هَل تُوجدُ رِوايةٌ أنَّ اللهَ يَقولُ لِملَكِ المَوتِ مُتْ فَيموت ؟!!

أبو محمّد السعدي: السَّلامُ عليكُمْ شيخَنَا الفَاضل .. أُستاذَنَا الفاضلَ هَلْ هُناكَ مُستندٌ مِنْ رِوايَةٍ أو حَديثٍ فِي أنَّ اللهَ تَعالَى بَعدَ إكتِمَالِ مَوتِ سُكَّانِ السَّمواتِ والأرضِ يَقولُ لمَلَكِ المِوتِ مُتْ فَيمُوتُ؟

: اللجنة العلمية

الأخُ أبُو مُحمَّدٍ المُحترمُ، السَّلامُ عَليكُمْ ورَحمةُ اللهِ وَبَركاتُه.

جَاءَ فِي صَحيحَةِ يعقوبَ الأحمرَ، قَالَ: (دَخَلْنَا عَلَى أَبِي عَبْدِ اللهِ ع نُعَزِّيه بِإِسْمَاعِيلَ فَتَرَحَّمَ عَلَيْه ثُمَّ قَالَ: إِنَّ اللهَ عَزَّ وجَلَّ نَعَى إِلَى نَبِيِّه (صَلَّى اللهُ عَليهِ وآلِهِ) نَفْسَه فَقَالَ: * ( إِنَّكَ مَيِّتتٌ وإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ) * وقَالَ: * ( كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ ) *، ثُمَّ أَنْشَأَ يُحَدِّثُ فَقَالَ: إِنَّه يَمُوتُ أَهْلُ الأَرْضِ حَتَّى لَا يَبْقَى أَحَدٌ ثُمَّ يَمُوتُ أَهْلُ السَّمَاءِ حَتَّى لَا يَبْقَى أَحَدٌ إِلَّا مَلَكُ الْمَوْتِ وحَمَلَةُ الْعَررْشِ وجَبْرَئِيلُ ومِيكَائِيلُ (عليهِمُ السَّلام) قَالَ: فَيَجِيءُ مَلَكُ الْمَوْتِ ع حَتَّى يَقُومَ بَيْنَ يَدَيِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ فَيُقَالُ لَه: مَنْ بَقِيَ وهُوَ أَعْلَمُ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ لَمْ يَبْقَ إِلَّا مَلَكُ الْمَوْتِ وحَمَلَةُ الْعَرْشِ وجَبْرَئِيلُ ومِيكَائِيلُ (عليهِمُ السَّلام) فَيُقالُ لَه: قُلْ لِجَبْرَئِيلَ ومِيكَائِيلَ فَلْيَمُوتَا فَتَقُولُ الْمَلَائِكَةُ عِنْدَ ذَلِكَ: يَا رَبِّ رَسُولَيْكَ وأَمِينَيْكَ فَيَقُولُ: إِنِّي قَدْ قَضَيْتُ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ فِيهَا الرُّوحُ الْمَوْتَ ثُمَّ يَجِيءُ مَلَكُ  الْمَوْتِ حَتَّى يَقِفَ بَيْنَ يَدَيِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ فَيُقالُ لَه: مَنْ بَقِيَ وهُوَ أَعْلَمُ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ لَمْ يَبْقَ إِلَّا مَلَكُ الْمَوْتِ وحَمَلَةُ الْعَرْشِ فَيَقُولُ: قُلْ لِحَمَلَةِ الْعَرْشِ فَلْيَمُوتُوا قَالَ: ثُمَّ يَجِيءُ كَئِيباً حَزِيناً لَا  يَرْفَعُ طَرْفَه فَيُقالُ: مَنْ بَقِيَ؟ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ لَمْ يَبْقَ إِلَّا مَلَكُ الْمَوْتِ. فَيُقَالُ لَه: مُتْ يَا مَلَكَ الْممَوْتِ فَيَمُوتُ ثُمَّ يَأْخُذُ الأَرْضَ بِيَمِينِه والسَّمَاوَاتِ بِيَمِينِه ويَقُولُ أَيْنَ الَّذِينَ كَانُوا يَدْعُونَ مَعِي شَرِيكاً؟ أَيْنَ الَّذِينَ كَانُوا يَجْعَلُونَ مَعِي إِلَهاً آخَرَ ؟ ) . إنتهى [ الكَافِي 3: 256،  مِرآةُ العُقولِ 14 : 254 ].

وفِي مَرويَّاتِ أهلِ السُّنَّةِ: رَوى أحمدُ فِي مُسندِهِ والطَّبرانيُّ والحَاكِمُ وغَيرُهُ عَن لقيطٍ بنِ عَامرٍ فِي حديثٍ طَويلٍ أنَّ رَسولَ اللهِ (صَلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ) قالَ: (تَلبِثُونَ مَا لبثتُمْ ثُمَّ يُتوفَّى نَبيُّكُمْ صَلَّى اللهُ عَليهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ تَلبثُونَ مَا لَبثتُمْ ثُمَّ تُبعَثُ الصَّائِحَةُ لَعَمرُ إلهِكَ مَا تَدَعُ عَلى ظَهرهَا مِنْ شيءٍ إلَّا مَاتَ والمَلائكةُ الَّذينَ معَ رَبِّكَ عَزَّ وَجَلَّ وأصبحَ رَبُّكَ عزَّ وجلَّ يَطيفُ فِي الأرضِ وخَلتْ عليهِ البِلادُ). إنتهى.

