حُكمُ مَنْ يَجحَدُ إِمَامَةَ الأَئِمَّةِ الٱثنَي عَشَرَ مِنْ أَهلِ البَيتِ (ع)؟

أَسمَاءُ/: سَلَامُ عَلَيكُم أَنا مُستَبصِرَةٌ وأَرجُوكُم بَيانَ حُكمِ مَن يَجحَدُ إِمَامَةَ أَحَدِ الأَئِمَّةِ الٱثنَي عَشَرَ الإِجابَةِ بالدَّليلِ، وأَينَ أَوجَبَ ٱللهُ الإِيمانَ بِها يَعنِي ما هُو الدَّليلُ؟

: اللجنة العلمية

الأَختُ أَسمَاءُ المُحتَرَمَةُ:

عَلَيكُمُ السَّلَامُ ورَحمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ:-

يُوجَدُ في المَسأَلَةِ حُكمَانِ: حُكمٌ دُنيَوِيٌّ وحُكمٌ أُخرَوِيٌّ، أَمَّا الحُكمُ الدُّنيَوِيُّ، فمَنْ لَمْ يُؤمِنْ بإِمَامَةِ أَئَمَّةِ أَهلِ البَيتِ (عَلَيهِمُ السَّلَامُ) - كمَا هُو حالُ بَقِيَّةِ الفِرَقِ الإِسلامِيَّةِ غَيرِ الإِمامِيَّةِ - فهُؤلاءِ مُسلِمُونَ، تَحرُمُ دِماؤُهُم وأَموالُهُم وأَعراضُهُم إِلَّا بِحَقِّهَا، بِهَذا حَكَمَ فُقَهَاؤُنا في رَسائِلِهِمُ العَمَلِيَّةِ:

قالَ السَّيِّدُ الخُوئيُّ (قُدِّسَ سُرُّهُ) في مَسأَلَةِ 282 مِن رِسالَتِهِ العَمَلِيَّةِ المُسَمَّاة بـ "مِنهَاجِ الصَّالِحِينَ" مَا نَصُّهُ: ((يَجِبُ تَغسِيلُ كُلِّ مُسلِمٍ حتَّى المُخَالِفِ)). إِنتَهَى

 فهُنا نَجِدُ الفَتوَى قالَت بإِسلامِ المُخالِفِ؛ لأَنَّها أَوجَبَت تَغسِيلَ كُلِّ مُسلِمٍ ومِنهُمُ المُخَالِفِ.

وبِنَفسِ هذهِ الفَتوَى أَفتَى السَّيِّدُ السِّيستَانِيُّ (دَامَ ظِلُّهُ الوَارِفُ) في رِسالتِهِ المُسَمَّاة بـ "مِنهَاجِ الصَّالِحِينَ" أَيضَاً، وبِالتَّرقِيمِ ذاتِهِ، فَرَاجِعْ ثَمَّةَ.

وفي (مَسأَلَةِ 1635) جاءَ مَا نَصُّهُ: ((يُشتَرَطُ في حِلِّ الذَّبِيحَةِ بالذَّبحِ أَن يَكونَ الذَّابِحُ مُسلِماً، فلا تَحِلُّ ذَبيحَةُ الكافِرِ وإِن كانَ كِتابِيَّاً، ولا يُشتَرَطُ فيهِ الإِيمانُ فَتَحِلُّ ذَبِيحَةُ المُخَالِفِ إِذا كانَ مَحكُوماً بإِسلامِهِ على الأَقوَى، ولا تَحِلُّ إِذا كانَ مَحكُوماً بكُفرِهِ كالنَّاصِبِ والخارِجِيّ وبَعضِ أَقسَامِ الغُلاةِ)). إِنتَهَى

في هذهِ الفَتوَى .. نَجِدُ السَّيِّدَ الخُوئِيَّ قَد فَصَّلَ بَينَ المُخالِفِ المَحكُومِ بإِسلامِهِ (وهُو السُّنِّيُّ غَيرُ النَّاصِبِيِّ) فَقَالَ بِحِلِّيَّةِ ذَبِيحَتِهِ، وبَينَ المُخالِفِ المَحكُومِ بِكُفرِهِ (وهُو النَّاصِبِيُّ المُبغِضُ لأَهلِ البَيتِ ﴿عَلَيهِمُ السَّلَامُ﴾، والخارِجيُّ وبَعضُ أَقسامِ الغُلاةِ) فَقَالَ بحُرمَةِ ذَبِيحَتِهِ!!!

