ما هي اللُّغةُ التي تَكلَّمَ بها آدمُ (ع)، وكيفَ تَعَدَّدتْ اللُّغَاتُ؟!!

خَادمُ العِترَةِ/: السَّلامُ علَيكم ورحَمةُ اللهِ وبركَاتُه.  سُؤالٌ يُراوِدُني دَائماً: ما هي لُغةُ سَيِّدِنا آدمُ (عليه السلام)... وكيفَ تَعدَّدتْ اللُّغَاتُ؟

: اللجنة العلمية

 الأخُ المحتَرمُ.. السَّلامُ علَيكم ورَحمةُ اللهِ وبركَاتُه. 

 بالنِّسبَةِ لِلُّغَةِ التي تَكلَّمَ بها آدمُ (عليه السلام) يُوجَدُ ثَلاثةُ آراءٍ:

 الأولُ: أنَّها لُغةٌ اشْتمَلتْ على جَمِيعِ اللُّغَاتِ، ويَستدِلُّ أصحَابُ هذا الرأيِّ بقَولِه تعَالى: (وعلَّمَ آدمَ الأسْماءَ كُلَّها) البقرة:31، فَقَالُوا: الأسمَاءُ كُلُّها يَعنِي الأشيَاءَ أو اللُّغاتِ كُلَّها.

 الثَّاني: أنَّها اللُّغَةُ العَرِبيةُ، ودَلِيلُ أصحَابِ هذا الرأيِ أنَّ آدمَ كانَ في الجنَّةِ، ومنَ الثَّابتِ أنَّ لُغةَ أهلِ الجنَّةِ هي اللُّغَةُ العَربِيةُ، فَكانَ آدمُ (عليه السلام) يَتكلَّمُ اللُّغَةَ العَربِيةَ.

 الثَّالثُ: أنَّها اللُّغَةُ السِّريَانيَّةُ، بدَعوَى أنَّ لُغةَ القُدمَاءِ منَ الأنبِيَاءِ نُوحٍ وإبراهِيمَ (عليهما السلام) كَانتْ السِّريَانيَّةَ.

وهُناكَ رأيٌ رَابعٌ ذَكرَه الشَّيخُ المُفِيدُ في كِتَابِه (الإختِصَاصُ) ص 264: (عن بَعضِهِم قَالَ: كانَ خَمسَةٌ منَ الأنبِيَاءِ سِريانيِّينَ: آدمُ وشِيثُ وإدريِسُ ونُوحٌ وإبرَاهِيمُ (عليهم السلام) وكانَ لِسَانُ آدمَ (عليه السلام) العَربِيةَ وهو لِسَانُ أهلِ الجنَّةِ، فلمَّا أنْ عَصَى ربَّه أبْدلَه بالجنَّةِ ونَعِيمِها الأرْضَ والحَرثَ وبِلسَانِ العَربِيةِ السِّريانيَّةَ، وقَالَ: كانَ خَمسَةٌ عِبرانيِّينَ: إسحَاقُ ويَعقُوبُ ومُوسَى ودَاودُ وعِيسَى (عليهم السلام) ومنَ العَربِ هُودٌ وصَالِحٌ وشُعَيبٌ وإسمَاعِيلُ ومُحمَّدٌ (عليهم السلام)). انتَهى.

 أما عن تَعدُّدِ اللُّغَاتِ فقد ذَكرَتْ بَعضُ المَرويَّاتِ بأنَّ هذا حَصلَ بعدَ طُوفَانِ نُوحٍ (عليه السلام)، حينَ أرادَ اللهُ (عزَّ وجلَّ) أنْ يَنتشِرَ الَّذينَ كَانُوا مع نُوحٍ بعدَ هُبوطِهِم للأرْضِ ويُعمِّرُوها ثَانِيةً فأنْطقَ كلَّ اثْنَينِ مِنهُما بلُغَةٍ تَختلِفُ عن الآخَرِينَ فاضْطرُّوا إلى التَّفرُّقِ والإنتِشَارِ في الأرْضِ. 

 جاءَ عن ابنِ عبَّاسٍ قَولُه: "إنَّ نُوحاً (عليه السلام) لمَّا هَبطَ إلى أسفَلِ الجُودِيِّ ابتَنَى قَريةً وسمَّاهَا "ثَمانِينَ" فأصبَحَ ذَاتَ يومٍ وقد تَبلْبلَتْ ألْسنَتُهم على ثَمانِين لُغَةً إحدَاهَا اللِّسانُ العَربيُّ، وكانَ لا يَفهَمُ بَعضُهُم بَعضاً". انتَهى [تَفسِيرُ القُرطُبي 3: 53].. واللهُ العَالِمُ.

 ودُمتُم سَالِمينَ.