قَالَ الهَيثميُّ فِي "مَجمعِ الزَّوائِدِ" : (رَواهُ عبدُ اللهِ والطَّبرانيِّ بنحوهِ وأحدُ طريقيْ عبدِ اللهِ إسنادُهَا مُتّصلٌ ورِجَالُهَا ثِقاتٌ والإسنادُ الآخرُ وإسنادُ الطَّبرانيِّ مُرسلٌ عَنْ عَاصمٍ بنِ لقيطٍ إنَّ لقيطَاً). [مَجمعُ الزَّوائدِ 10 : 340].

قالَ إبنُ القيِّمِ فِي "زادِ المَعَادِ":

(وَقَولُهُ: (والملائكةُ الَّذِينَ عِندَ ربِّكَ): لَا أعلَمُ مَوتَ الملائكةِ جَاءَ فِي حديثٍ صَريحٍ إلَّا هَذا ، وَحدِيثُ الصُّورِ). إنتهَى [زادُ المَعادِ 3: 679].

أمَّا حديثُ الصُّورِ فَهوَ مَا رُويَ عنْ أبِي هُريرَةَ: (ثُمَّ يَجيءُ مَلَكُ المَوتِ إلى الجَبَّارِ، فيَقُولُ: يَا  ربِّ، قَدْ مَاتَ حَملةُ العرشِ، فيَقُولُ اللهُ وهوَ أعلمُ: مَنْ بَقيَ؟، فَيقولُ: بقيتَ أنتَ يا رَبِّ، الحيُّ الَّذي لا تَمُوتُ، وبَقيَ جِبريلُ وميكائيلُ ، وبقيتُ أنَا، فيقولُ اللهُ: فليَمُتْ جبريلُ وميكائيلُ، فيموتانِ، ويُنطِقُ اللهُ العرشَ فيقولُ: يا ربِّ، تُميتُ جبريلَ وميكائيلَ؟ فيقولُ اللهُ لهُ: اسكُتْ، فإنِّي كتبتُ الموتَ على مَنْ تحتَ عَرشِي، ثُمَّ يَجيءُ ملَكُ المَوتِ إلَى الجَبَّارِ فَيقولُ: يا رَبِّ، ماتَ جبريلُ وميكائيلُ، فيقُولُ اللهُ وهوَ أعلمُ: فمَنْ بَقيَ؟ فيقولُ: بقيتَ أنتَ الحيُّ الَّذِي لَا تَموتُ، وبقيتُ أنَا، فيقولُ اللهُ: أنتَ خَلقٌ مِنْ خلقِي، خَلقتُكَ لِما قَدْ تَرى ، مُتْ ... ثُمَّ  قَالَ: أنَا الجَبَّارُ، ثُمَّ يُنادِي: لِمنِ المُلكُ اليَومَ؟ ثُمَّ يَردُّ عَلى نَفسِهِ: للهِ الواحِدِ القَهَّارِ، يَقولُ ذَلكَ ثُمَّ يُنادِي: ألَا مَنْ كَانَ لِي شَريكَاً فليَأتِ، فَلا يأتِيهِ أحدٌ ، قَالَ ذَلكَ ثَلاثَاً). إنتهى.

 إلَّا أنَّ الحَديثَ ضَعيفٌ، قَالَ إبنُ حَجَرٍ فِي "فَتحِ البَارِي":

(مَدارُهُ عَلى إسماعيلَ بنِ رافع: واضطّرَبَ فِي سندِهِ مَعْ ضَعفِهِ، فَرَواهُ عَنْ مُحمَّدٍ بنِ كَعبٍ القُرَظيّ تَارةً بِلا واسِطَةٍ، وتَارَةً بِواسطَةِ رَجُلٍ مُبهَمٍ، ومُحمَّدٌ عَنْ أبِي هُريرَةَ تارَةً بِلا واسطةٍ، وتارةً بواسطةِ رجلٍ منَ الأنصارِ مُبهمٍ أيضاً.

وأخرجهُ إسماعيلُ بنُ أبِي زيادٍ الشَّاميِّ أحدُ الضُّعفاءِ أيضاً فِي تَفسيرهِ عَنْ مُحمَّدٍ بنِ عَجلانٍ عَنْ مُحمَّدٍ بنِ كَعبٍ القُرظيِّ.

واعترَضَ مَغلطايُّ عَلى عبدِ الحقِّ فِي تضعيفهِ الحديثَ بإسماعيلَ بنِ رافعٍ وخفيَ عليهِ أنَّ الشَّاميَّ أضعفُ منهُ، ولعلَّهُ سرقَهُ منهُ فألصقَهُ بإبنِ عجلانَ. وقَدْ قالَ الدَّارُقطنيّ: إنَّهُ متروكٌ يضعُ الحديثَ. وقالَ الخَليليُّ: شيخٌ ضعيفٌ شحنَ تفسيرَهُ بمَا لا يُتابَعُ عليهِ.

وقالَ الحافظُ عمادُ الدِّينِ إبنُ كثيرٍ فِي حديثِ الصُّورِ: جمعَهُ إسماعيلُ بنُ رافعٍ مِنْ عِدَّةِ آثارٍ وأصلُهُ عندَهُ عَنْ أبِي هُريرَةَ فسَاقَهُ كُلَّهُ مَساقاً واحداً.

وقَد صَحَّحَ الحديثَ مِنْ طَريقِ إسماعيلَ بنِ رافعٍ القاضِي أبو بَكرٍ بنِ العربيّ فِي "سِراجِهِ" وتَبعَهُ القُرطبيُّ فِي "التَّذكرةِ" وقولُ عبدِ الحقِّ فِي تضعيفِهِ أولَى ، وضَعَّفَهُ قبلَهُ البَيهقيُّ). إنتهى.  [فَتحُ البَاري 11: 318 ].

 

ودُمتُمْ سالِمينَ.