كيفَ نُفرِّقُ بينَ النَّبيِّ الصَّادقِ ومُدعِي النُّبوَّةِ؟!!

ما هو السَّبِيلُ للتَّفرِيقِ بينَ النَّبيِّ الحَقِيقيِّ المُرسَلِ منَ اللهِ ومُدَّعِي النُّبوَّةِ الكَاذبِ؟

: اللجنة العلمية

     السَّلامُ علَيكم ورَحمةُ اللهِ وبرَكاتُه. 

     مع أنَّنا في زَمانِنا هذا لَسْنا محلَّ ابْتِلاءٍ بهذِه المَسأَلةِ؛ لِلجَزمِ بانْسِدادِ بابِ النُّبوَّةِ وخَاتميَّتِها بِالمُصطَفى مُحمدٍ (صلى الله عليه وآله وسلم)، فلا تُوجدُ نُبوَّةٌ بعدَه بِنصِّ القُرآنِ الكَريمِ الذي يقُولُ: (مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ) الأحزاب: 40، ولكنْ من بابِ البَيانِ العِلميِّ نقُولُ: تَكونُ التَّفرِقةُ بينَ النَّبيِّ الصَّادقِ ومُدَّعِي النُّبوَّةِ مِن خِلالِ المُعجِزةِ، فَالمُعجِزةُ هي الطَّرِيقُ الأنْسبُ لِتمْييزِ النَّبيِّ الصَّادقِ عن مُدَّعِي النُّبوَّةِ، بهَذا عُرِفَ أنبِياءُ اللهِ ومَيَّزتِ النَّاسُ صِدقَ دَعوَاهُم مِن كِذبِها عندَما شَاهدُوا مُعجِزاتِهم أمَامَ أعْينِهِم.

     وهذِه الآيَاتُ مِن سُورةِ الأعْرافِ تَشرَحُ لنا هذا المَوقِفَ كُلَّه مِن دَعوَى مُوسى (عليه السلام) لِلنُّبوَّةِ وتَكذِيبِ فِرعَونَ له، ثمَّ جَريَانُ التَّحدِّي بيْنَه وبينَ فِرعَونَ الذي اسْتعَانَ بالسَّحرَةِ لِكشْفِ كِذبِ مُوسى (لأنَّ الدَّعوَى أنَّ ما يأتِي به مُوسى مِن مَعاجِزَ ربَّانيةٍ هي سِحرٌ يَخدَعُ به النَّاسَ)، ثم إيمَانُ السَّحرَةِ أنْفسِهِم بِنُبُوَّةِ مُوسى لأنَّهُم أعْرفُ النَّاسِ بما يَكونُ سِحراً ولا يَكونُ كَذلِكَ، وعندَما رَأوْا المُعجِزةَ التي جاءَ بها مُوسى عَرَفُوا أنَّها لَيستْ سِحراً وأنَّها أمرٌ خَارقٌ لِلعَادةِ، وهذا لا يَصدُرُ مِن بَشَرٍ، ولا بدَّ أنْ يَكونَ هناكَ إلهٌ يَمدُّه بهذِه القُدُراتِ، فآمنُوا  على الفَورِ وخَرُّوا لِلهِ سَاجِدينَ.

     يقول تعالى: (وَقَالَ مُوسَىٰ يَا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ (104) حَقِيقٌ عَلَىٰ أَن لَّا أَقُولَ عَلَى اللهِ إِلَّا الْحَقَّ ۚ قَدْ جِئْتُكُم بِبَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرَائِيلَ (105) قَالَ إِن كُنتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِهَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (106) فَأَلْقَىٰ عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ (107) وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ (108) قَالَ الْمَلَأُ مِن قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَٰذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ (109) يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُم مِّنْ أَرْضِكُمْ ۖ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ (110) قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (111) يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ (112) وَجَاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قَالُوا إِنَّ لَنَا لَأَجْراً إِن كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ (113) قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (114) قَالُوا يَا مُوسَىٰ إِمَّا أَن تُلْقِيَ وَإِمَّا أَن نَّكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ (115) قَالَ أَلْقُوا ۖ فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ (116) وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ ۖ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ (117) فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (118) فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانقَلَبُوا صَاغِرِينَ (119) وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ (120)قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (121) رَبِّ مُوسَىٰ وَهَارُونَ (122) ). 

صدق الله العلي العظيم.

     ودُمتُم سَالِمينَ.