مَعْنَى صِفَاتِهِ عَيْنُ ذَاتِهِ.

جَوَادٌ/: سَلَامٌ عَلَيْكُمْ إِخْوَتِي فِي مَرْكَزِ الرَّصْدِ العَقَائِدِيِّ أَرْجُو أَنْ تَشْرَحُوا لِي هَذِهِ الجُمْلَةَ: (صِفَاتُهُ عَيْنُ ذَاتِهِ)، وَشُكْرَاً لَكُمْ.

: اللجنة العلمية

الأَخُ جَوَادٌ المُحْتَرَمُ، عَلَيْكُمُ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ، 

المقْصُوْدُ مِنْ هَذَا التَّعْبِيْرِ فِي صِفَاتِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّهُ لَا تُوْجَدُ اِثْنَيْنِيَّةٌ بَيْنَ الذَّاتِ وَالصِّفَاتِ، كَمَا فِي صِفَاتِنَا مَثَلَاً، فَنَحْنُ البَشَرُ تُوْجَدُ اِثْنَيْنِيَّةٌ بَيْنَ ذَوَاتِنَا وَصِفَاتِنَا، فَذَوَاتُنَا غَيْرُ صِفَاتِنَا، فَمَثَلَاً الإِنْسَانُ كَذَاتٍ يُوْلَدُ جَاهِلَاً ثُمَّ تَطْرَأُ عَلَيْهِ صِفَةُ العِلْمِ، وَيُوْلَدُ عَاجِزَاً ثُمَّ تَطْرَأُ عَلَيْهِ صِفَةُ القُدْرَةِ، فَذَوَاتُنَا غَيْرُ صِفَاتِنَا، أَمَّا صِفَاتُهُ سُبْحَانَهُ فَلَا تُوْجَدُ هَذِهِ الاِثْنَيْنِيَّةُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الذَّاتِ، فَلَا تَكُوْنُ الذَّاتُ الإِلَهِيَّةُ جَاهِلَةً -حَاشَا للهِ- ثُمَّ تَطْرَأُ عَلَيْهَا صِفَةُ العِلْمِ، أَوْ تَكُوْنُ عَاجِزَةً ثُمَّ تَطْرَأُ عَلَيْهَا صِفَةُ القُدْرَةِ، بَلْ صِفَاتُهُ هِيَ عَيْنُ ذَاتِهِ، فَهُوَ سُبْحَانَهُ عَالِمٌ مِنْ حَيْثُ هُوَ قَادِرٌ، وَهُوَ قَادِرٌ مِنْ حَيْثُ هُوَ عَالِمٌ، وَهُوَ سَمِيْعٌ مِنْ حَيْثُ هُوَ بَصِيْرٌ، وَهُوَ بَصِيْرٌ مِنْ حَيْثُ هُوَ سَمِيْعٌ، وَهَكَذَا فِي كُلِّ صِفَاتِ الذَّاتِ، فَذَاتُهُ وَصِفَاتُهُ أَمْرٌ وَاحِدٌ، وَلَا يُوْجَدُ سَبْقٌ وَانْفِصَالٌ لِلذَّاتِ الإِلَهِيَّةِ عَنِ الصِّفَاتِ الذَّاتِيَّةِ الَّتِي هِيَ: الحَيَاةُ وَالعِلْمُ وَالسَّمْعُ وَالبَصَرُ وَالقُدْرَةُ وَنَحْوُهَا.

قَالَ الإِمَامُ جَعْفَرٌ بنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): "لَمْ يَزَلِ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ رَبَّنَا وَالعِلْمُ ذَاتُهُ وَلَا مَعْلُوْمَ، وَالسَّمْعُ ذَاتُهُ وَلَا مَسْمُوْعَ، وَالبَصَرُ ذَاتُهُ وَلَا مُبْصِرَ، وَالقُدْرَةُ ذَاتُهُ وَلَا مَقْدُوْرَ، فَلَمَّا أَحْدَثَ الأَشْيَاءَ وَكَانَ المَعْلُوْمُ، وَقَعَ العِلْمُ مِنْهُ عَلَى المَعْلُوْمِ، وَالسَّمْعُ عَلَى المَسْمُوْعِ، وَالبَصَرُ عَلَى المُبْصِرِ، وَالقُدْرَةُ عَلَى المَقْدُوْرِ". [الكافي 1: 107].

وَيُقَابِلُ هَذَا القَوْلَ قَوْلُ الأَشَاعِرَةِ الَّذِيْنَ قَالُوا بِزِيَادَةِ الصِّفَاتِ عَلَى الذَّاتِ وَقِدَمِ الصِّفَاتِ، فَانْتَهَوا بِقَوْلِهِمْ هَذَا إِلَى وُجُوْدِ قُدَمَاءَ مَعَ الذَّاتِ الإِلَهِيَّةِ وَهِيَ الصِّفَاتُ فَضَاهَوا بِقَوْلِهِمْ هَذَا قَوْلَ النَّصَارَى الَّذِيْنَ قَالُوا بِالقُدَمَاءِ الثَّلَاثَةِ، وَمِن هُنَا قَالَ الفَخْرُ الرَّازِيُّ فِي مَقَامِ رَدِّهِ عَلَى قَوْلِ الأَشَاعِرَةِ هَذَا: "إِنَّ النَّصَارَى كَفَرُوا لِأَنَّهُمْ أَثْبَتُوا قُدَمَاءَ ثَلَاثَةً، وَأَصْحَابُنَا أَثْبَتُوا تِسْعَةَ قُدَمَاءٍ، الذَّاتُ وَثَمَانِي صِفَاتٍ!".[الرِّسَالَةُ السَّعْدِيَّةُ، لِلْعَلَّامَةِ الحِلِّيِّ، ص51].

وَدُمْتُمْ سَالِمِيْنَ.