هَلْ قطعُ أهلُ العقائدِ الباطلةِ بمُعتقداتِهِمْ مُبرِءٌ للذِّمَّةِ؟!!

منتظر الموسوي: السَّلامُ عليكم .. هَلْ قَطعُ أصحابِ العقائدِ الباطلةِ بمُعتقداتهِمْ مُبرءٌ للذِّمَّةِ؟

: اللجنة العلمية

الأخُ مُنتظرٌ المُحترمُ، عليكمُ السَّلامُ ورحمةُ اللهِ وبركاتُه 

لا يَكونُ قطعُ أهلِ العقائدِ الباطلةِ بمعتقداتِهِمْ مُبرِئاً للذِّمَّةِ لأنَّهَا مُخالِفةٌ للواقِعِ، وقَدْ صرَّحَ الأصوليُّونَ بأنَّ الاِمتناعَ بسوءِ الإختيارِ لا يُنافِي الإختيارَ عِقابَاً وإنْ كانَ يُنافيهِ خِطابَاً، وإليكَ البيانَ: 

منَ المعلومِ أنَّ القطعَ المُبرءَ للذِّمَّةِ هوَ ذلكَ القَطعُ الَّذِي تَكونُ مناشئُهُ عُقلائيَّةً وموضوعيَّةً ومحلَّ قبولٍ مِنَ الجَميعِ كمَا فِي الحصولِ عَلى القَطعِ مثلاً مِنْ خِلالِ التَّواتُرِ وذلكَ بتتبُّعِ الطَّبقاتِ النَّاقلةِ للخَبرِ وتطبيقِ ضَوابطِ التَّواتُرِ عليهَا مِنْ حيثُ الكمِّ والكيفِ وبَعدَ الاطمئنانِ بمُطابقةِ النَّقلِ للضَّوابطِ يُمكنُ للإنسانِ أنْ يَقطعَ بثبوتِ الخبرِ وأنَّهُ واقعٌ وحاصلٌ فِعلاً، وعلى سبيلِ المِثالِ قولُ النَّبيِّ (صلَّى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلَّمَ): (مَنْ كنتُ مولاهُ فهذا عليٌّ مولاهُ)، فقَدْ حكمَ بتواترهِ الكثيرُ مِنْ علماءِ أهلِ السُّنَّةِ لِمَا وجودُهُ مِنَ النَّقلِ المُتضافِرِ لهُ عَنِ الكثيرِ منَ الصَّحابةِ إلى الكثيرِ منَ التَّابعينَ إلى الكثيرِ مِنْ تابعِي التَّابعينَ ثُمَّ المُحدِّثينَ ثُمَّ المؤلّفينَ والمُصنِّفينَ فقالوا أنَّ الحديثَ المذكورَ هوَ حديثٌ متواترٌ ولا شكَّ ولا ريبَ فِي صُدورِهِ لتضافُرِ الطَّبقاتِ على نقلِهِ طبقةً بعدَ طبقةٍ. 

وهذا بِخلافِهِ فِي النَّقلِ الَّذِي لا يَكونُ بهذِهِ المثابَةِ، بَلِ النَّاقلونَ لهُ فِئةٌ قليلةٌ إلى فِئَةٍ قليلةٍ، فمِثلُ هذَا الخبرِ لا يُفيدُ القَطعَ بَلْ يُفيدُ الظَّنَّ، وإذَا كانَ ناقلوهُ مِنَ الثِّقاتِ أفادَ الظَّنَّ المُعتبرَ لا أكثرَ، ومنَ المعلومِ فِي بابِ العقائدِ إشتراطُ القطعِ فِي العقيدةِ وعدمُ التَّعويلِ على الظَّنِّ حتَّى لَو كانَ مُعتبرَاً؛ لأنَّ العقائدَ أمورٌ جوانحيَّةٌ قلبيَّةٌ متعلَّقُهَا إمَّا الإيمانَ أو عدمُ الإيمانِ، والإيمانُ لا يكونُ إلَّا عَنْ قطعٍ ويقينٍ ولا مجالَ للشَّكِّ والظَّنِّ فيهِ، وعليهِ فمَنْ يَستفيدُ القَطعَ بصحَّةِ مُعتقدِهِ مِنْ خلالِ أخبارٍ ظنيَّةٍ لَا يُقبَلُ منهُ؛ لأنَّ أخبارَ الآحادِ لا تُفيدُ العِلمَ والقَطعَ، وإحتمالُ مُخالفةِ الواقعِ وارِدٌ فِي حقِّهَا، وسوء الاختيار في مثل هكذا قطع بسبب الاعتماد على أخبار الاحاد لا يمنع عن الإنسان التعرض للعقاب الإلهي، فهو من اختار الطريق غير المعتبر لقطعه وعليه أن يتحمل تبعات اختياره. 

ودمتُمْ سالِمينَ.