحركاتهم إلى سلطنتهم المطلقة، على نحو الأصالة والإستقلال بلا دخل لإرادة وسلطنة أُخرى فيها، وهم يفعلون ما يشاؤون ويعملون ما يريدون من دون حاجة إلى الإستعانة بقدرة أخرى وسلطنة ثانية))3 .

___________________

 1- شرح المواقف، ج8, ص154.

 2- القضاء والقدر، محمد بن عمر الرازي، ص34.

 3- محاضرات في أصول الفقه، محمد اسحاق الفياض، تقريرات لأبحاث السيد الخوئي, ج2, ص77 .