لِماذا سُمِّيَتْ ليلةُ القَدْرِ بِهذَا الاِسم؟!

مالِك / بَغداد : السَّلامُ عليكُم إخوَتِي .. لِماذا سُمِّيتْ ليلَةُ القدْرِ بليلَةِ القَدر؟!!

: اللجنة العلمية

الأخُ مالِكٌ المُحترمُ، عليكمُ السَّلامُ ورحمةُ اللهِ وبركاتُه 

القَدْرُ فِي اللُّغةِ: مَصدَرُ: قَدَرَ يَقُدُرُ قَدَرَاً، عِبارَةٌ عمَّا قضاهُ اللهُ وحكمَ بهِ مِنَ الأمورِ. [النِّهايَةُ فِي غريبِ الحَديثِ، اِبنُ الأثيرِ ، ج4 ص 22].

وفِي رواياتِ أهلِ البيتِ (عليهِمُ السَّلام) سُمِّيتْ ليلةُ القَدْرِ بهذَا الاِسمِ لأنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ قدَّرَ فِيهَا مَا هوَ كائِنٌ إلى يَومِ القيامَةِ، ففِي "معانِي الأخبَارِ"  للصَّدوقِ عليهِ الرَّحمةُ: عنِ الأصبغِ بنِ نَباتةَ عَنْ عليٍّ بنِ أبِي طالبٍ عليهِ السَّلامُ قالَ: قالَ لِي رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وآلهِ: يَا عليُّ أتَدرِي مَا معنَى ليلَةِ القَدْرِ؟

فقُلتُ: لَا يَا رَسولَ اللهِ، فقالَ صلَّى اللهُ عليهِ وآلهِ: إنَّ اللهَ تباركَ وتعالَى قَدَّرَ فِيهَا مَا هوَ كائنٌ إلَى يومِ القيَامَةِ فكانَ فيمَا قَدَّرَ عزَّ وجلَّ ولايتَكَ وولايَةَ الأئمَّةِ مِنْ ولدِكَ إلى يَومِ القيَامةِ. [مَعانِي الأخبارِ : 315]. 

وفِي "عِللِ الشَّرائعِ" للصَّدوقِ أيْضَاً أنَّهَا سُمِّيَتْ بذلكَ لأنَّ فيهَا يَتِمُّ تَقديرُ مَا يَكونُ فِي السَّنةِ مِنْ خيرٍ وشرٍ.. ففِي حديثٍ طويلٍ عَنْ أميرِ المؤمنينَ عليٍّ (عليهِ السَّلامُ) عَن عِللِ الشَّرائِعِ وأصولِ الإسلامِ، قالَ: ْ فَإِنْ قِيلَ: فَلِمَ جُعِلَ الصَّوْمُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ خَاصَّةً دُونَ سَائِرِ الشُّهُورِ قِيلَ لِأَنَّ شَهْرَ رَمَضَانَ هُوَ الشَّهْرُ الَّذِي أَنْزَلَ اللهُ فِيهِ الْقُرْآنَ وَ فِيهِ فَرَّقَ اللهُ بَيْنَ أَهْلِ الْحَقِّ وَ الْبَاطِلِ كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَ بَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى‏ وَ الْفُرْقان وَ فِيهِ نُبِّئَ مُحَمَّدٌ وَ فِيهِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ الَّتِي هِيَ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ وَ فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ وَ هُوَ رَأْسُ السَّنَةِ وَ يُقَدَّرُ فِيهَا مَا يَكُونُ فِي السَّنَةِ مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ أَوْ مَضَرَّةٍ أَوْ مَنْفَعَةٍ أَوْ رِزْقٍ أَوْ أَجَلٍ وَ لِذَلِكَ سُمِّيَتْ لَيْلَةَ الْقَدْر [ عِللُ الشّرائع 1: 270]>

