حَديثُ لا تُشَدُّ الرِّحالُ إلى شيءٍ مِنَ القُبورِ إلّا إلى قُبورِنا.

حَميد رِياض: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ .. هَلْ يُوجَدُ حَديثٌ يَقُولُ ( لَا تُشَدُّ الرَّحِالُ إلّا الى مَعْصُوم) وَهَلْ هُوَ صَحِيح؟

: اللجنة العلمية

الْأَخُ حَمِيد رِيَاضِ الْمُحْتَرَم، السَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ

بَعْدَ الْبَحْثِ فِي مَصَادِرِ الْحَديثِ عِنْدَ الشِّيعَةِ الْإمَامِيَّةِ لَمْ نَجِدْ هَذَا الْحَديثَ بِهَذَا النَّصِّ الَّذِي وَرَدَ فِي سُؤَالِكُمْ، وَلَكِنْ وَجَدْنَا نَصّاً آخَرَ قَرِيبَاً مَنْ هَذَا الْمَعنى، لَعَلَّهُ هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْ سُؤَالِكُمْ، يَرْوِيهِ الشَّيْخُ الصَّدُوقُ (قدس) فِي كِتَابَيهِ (الْخِصَالُ)(1 / 143)، حَديثُ 167، وَ(عُيونُ أَخْبَارِ الرِّضَا (ع) ( ج2 / ص354)، حَديثُ رَقَم( 1)، بَابُ 66، حَيْثُ قَالَ الصَّدُوقُ: حَدَّثَنَا أَحَمَدُ بْنُ زِيادٍ بْنِ جَعْفَرٍ الهَمدانيّ (رَضَّ)، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إبراهيمَ بْنِ هَاشِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ يَاسِرٍ الْخَادِمِ، قَالَ: قَالَ عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الرِّضَا (ع): (( لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَى شَيْءٍ مِنَ الْقُبُورِ إِلَّا إِلَى قُبُورِنَا، أَلَا وإِنِّي مَقْتُولٌ بِالسُّمِّ ظُلْمًا، وَمَدْفُونٌ فِي مَوْضِعِ غَرْبَةٍ، فَمَنْ شَدَّ رَحْلَهُ إِلَى زِيَارَتِي أُسْتُجِيبَ دعاؤهُ وَغُفِرَ لَهُ)).

وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ رِجالُها ثِقَاتٌ غَيْرَ يَاسِرٍ الْخَادِمِ، فَلَمْ يَرِدْ فِي حَقِّهِ جَرْحٌ وَلَا تَعْدِيلٌ سِوَى أَنَّهُ خَادِمُ الرِّضَا (ع)، وَهُوَ مَوْلَى حَمْزَةَ بْنِ اليَسع، وَلَهُ مَسَائِلُ عَنِ الرِّضَا (ع).

وَلَكِنْ وَجَدَنْا كَثِيرَاً مِنْ عُلمَائِنَا يَسْتَنِدُونَ إِلَى هَذَا الْحَديثِ، وَيَعْمَلُونَ بِهِ، بَلْ لَمْ يُنْكِرْهُ أحَدٌ مِنْهُمْ، وَهَذَا يَرْفَعُ مِنْ قِيمَةِ الْحَديثِ حَتَّى لَوْ كَانَ فِي إِسْنَادِهِ ضَعْفٌ بِنَاءً عَلَى الْمَبْنَى الْمَعْرُوفِ بَيْنَ عُلمَائِنَا الَّذِي يَنُصُّ عَلَى أَنَّ الْحَديثَ إِذَا عَمِلَ بِهِ الْمَشْهُورُ مِنْ فُقَهَائِنَا فَيُعَدُّ حينَئذٍ حَديثَاً صَحِيحَاً حَتَّى لَوِ اِشْتَمَلَ إِسْنَادُهُ عَلَى ضَعْفٍ.

وَإِذَا حَاوَلَ بَعْضُهُمْ أنْ يُشْكِلَ عَلَى هَذَا الْمَبْنَى ؛ فَيَدَّعِي عَدَمَ صِحَّةِ الْعَمَلِ بِالْحَديثِ الضَّعِيفِ، فَسَنَقُولُ لَهُ: دَعوَاكَ مَرْدُودَةٌ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْعَمَلَ بِالْأَحَادِيثِ الضَّعِيفَةِ مَوْجُودٌ عِنْدَ جَمِيعِ الْمَذَاهِبِ الْإِسْلَامِيَّةِ حَتَّى عِنْدَ الْمُتَشَدِّدِينَ مِنْ عُلَمَاءِ الْحَديثِ مَا دَامَتْ هُنَاكَ قَرَائِنُ وَشوَاهِدُ تَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ الْحَديثِ الضَّعِيفِ، وَلِأَجلِ ذَلِكَ إِشْتَهَرَتْ هَذِهِ الْعِبَارَةُ بَيْنَ عُلَمَاءِ أهْلِ السُّنَّةِ فِي هَذَا الصَّدَدِ، حَاصِلُهَا: ( أَحَادِيثٌ ضِعَافٌ وَعَلَيْهَا الْعَمَلُ بِغَيْرِ خِلَافِ).

وَدُمْتُم سَالِمِينَ.