صيحة جبرئيل عند ضرب الامام علي (ع): تهدَّمت واللهِ أركانُ الهدى.

حسين / العراق : هل صاح جبرئيلُ عند ضرب أمير المؤمنين عليٍّ عليه السلام : تهدَّمت واللهِ أركانُ الهدى ؟!

: اللجنة العلمية

الاخ حسين المحترم, السلام عليكم ورحمة الله وبركاته 

 تعرّض الشيخ المجلسي ( رحمه الله ) في " بحار الأنوار " إلى ذكر الروايات التي تناولت حادثة مقتل أمير المؤمنين عليٍّ ( عليه السلام ) ، وبعد أن أشار إلى بعضها ، صرّح قائلا : (والرواية الصحيحة أنه بات [ أي عبد الرحمن بن ملجم ] في المسجد ومعه رجلان : أحدهما شبيب بن بحيرة, والآخر وردان بن مجالد ، يساعدانه على قتل عليٍّ عليه السلام ، فلما أذَّنَ عليه السلام ونزل من المئذنة وجعل يسبّحُ الله ويقدّسه ويكبّره ويُكثِرُ من الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله ، قال الراوي : وكان من كرمِ أخلاقِهِ عليه السلام أنه يتفقد النائمين في المسجد ويقول للنائم : الصلاة يرحمك الله الصلاة ، قم إلى الصلاة المكتوبة عليك ، ثم يتلو عليه السلام : " إنَّ الصَّلاةَ تنهى عن الفَحْشَاءِ والمُنْكَر " ففعل ذلك كما كان يفعله على مجاري عادته مع النائمين في المسجد ، حتى إذا بلغ إلى الملعونِ فرآه نائماً على وجهه قال له : يا هذا, قُمْ من نومِكَ هذا فإنَّها نومَةٌ يُمقِتُها الله ، وهي نومَةُ الشيطانِ ونَوْمَةُ أهلِ النَّارِ ، بل نَمْ على يميِنِك فإنَّها نَوْمَةُ العلماءِ أو على يسارِك فإنَّها نَوْمَةُ الحكماء ، ولا تَنَمْ على ظهرِكَ فإنها نَوْمَةُ الأنبياء .

قال : فتحرك الملعون كأنه يريد أن يقوم وهو من مكانه لا يبرح فقال له أمير المؤمنين عليه السلام : لقد هممت بشيءٍ تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا، ولو شئتُ لأنبأتك بما تحت ثيابك ، ثم تركه وعَدَلَ عنه إلى محرابه ، وقام قائماً يصلي ، وكان عليه السلام يطيلُ الرُّكُوعَ والسّجُودَ في الصلاة كعادته في الفرائض والنوافل حاضرا قلبه ، فلما أحسَّ به نهض الملعون مسرعا وأقبل يمشي حتى وقف بإزاء الأسطوانة التي كان الإمام عليه السلام يصلي عليها ، فأمهله حتى صلى الركعة الأولى وركع وسجد السجدة الأولى منها ورفع رأسه ، فعند ذلك أخذ السيف وهزَّه ، ثم ضربه على رأسه المُكرَّم الشريف ، فوقعت الضربة على الضربة التي ضربه عمرو بن عبد ود العامري ، ثم أخذت الضربة إلى مفرق رأسه إلى موضع السجود ، فلما أحسَّ الامام بالضرب لم يتأوَّه وصبر واحتسب ، ووقع على وجهه وليس عنده أحدٌ قائلا : بسم الله وبالله وعلى ملة رسول الله ، ثم صاح وقال : قتلني ابن ملجم قتلني اللعين ابن اليهودية وربِّ الكعبة ، أيُّها النَّاسُ لا يفوتنَّكم ابن ملجم ، وسرى السم في رأسه وبدنه, وثار جميع من في المسجد في طلب الملعون ، وماجوا بالسلاح فما كنت أرى إلا صفق الأيدي على الهامات وعلوَّ الصرخات ، وكان ابن ملجم خائفا مرعوبا ، ثم ولى هاربا وخرج من المسجد ، وأحاط الناس بأمير المؤمنين عليه السلام وهو في محرابه يشد الضربة ويأخذ التراب ويضعه عليها ، ثم تلا قوله تعالى : " مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى " ثم قال عليه السلام : جاء أمر الله وصدق رسول الله صلى الله عليه وآله ثم إنه لما ضربه الملعون ارتجت الأرض وماجت البحار والسماوات ، واصطفقت أبواب الجامع ، قال : وضربه اللعين شبيب بن بجرة فأخطأه ووقعت الضربة في الطاق .

قال الراوي : فلما سمع الناس الضجة ثار إليه كلُّ من كان في المسجد ، وصاروا يدورون ولا يدرون أين يذهبون من شدة الصدمة والدهشة ، ثم أحاطوا بأمير المؤمنين عليه السلام وهو يشد رأسه بمئزره ، والدم يجري على وجهه ولحيته ، وقد خضبت بدمائه وهو يقول : هذا ما وعد الله ورسوله, وصدق الله ورسوله .

قال الراوي : فاصطفقت أبواب الجامع ، وضجت الملائكة في السماء بالدعاء ، وهبَّتْ ريحٌ عاصفٌ سوداء مظلمة ، ونادى جبرئيل عليه السلام بين السماء والأرض بصوت يسمعه كل مستيقظ : " تهدمت والله أركان الهدى ، وانطمست والله نجوم السماء وأعلام التقى ، وانفصمت والله العروة الوثقى ، قُتِلَ ابن عم محمد المصطفى ، قُتِلَ الوصي المجتبى ، قُتِلَ علي المرتضى ، قُتِلَ والله سيد الأوصياء ، قتله أشقى الأشقياء ") . انتهى [ بحار الأنوار 42 : 279]

  ودمتم سالمين