مفهوم التوحيد

: اللجنة العلمية

إنّ من البدايات الأساسية عند بحث أي موضوع، وبالخصوص إذا كان مهماً, أن يتطرق الباحث إلى تعريف (المصطلح) أو (المفهوم) من حيث اللغة والاصطلاح، وهذا سيشمل بحثنا حول أصل (التوحيد) الذي يعتبر أول وأهم الأصول العقائدية في المنظومة الإسلامية.

التوحيد لغة: 

التوحيد: جعل الشيء واحداً، يقال: وحدّه توحيداً، أي جعله واحداً(1).

والتوحيد: الإيمان بالله وحده لا شريك له، والله الواحد الأحد ذو الوحدانية والتوحد(2)، من وَحَدَ ـ الواو والحاء والدال ـ: أصلٌ واحدٌ يدلّ على الانفراد، والواحد: المنفرد(3).

والواحد: أول العدد(4).

والواحد والأحد: من أسماء الله تعالى، وهو الفرد الذي لم يزل وحده، ولم يكن معه آخر. وقيل: إنّ الفرق بينهما هو: أنّ الأحد بُني لنفي ما يذكر معه من العدد، تقول: ما جاءني أحد. والواحد: اسم بني لمفتتح العدد، تقول: جاءني واحد من الناس، ولا تقول: جاءني أحد، فالواحد منفرد بالذات في عدم المثل والنظير، والأحد منفرد بالمعنى(5).

وأما اسم الله عز وجل (أحد) فإنه لا يوصف شيء بالأحدية غيره، لا يقال: رجل أحد؛ لأنّ (أحداً) صفة من صفات الله عز وجل التي استأثر بها، ولا يشركه فيها شيء(6). 

التوحيد اصطلاحاً:

لا يخرج استعمال التوحيد في علمي الفقه والكلام عن المعنى اللغوي، فهو في علم العقائد: الاعتقاد بأنّ الخالق والربّ والمعبود واحد لا ثاني له ولا شريك، وإن اختلفت عبائرهم في تعريفه(7).

وسنذكر جملة من التعريفات للتوحيد اصطلاحاً, التي قال بها علماء الإمامية، وهي:

1ـ التعريف الأول: (العلم بأنّ الله تعالى لا يشاركه فيما يوصف به على الحدّ الذي يوصف به غيره، والإقرار بذلك إذا أمكنه الإقرار)(8).

2ـ التعريف الثاني: (إثبات صانع واحد موجدٍ للعالم، ونفي ما عداه)(9).

3ـ التعريف الثالث: (أنّ يعرف أن الله تعالى واحد في الربوبية، ولا شريك له في المعبودية)(10).

4ـ التعريف الرابع: (الإقرار بوحدانية الله تعالى في ذاته وصفاته وأفعاله)(11).

فهذه جملة من التعريفات الاصطلاحية للتوحيد، والتي تبيّن لنا بمجملها طريقة تحقيق الاعتقاد الحقيقي بالتوحيد من خلال (الإقرار) أو (العلم) أو (إثبات) وحدانية الله سبحانه وتعالى، ومن ثم الإيمان بذلك إيماناً مطلقاً، ولا تفيد في ذلك أيّة واسطة، ولا يفيد التقليد، ولا ينفع الإتباع للغير، إذ أنّ المراد بأصول الدين عموماً و[اصل التوحيد بشكلٍ خاص هو الاعتقاد الحقيقي القلبي النابع عن قناعة شخصية ووفق أدلة يؤمن بها الشخص نفسه، ذلك أنّه لو سئل عنها لأجاب، وهذا السؤال سيتكرر عليه دنيوياً وأخروياً، وهو في الأخرة أولى بالإجابة؛ لأنّ في ذلك الفوز أو الخسران.

________________________________

(1) القاموس المحيط، ج1، ص 645.

(2) العين، ج3، ص 281، تهذيب اللغة، ج5، ص 193.

(3) معجم مقاييس اللغة، ج6، ص 90 ـ 91.

(4) الصحاح، ج2، ص 548، لسان العرب، ج1، ص 82، وج15، ص 230.

(5) النهاية في غريب الحديث، ابن الأثير، ج1، ص 27، وج5، ص159، ولسان العرب، ج1، ص 82.

(6) تهذيب اللغة، ج5، ص 197، ولسان العرب، ج15، ص 233.

(7) موسوعة الفقه الإسلامي، ج33، ص 92.

(8) الحدود والحقائق (رسائل الشريف المرتضى)، ج2، ص 266.

(9) الاعتقادات (الرسائل العشر)، ص 103.

(10) كشف الغطاء، ج1، ص 49.

(11) معجم لغة الفقهاء، ص 150، ومعجم ألفاظ الفقه الجعفري، ص 128.