سُؤَالٌ حَوْلَ الوِلَايَةِ التّكوينِيَّةِ.

جَلِيلٌ مَهْدِي/: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ.. هَلْ يَتَعَارَضُ الدُّعَاءُ مَعَ الأَفْعَالِ الصَّادِرَةِ مِنْ المَعْصُومِ الَّتِي هِيَ مِنْ قَبِيْلِ الوِلَايَةِ التّكوينِيَّةِ وَالتَّصَرُّفِ التّكوينِيِّ، بِمَعْنَى هَلْ نَفْسُ الدُّعَاءِ يَنْفِي كَوْنَ الفِعْلِ الصَّادِرِ مِنْ المَعْصُومِ صَادِراً مِنْهُ، بَلْ هُوَ مِنْ فِعْلِ الله تَعَالَى مُبَاشَرَةً وَبِلَا أَيِّ وَاسِطَةٍ طُولِيَّةٍ؟

: اللجنة العلمية

      الأَخُ جَلِيلٌ المُحْتَرَمُ.. السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.

     لَقَدْ فَهِمْنَا مِنْ سُؤَالِكُمْ مَطْلَبَيْنِ، وَسَنُجِيبُكُمْ عَنْ كِلَا المَطْلَبَيْنِ بِإِذْنِ اللهِ.

     أَمَّا المَطْلَبُ الأَوَّلُ الَّذِي فَهِمْنَاهُ بِأَنَّ الدُّعَاءَ مِنْ المَعْصُومِ هَلْ يَتَنَافَى وَوُجُودَ الوِلَايَةِ التّكوينِيَّةِ عِنْدَهُ، فَلِمَاذَا يَلْجَأُ المَعْصُومُ لِلدُّعَاءِ مَعَ وُجُودِ هَذِهِ الوِلَايَةِ؟

     الجَوَابُ: 

     لَا يَلْجَأُ المَعْصُومُ إِلَى العَمَلِ بِالوِلَايَةِ التّكوينِيَّةِ دَائِماً، بَلْ هُوَ مأمُورٌ بِالعَمَلِ بِالأَخْذِ بِالأَسْبَابِ الظَّاهِرِيَّةِ غَالِباً، وَذَلِكَ حَتَّى لَا يَغْلُوَ النَّاسُ فِيهِ، وَمِنْ هُنَا يَكُونُ الدُّعَاءُ أَحَدَ الوَسَائِلِ المُتَّبَعَةِ عِنْدَهُ فِي طَلَبِ التَّوْفِيقِ وَالنُّصْرَةِ.

     وَهُنَاكَ مَطْلَبٌ آخَرُ فَهِمْنَاهُ مِنْ سُؤَالِكُمْ وَهُوَ: هَلْ تَكُونُ الوِلَايَةُ التّكوينِيَّةُ عَنْ دُعَاءٍ وَطَلَبٍ مِنْ اللهِ يَتَقَدَّمُ بِهِ النَّبِيُّ أَوْ الإِمَامُ ثُمَّ يَجْرِي اللهُ المُعْجِزَ أَوْ الكَرَامَةَ التّكوينِيَّةَ عَلَى يَدَيْهِ؟ أَمْ هِيَ إِرَادَةُ تَفَعُّلٍ بِالنَّفْسِ لِإِيجَادِ أَمْرٍ مَا يَتَوَجَّهُ بِهِ النَّبِيُّ أَوْ الإِمَامُ إِلَى اللهِ فَيُجْرِيَ المُعْجِزَ أَوْ الكَرَامَةَ عَلَى يَدَيْهِ؟!!

     فِي الوَاقِعِ لَا يُوجَدُ عِنْدَنَا عِلْمٌ تَفْصِيلِيٌّ حَوْلَ كُنْهِ هَذِهِ الوِلَايَةِ التّكوينِيَّةِ وَكَيْفِيَّةُ إِجْرَائِهَا عَلَى يَدِ الأَنْبِيَاءِ وَالأَئِمَّةِ (عَلَيْهُمْ السَّلَامُ)، فَقَدْ تَجْرِي مِنْ خِلَالِ الدُّعَاءِ، وَقَدْ تَجْرِي مِنْ خِلَالِ الإِرَادَةِ النَّفْسِيَّةِ وَالتَّوَجُّهِ القَلْبِيِّ لِلمُرَادِ، وَفِي كُلِّ الأحوَالِ يَنْطَبِقُ عَلَيْهَا مُسَمَّى الوِلَايَةِ التّكوينِيَّةِ، الَّذِي يَعْنِي القُدْرَةَ عَلَى التَّصَرُّفِ فِي الظَّاهِرَةِ الكَوْنِيَّةِ خِلَافَ نِظَامِ العلِّيَّةِ المُتَعَارَفِ.

     وَدُمْتُمْ سَالِمِينَ.