وفِي ليلةِ القَدرِ تأتِي الأوامِرُ للنَّبيِّ أوِ الوَصيِّ بأنْ اِعمَلْ كَذا وكَذا.. فقَدْ روَى الكُلينيُّ (قُدِّسَ سِرُّهُ) فِي "الكافِي": قَالَ: وَ قَالَ رَجُلٌ لِأَبِي جَعْفَرٍ ع يَا ابْنَ رَسُولِ اللهِ لَا تَغْضَبُ عَلَيَّ قَالَ لِمَاذا قَالَ لِمَا أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَكَ عَنْهُ قَالَ قُلْ قَالَ وَ لَا تَغْضَبُ قَالَ وَ لَا أَغْضَبُ قَالَ أَ رَأَيْتَ قَوْلَكَ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَ تَنَزُّلِ الْمَلَائِكَةِ وَ الرُّوحِ فِيهَا إِلَى الْأَوْصِيَاءِ يَأْتُونَهُمْ بِأَمْرٍ لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللهِ ص قَدْ عَلِمَهُ أَوْ يَأْتُونَهُمْ بِأَمْرٍ كَانَ رَسُولُ اللهِ ص يَعْلَمُهُ وَ قَدْ عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ص مَاتَ وَ لَيْسَ مِنْ عِلْمِهِ شَيْ‏ءٌ إِلَّا وَ عَلِيٌّ ع لَهُ وَاعٍ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع مَا لِي وَ لَكَ أَيُّهَا الرَّجُلُ وَ مَنْ أَدْخَلَكَ عَلَيَّ قَالَ أَدْخَلَنِي عَلَيْكَ الْقَضَاءُ لِطَلَبِ الدِّينِ قَالَ فَافْهَمْ مَا أَقُولُ لَكَ إِنَّ رَسُولَ اللهِ ص لَمَّا أُسْرِيَ بِهِ لَمْ يَهْبِطْ حَتَّى أَعْلَمَهُ اللهُ جَلَّ ذِكْرُهُ عِلْمَ مَا قَدْ كَانَ وَ مَا سَيَكُونُ وَ كَانَ كَثِيرٌ مِنْ عِلْمِهِ ذَلِكَ جُمَلًا يَأْتِي تَفْسِيرُهَا فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَ كَذَلِكَ كَانَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ع قَدْ عَلِمَ جُمَلَ الْعِلْمِ وَ يَأْتِي تَفْسِيرُهُ فِي لَيَالِي الْقَدْرِ كَمَا كَانَ مَعَ رَسُولِ اللهِ ص قَالَ السَّائِلُ أَ وَ مَا كَانَ فِي الْجُمَلِ تَفْسِيرٌ قَالَ بَلَى وَ لَكِنَّهُ إِنَّمَا يَأْتِي بِالْأَمْرِ مِنَ اللهِ تَعَالَى فِي لَيَالِي الْقَدْرِ إِلَى النَّبِيِّ وَ إِلَى الْأَوْصِيَاءِ افْعَلْ كَذَا وَ كَذَا لِأَمْرٍ قَدْ كَانُوا عَلِمُوهُ أُمِرُوا كَيْفَ يَعْمَلُونَ فِيهِ قُلْتُ فَسِّرْ لِي هَذَا قَالَ لَمْ يَمُتْ رَسُولُ اللهِ ص إِلَّا حَافِظاً لِجُمْلَةِ الْعِلْمِ وَ تَفْسِيرِهِ قُلْتُ فَالَّذِي كَانَ يَأْتِيهِ فِي لَيَالِي الْقَدْرِ عِلْمُ مَا هُوَ قَالَ الْأَمْرُ وَ الْيُسْرُ فِيمَا كَانَ قَدْ عَلِمَ قَالَ السَّائِلُ فَمَا يَحْدُثُ لَهُمْ فِي لَيَالِي الْقَدْرِ عِلْمٌ سِوَى مَا عَلِمُوا قَالَ هَذَا مِمَّا أُمِرُوا بِكِتْمَانِهِ وَ لَا يَعْلَمُ تَفْسِيرَ مَا سَأَلْتَ عَنْهُ إِلَّا اللهُ عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ السَّائِلُ فَهَلْ يَعْلَمُ الْأَوْصِيَاءُ مَا لَا يَعْلَمُ الْأَنْبِيَاءُ قَالَ لَا وَ كَيْفَ يَعْلَمُ وَصِيٌّ غَيْرَ عِلْمِ مَا أُوصِيَ إِلَيْهِ قَالَ السَّائِلُ فَهَلْ يَسَعُنَا أَنْ نَقُولَ إِنَّ أَحَداً مِنَ الْوُصَاةِ يَعْلَمُ مَا لَا يَعْلَمُ الْآخَرُ قَالَ لَا لَمْ يَمُتْ نَبِيٌّ إِلَّا وَ عِلْمُهُ فِي جَوْفِ وَصِيِّهِ وَ إِنَّمَا تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَ الرُّوحُ‏ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ بِالْحُكْمِ الَّذِي يَحْكُمُ بِهِ بَيْنَ الْعِبَادِ قَالَ السَّائِلُ وَ مَا كَانُوا عَلِمُوا ذَلِكَ الْحُكْمَ قَالَ بَلَى قَدْ عَلِمُوهُ وَ لَكِنَّهُمْ لَا يَسْتَطِيعُونَ إِمْضَاءَ شَيْ‏ءٍ مِنْهُ حَتَّى يُؤْمَرُوا فِي لَيَالِي الْقَدْرِ كَيْفَ يَصْنَعُونَ إِلَى السَّنَةِ الْمُقْبِلَةِ قَالَ السَّائِلُ يَا أَبَا جَعْفَرٍ لَا أَسْتَطِيعُ إِنْكَارَ هَذَا قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع مَنْ أَنْكَرَهُ فَلَيْسَ مِنَّا قَالَ السَّائِلُ يَا أَبَا جَعْفَرٍ أَ رَأَيْتَ النَّبِيَّ ص هَلْ كَانَ يَأْتِيهِ فِي لَيَالِي الْقَدْرِ شَيْ‏ءٌ لَمْ يَكُنْ عَلِمَهُ قَالَ لَا يَحِلُّ لَكَ أَنْ تَسْأَلَ عَنْ هَذَا أَمَّا عِلْمُ مَا كَانَ وَ مَا سَيَكُونُ فَلَيْسَ يَمُوتُ نَبِيٌّ وَ لَا وَصِيٌّ إِلَّا وَ الْوَصِيُّ الَّذِي بَعْدَهُ يَعْلَمُهُ أَمَّا هَذَا الْعِلْمُ الَّذِي تَسْأَلُ عَنْهُ فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَبَى أَنْ يُطْلِعَ الْأَوْصِيَاءَ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ قَالَ السَّائِلُ يَا ابْنَ رَسُولِ اللهِ كَيْفَ أَعْرِفُ أَنَّ لَيْلَةَ الْقَدْرِ تَكُونُ فِي كُلِّ سَنَةٍ قَالَ إِذَا أَتَى شَهْرُ رَمَضَانَ فَاقْرَأْ سُورَةَ الدُّخَانِ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِائَةَ مَرَّةٍ فَإِذَا أَتَتْ لَيْلَةُ ثَلَاثٍ وَ عِشْرِينَ فَإِنَّكَ نَاظِرٌ إِلَى تَصْدِيقِ الَّذِي  سَأَلْتَ عَنْهُ. اِنتهى [الكافي 1: 251 بابٌ فِي شأنِ (إنَّا أنزلنَاهُ فِي ليلَةِ القدرِ)، الحَديثُ الثَّامنُ]. 

ودُمتُم سالِمينَ.