العُلَمَاءُ وَدَعْوَى الإِلْحَادِ.

أَمَل/: كَيْفَ لِلمُسْلِمِينَ أَنْ يَفْتَخِرُوا بِحَضَارَةٍ لَمْ يَصْنَعُوهَا؟ بَلْ وَكَيْفَ يَصِلُ بِبَعْضِهِمْ الكَذِبُ لِدَرَجَةِ الإدِّعَاءِ أَنَّ تَشَارِيعَ وَخُرَافَاتِ الإِسْلَامِ هِيَ السَّبَبُ فِي تِلْكَ النَّهْضَةِ، فَابْنُ سِينَا، وَابْنُ رُشْدٍ، وَالفَارَابِي، وَابْنُ خَلْدُون، وَابْنُ بَطُّوطَةَ، وَعَبَّاسُ ابْنُ فِرْنَاسٍ، وَابْنُ المُقَفَّعِ، وَالمُتَنَبِّي، والمَعَرِّي، وَأَبُو بَكْرٍ الرَّازِي، وَجَابِرُ بْنُ حَيَّانَ، وَابْنُ الهَيثَمِ، وَآلَافٌ غَيْرُهُمْ مِنْ العُلَمَاءِ كُلُّهُمْ مُلْحِدُونَ، ابْحَثُوا جَيِّدًا عَنْ هَذَا الأَمْرِ وَسَتَجِدُونَ صِدْقَ مَا أَقُولُ.

: اللجنة العلمية

      حِينَ قَرَأْتُ هَذِهِ الأَحْرُفَ جَزَمْتُ أَنَّ كَاتِبَهَا لَا يَخْلُو مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ، إِمَّا مُمَازِحٌ فَكِيهٌ، أَوْ جَاهِلٌ مُتمَحنٌ.

      لِأَنَّ مَنْ قَرَأَ دِيبَاجَةَ أَيِّ كِتَابٍ مِنْ مُؤَلَّفَاتِ مَنْ ذُكِرَ يَقُولُ بِمَقَالَتِي هَذِهِ، وَلِكَيْ يَسْتَبِينَ الحَالُ لِلقَارِئِ الكَرِيمِ لَا لِكَاتِبِ هَذِهِ الأَحْرُفِ، لِأَنَّ فَحْوَى كَلَامِهِ تَمْنَعُ العَاقِلَ مِنْ تَوْجِيهِ الخِطَابِ إِلَيْهِ، وَقَدِيمًا قَالَ ابْنُ سِينَا رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لِأَحَدِ طُلَّابِهِ حِينَ سَأَلَهُ عَنْ مَسَائِلَ: (لَكَ وَمَنْ يَسْتَحِقُّ الخِطَابَ).

      أَوَّلًا: يُقَالُ: إِنَّ المُوجَبَةَ الكُلِّيَّةَ نَقِيضُهَا سَالِبَةٌ جُزْئِيَّةٌ.

      فَقَوْلُ القَائِلَةِ: (العُلَمَاءُ كُلُّهُمْ مُلْحِدُونَ) وَتَقُولُ مُتَبَجِّحَةً: (ابْحَثُوا جَيِّدًا عَنْ هَذَا الأَمْرِ وَسَتَجِدُونَ صِدْقَ مَا أَقُولُ) وَنَحْنُ نَذْكُرُ نَصَّ عِبَارَاتِ بَعْضِ مَنْ ذَكَرَتْ وَنُبَيِّنُ لِلقَارِئِ كَذِبَ مَا ادُّعِيَ، فَنَقُولُ وَمِنْ اللهِ التَّوْفِيقُ:

       ابْنُ سِينَا:

    1 - قَالَ فِي دِيبَاجَةِ كِتَابِهِ الإِشَارَاتِ، طبع بستان كتاب ص 2 (أَحْمَدُ اللهَ عَلَى حُسْنِ تَوْفِيقِهِ، وَأَسْأَلُهُ هِدَايَةَ طَرِيقِهِ، وَإِعْلَانَ الْحَقِّ بِتَحْقِيقِهِ، وَأَنْ يُصَلِّيَ عَلَى المُصْطَفِينَ مِنْ عِبَادِهِ لِرِسَالَتِهِ خُصُوصًا عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ).

    2 - قَالَ فِي الفَصْلِ الأَوَّلِ مِنْ إِلَهِيَّاتِ الشِّفَاءِ ص11 طبع بستان كتاب: (وَإِذْ قَدْ وَفَّقَنَا اللهُ وَلِيُّ الرَّحْمَةِ وَالتَّوْفِيقِ......).

