الفَرْقُ بَيْنَ الإِلَهِ وَالرَّبِّ والْكُنْهِ.

أَحْمَدُ الطَّائِيُّ/: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ.  مَا الفَرْقُ بَيْنَ الإِلَهِ وَالرَّبِّ وَالْكُنْهِ؟ وَهَلِ الذَّاتُ حِجَابٌ عَنِ الْكُنْهِ؟ مَعَ التَّقْدِيرِ وَالإِحْتِرَامِ.

: اللجنة العلمية

     الأَخُ أحمد المُحْتَرَمُ.. السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.

     1- أَمَّا وَصْفُهُ تَعَالَى بِأَنَّهُ الإِلَهُ أَوْ اللهُ (عَزَّ وَجَلَّ) فَهُوَ يُشِيرُ إِلَى كَوْنِهِ تَعَالَى مَأْلُوهًا مَعْبُودًا مُسْتَحِقًّا لِلعِبَادَةِ دُونَ مَنْ سِوَاهُ مُطْلَقًا، وَكَذَلِكَ يَعْنِي الذَّاتَ الجَامِعَةَ لِصِفَاتِ الجَمَالِ وَالجَلَالِ، وَلِذَلِكَ لَا يَصِحُّ إِطْلَاقُ اسْمِ اللهِ تَعَالَى عَلَى غَيْرِ الذَّاتِ الإِلَهِيَّةِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ).

     وَأَمَّا الرَّبُّ فَيُشِيرُ هَذَا الإِسْمُ إِلَى كَوْنِهِ تَعَالَى رَبِّ الْكَوْنِ وَمُوجِدِهِ وَخَالِقِهِ وَمُدَبِّرِهِ وَمَالِكِهِ وَالمُتَصَرِّفِ فِيهِ كَيْفَ يَشَاءُ وَبِمَا يَشَاءُ؟

     وَأَمَّا الكُنْهُ فَهِيَ تَدُلُّ عَلَى الذَّاتِ الإِلَهِيَّةِ القُدْسِيَّةِ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ أَيِّ صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ أَوْ فِعْلٍ مِنْ أَفْعَالِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، فَلَا يُنْظَرُ مِنْ خِلَالِ هَذَا الإِسْمِ لِأَيِّ حَيْثِيَّةٍ مِنَ الحَيْثِيَّاتِ، بِخِلَافِ مَا عَرَفْنَاهُ مِنْ إِطْلَاقِ الأَسْمَاءِ الأُخْرَى كَالإِلَهِ وَالرَّبِّ فَتَعْنِي ذَاتَ اللهِ تَعَالَى وَحَقِيقَتَهُ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ صِفَاتِهِ وَأَسْمَائِهِ وَأَفْعَالِهِ فَهِيَ مِنَ الغَيْبِ المَحْجُوبِ، حَتَّى قَالَ أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ (عَ) عَنْ ذَلِكَ: (وَلَا تُقَدِّرْ عَظَمَةَ اللهِ تَعَالَى عَلَى قَدْرِ عَقْلِكِ فَتَكُونَ مِنْ الهَالِكِينَ).

     2- وَقَالَ الإِمَامُ عَلِيٌّ (عَ): وَاعْلَمْ أَنَّ الرَّاسِخِينَ فِي العِلْمِ هُمُ الَّذِينَ أَغْنَاهُمْ عَنْ اقْتِحَامِ السُّدَدِ المَضْرُوبَةِ دُونَ الغُيُوبِ الإِقْرَارُ بِجُمْلَةِ مَا جَهِلُوا تَفْسِيرَهُ مِنْ الغَيْبِ المَحْجُوبِ، فَمَدَحَ اللهُ تَعَالَى اعْتِرَافَهُمْ بِالعَجْزِ عَنْ تَنَاوُلِ مَا لَمْ يُحِيطُوا بِهِ عِلْمًا، وَسَمَّى تَرْكَهُمْ التَّعَمُّقَ فِيمَا لَمْ يُكَلِّفْهُمْ البَحْثُ عَنْ كُنْهِهِ رُسُوخًا. نَهْجُ البَلَاغَةِ / خُطْبَةُ 91.

     وَقَالَ الإِمَامُ زَيْنُ العَابِدِينَ (عَ) - فِي الدُّعَاءِ -: عَجَزَتِ العُقُولُ عَنْ إِدْرَاكِ كُنْهِ جَمَالِكَ، وَانْحَسَرَتِ الأَبْصَارُ دُونَ النَّظَرِ إِلَى سُبُحَاتِ وَجْهِكَ، وَلَمْ تَجْعَلْ لِلخَلْقِ طَرِيقًا إِلَى مَعْرِفَتِكَ إِلَّا بِالعَجْزِ عَنْ مَعْرِفَتِكَ. البِحَارُ 94 / 150.

     وَقَالَ الإِمَامُ عَلِيٌّ (عَ): فَلَسْنَا نَعْلَمُ كُنْهَ عَظَمَتِكَ، إِلَّا أَنَّا نَعْلَمُ أَنَّكَ حَيٌّ قَيُومٌ، لَا تَأْخُذُكَ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ، لَمْ يَنْتَهِ إِلَيْكَ نَظَرٌ، وَلَمْ يُدْرِكْكَ بَصَرٌ. النَّهْجُ / خُطْبَةُ 160.

     وَقَالَ الإِمَامُ الرِّضَا (عَ): كُنْهُهُ تَفْرِيقٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَلْقِهِ. التَّوْحِيدُ 2 / 36. وَاللهُ العَالِمُ.

     وَدُمْتُمْ سَالِمِينَ.