 وفي كِتابِ التِّجارةِ مِنَ المِنهاجِ (مَسألةِ 37)، جاءَ ما نَصُّهُ: ((ما يَأخُذُهُ السُّلطانُ المُخالِفُ المُدَّعِي لِلخِلافةِ العَامَّةِ مِنَ الضَّرائِبِ المَجعُولَةِ على الأَراضِي والأَشجارِ والنَّخيلِ يَجُوزُ شِراؤُهُ وأَخذُهُ مِنهُ مَجَّاناً (إِلى أَن يَقولَ): وفي جَرَيانِ الحُكمِ المَذكُورِ فيمَا يَأخذُهُ السُّلطانُ المُسلِمُ المُؤَالِفُ أَوِ المُخالِفُ الَّذي لا يَدَّعِي الخِلافَةَ العامَّةَ، أَوِ الكافِرُ إِشكَالٌ)). إِنتَهَى

وهُنا نَجِدُهُ (قُدِّسَ سِرُّهُ) قَد أَطلَقَ بِشكلٍ صَريحٍ ووَاضِحٍ صِفَةَ المُسلِمِ على السُّلطانِ المُخالِفِ، أَيِ الحاكِمِ السُّنِّيّ.

يَبقَى ما الدَّليلُ على هَذا الحُكمِ الفِقهِيِّ لِفُقَهاءِ الإِمامِيَّةِ على المُخالِفِينَ لَهُم بالإِسلامِ فهَذا مَحِلُّهُ كُتُبُهُمُ الإِستِدلالِيَّةُ ومَوسُوعاتُهُمُ الفِقهِيَّةُ الَّتي لا يَسَعُ المَجالُ لِبَيانِها كُلِّها هُنا، ولكِن على سَبيلِ المِثالِ نُرشِدُكُم إِلى المَوسُوعةِ الفِقهِيَّةِ "مُستَمسَكُ العُروَةُ الوُثقَى" لِلسَّيِّدِ مُحسِنِ الحَكِيمِ (قُدِّسَ سِرُّهُ) ج1 ص 392.

 أَمًّا الحُكمُ الأُخرَوِيُّ لِمَن لا يُؤمِنُ بإِمامةِ الأَئِمَّةِ الٱثنَي عَشَرَ مِن إِمامَةِ أَهلِ البَيتِ ﴿عَلَيهِمُ السَّلَامُ﴾ فهُم على أَصنافٍ: فبَعضُهُم يَكونُ قاصِراً في الوُصُولِ إِلى الحَقِّ؛ بِسبَبِ جَهلٍ مَحضٍ أَو شُبُهاتٍ قَوِيَّةٍ مَنَعَتهُ مِنَ الوُصُولِ إِلى الحَقِّ وهُو لا يَملِكُ القُدرةَ على رَدِّهَا فهَذا أَمرُهُ مَوكُولٌ إِلى ٱللهِ سُبحانَهُ، وهُناكَ رُواياتٌ عِندَنا تُشيرُ إِلى أَنَّ ٱللهَ سُبحانَهُ يَعفُو عَن هَذا الصِّنفِ.

وهُناكَ صِنفٌ آخَرُ لهُ القُدرةُ على مُراجَعَةِ الأَدِّلَةِ ومَعرفَةِ الحَقائِقِ والوُصُولِ إِلى الحَقِيقةِ في المَوضُوعِ، لكِنَّهُ تَمَاهَلَ وفَرَّطَ في المَوضُوعِ فمِثلُ هَذا الصِّنفِ يُطلَقُ عَلَيهِ جَاهِلٌ مُقَصِّرٌ، ويُحاسِبُهُ ٱللهُ سُبحَانَهُ على تَقصِيرِهِ هَذا.

وهُناكَ صِنفٌ ثالِثٌ قَرَأَ الأَدِّلَةَ وٱطَّلَعَ عَلَيها وعَرَفَ الحَقِيقةَ بِشَكلٍ عِلمِيٍّ ومَوضُوعِيٍّ ولكِن غَلَبَهُ الهَوَى والعَصَبِيَّةُ في البَقاءِ على مَا هُو عَلَيهِ، فهَذا يُسَمَّى جاحِدٌ كمَا يَصِفُ الحَقُّ سُبحانَهُ أَمثالُهُ في القُرآنِ الكَريمِ: ﴿وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوّاً﴾ النَّملُ: 14، وهَذا الصِّنفُ مَأواهُ النارُ بِلا كَلامٍ ونِزاعٍ.

أَمَّا ما هُو الدَّليلُ على لُزُومِ الإِيمانِ بإِمامةِ الأَئِمَّةِ الٱثنَي عَشَرَ مِن أَهلِ البَيتِ (عَلَيهِمُ السَّلامُ) فهُناكَ بَحثٌ مُفَصَّلٌ عِندَنا نَشَرنَاهُ ضِمنَ المَقالاتِ على مَوقِعَنا تَحتَ عُنوَانٍ: مَبحَثٌ حَولَ الفِرقَةِ النَّاجيَةِ.

ودُمتُم سَالِمِينَ