حَوْلَ كِتابِ (نَوادِرِ الْحِكْمَةِ).

‎Ahmed Sheneyen Alrubeye‏: السَّلامُ عليكمْ .. حينَما أقرأُ عنْ علومِ الحديثِ والرِّجالِ عندَ الشِّيعَةِ يأتي ذكرُ كتابِ (نَوادِرِ الحِكْمَةِ) لِمُؤلِّفِهِ أحمدَ بنِ محمَّدِ بنِ يحيى بنِ عِمْرانَ الأشْعَرِيِّ القُمِّيِّ. ويبدو منْ خلالِ القراءةِ أنَّهُ كتابٌ كبيرٌ، ومُعْتَمَدٌ عِنْدَ الشِّيعةِ قبلَ "الكافي"، ولكنْ لا وجودَ لهُ الآنَ. فكيفَ يُفقدُ كتابٌ بهذِهِ الأهمِّيَّة؟؟؟

: اللجنة العلمية

الأخُ المحترمُ، السَّلامُ عليْكُمْ ورحمةُ اللهِ وبركاتُهُ.

سنُجيبُ عنْ سُؤالِكَ في عِدَّةِ نِقاطٍ:

(1) إنَّ مؤلِّفَ كتابِ "نوادرِ الحكمَةِ" هو المحدِّثُ الثِّقةُ محمَّدُ بنُ أحمدَ بنِ يحيى بنِ عِمْرانَ القُمِّيُّ، وليسَ هوَ أحمدَ بنَ محمَّدِ بنِ يحيى، فليُصَحَّحِ الخطأُ الذي وَرَدَ في السُّؤالِ.

(2) هذا الكتابُ اعتنى بِهِ وهذَّبَهُ أحدُ العُلماءِ المتقدِّمِينَ منْ نُقّادِ الحديثِ الثِّقاتِ، وهوَ محمَّدُ بنُ أحمدَ بنِ الحسنِ بنِ الوَليدِ القُمِّيُّ، فقدْ دَرَسَ الكتابَ دراسةً دقيقةً، واستثنى منْهُ بعضَ الرِّواياتِ التي يرويها عنْ بعضِ الضُّعَفاءِ كما هوَ مُبَيَّنٌ في ترجمتِهِ في كتبِ الرِّجالِ كرِجالِ النَّجاشِيِّ والطُّوسيِّ وغيرِهِما.

(3) استفادَ منْ هذا الكتابِ تِلْمِيذُ ابنِ الوليدِ الشَّيْخُ الصَّدُوقُ، فأورَدَ كثيراً مِنْ رِواياتِهِ في كِتابِهِ "مَنْ لا يَحْضُرُهُ الفَقِيهُ"، وفي كتبِهِ الأخرى، وكذلكَ استفادَ مِنْ هذا الكتابِ كثيراً كلٌّ منَ الشَّيخِ الكلينيِّ، والشَّيخِ الطُّوسيِّ، ومَنْ يُراجِعْ كتابَ "الكافي" للكلينيِّ وكتابَيْ "تهذيبِ الأحكامِ" و"الاستبصارِ" للشَّيخِ الطُّوسيِّ يرَ بوُضُوحٍ أحاديثَ كثيرةً مرويَّةً عنْ محمَّدِ بنِ أحمدَ بنِ يحيى صاحِبِ "نوادِرِ الحِكْمَةِ".

(4) أمّا عنْ سَبَبِ فقدانِ الكتابِ؛ فلا نعلمُ بذلكَ على سبيلِ القطعِ والجزمِ، فقدْ يكونُ الكتابُ فُقِدَ لأسْبابٍ طبيعيَّةٍ، أوْ لأسْبابٍ مذهبيَّةٍ؛ فإنَّ مَنْ يقرأْ تاريخَ التَّشيُّعِ، وما جَرى على الشِّيعَةِ عُمُوماً، وعلى عُلمائِهِمْ خُصُوصاً مِنْ ظُلمٍ وجَوْرٍ على أيدي الظّالمينَ لا يستغرِبْ فقدانَ الكتابِ؛ لأنَّ ما فعلهُ الظّالمونَ مِنِ اسْتباحَةِ دِماءِ الشِّيعَةِ، ونَهْبِ أموالِهِمْ، والتَّنكيلِ بِهِمْ، لا سِيَّما في عَصْرِ بَنِي أمَيَّةَ وبَنِي العَبّاسِ، يَجْعَلُ مِنْ غيرِ المُسْتغرَبِ فقدانَ بَعْضِ مؤلَّفاتِهِمْ، وما إحْراقُ مَكْتبةِ شَيْخِ الطّائِفَةِ الطُّوسِيِّ في بَغْدادَ أكثرَ مِنْ مرَّةٍ إلّا شاهِدٌ على الكمِّ الهائِلِ مِنَ الكُتُبِ التي أحْرِقتْ وأتْلِفَتْ بِسَبَبِ الخِلافاتِ المذهبيَّة، وعِنْدَ اللهِ جَلَّ وعَلا نَحْتَسِبُ ذلكَ، فهُوَ حَسْبُنا ونِعْمَ الوكيلُ. 

ودُمْتُمْ سالِمِينَ.