    3 - قَالَ فِي كِتَابِ المَنْطِقِ مِنْ الشِّفَاءِ طَبْعُ مَكْتَبَةِ الثَّقَافَةِ الدِّينِيَّةِ فِي القَاهِرَةِ، تَحْقِيقُ الدُّكْتُورِ مُحَمَّد عُثمَانَ، الجُزْءُ الأَوَّلُ: (وَبَعْدَ حَمْدِ اللهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ كَمَا هُوَ أَهْلُهُ، وَالصَّلَاةُ عَلَى نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينَ....).

    4 - قَالَ فِي النُّجَاةِ طبع دار الجيل بَيْرُوت، تَحْقِيقُ الدُّكْتُورِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عميرة، الجُزْءُ الأَوَّلُ ص5: (أَمَّا بَعْدُ: الحَمْدُ للهِ وَالثَّنَاءُ عَلَيْهِ لِمَا هُوَ أَهْلُهُ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى أَنْبِيَائِهِ الَّذِينَ هُمْ عَبِيدُهُ وَرُسُلُهُ، وَعَلَى سَائِرِ خَاصَّتِهِ الَّذِينَ نَالَهُمْ مِنْ كَرَمِهِ أفْضَلُهُ وَأَجَلُّهُ وَأُغْرَقَهُمْ إِحْسَانُهُ وُجُودُهُ وَفَيْضُهُ وَفَضْلُهُ.....).

    5-  قَالَ فِي الفَصْلِ السَّادِسِ مِنْ المَقَالَةِ الأُولَى مِنْ إِلَهِيَّاتِ الشِّفَاءِ ص49 طبع بستان كتاب (إِنَّ وَاجِبَ الوُجُودِ بِذَاتِهِ لَا عِلَّةَ لَهُ......). وَمُرَادُ الحُكَمَاءِ مِنْ وَاجِبِ الوُجُودِ هُوَ الخَالِقُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى شَأْنُهُ، وَأَنَّهُ لَا عِلَّةً لَهُ، أَيْ مَوْجُودٌ بِذَاتِهِ لَا بِالغَيْرِ.

      فَهَلْ مَنْ يُثْبِتُ وُجُودَ الخَالِقِ بِهَذَا الأُسْلُوبِ مُلْحِدٌ!!

       وَلَولَا مَخَافَةُ إِدْخَالِ القَارِئِ فِي دَوَّامَةِ المَفَاهِيمِ الفَلْسَفِيَّةِ لَذَكَرْتُ لَهُ عَشَرَاتِ النُّصُوصِ الَّتِي أَثْبَتَ فِيهَا ابْنُ سِينَا وُجُودَ الخَالِقِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى.

     الفَارَابِي:

     1 - قَالَ فِي جَوَابَاتٍ لِمَسَائِلَ سُئِلَ عَنْهَا طبع دَارِ المَنَاهِلِ بَيْرُوت، تَحْقِيقُ الدُّكْتُورِ جَعْفَر آلِ يَاسِينَ: (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَبِهِ نَسْتَعِينُ).

     2 - قَالَ فِي كِتَابِ التَّعْلِيقَاتِ طبع دَارِ المَنَاهِلِ بَيْرُوت، تَحْقِيقُ الدُّكْتُورِ جَعْفَر آلِ يَاسِينَ: (بِسْمِ اللهِ الرِّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَبِهِ نَسْتَعِينُ).

     3 - قَالَ فِي كِتَابِ تَحْصِيلِ السَّعَادَةِ ص119 طبع دَارِ المَنَاهِلِ بَيْرُوت، تَحْقِيقُ الدُّكْتُورِ جَعْفَر آلِ يَاسِينَ:) بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَبِهِ نَسْتَعِينُ).

     4 - قَالَ فِي كِتَابِهِ التَّعْلِيقَاتِ ص3 طبع مُؤَسَّسَةِ بزوهشي حِكْمَت وَفَلْسَفَة إِيرَانَ (فِي إِرَادَةِ البَارِي: هَذِهِ المَوْجُودَاتُ كُلُّهَا صَادِرَةٌ عَنْ ذَاتِهِ).

     وَقَالَ فِي ص4 (فَقَدْ عَرَفْتَ إِرَادَةَ الوَاجِبِ لِذَاتِهِ وَأَنَّهَا بِعَيْنِهَا عِلْمُهُ، وَهِيَ بِعَيْنِهَا عِنَايَتُهُ وَرِضَاهُ).

     عَجَبًا لِهَذِهِ الفِرْيا عَلَى الحَقِّ وَأَهْلِهِ.

     ابْنُ رُشْدٍ:

     1 - قَالَ فِي مُقَدِّمَةِ كِتَابِهِ بِدَايَةِ المُجْتَهِدِ وَنِهَايَةِ المَقَاصِدِ ص21 طبع مَكْتَبَةِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ، القَاهِرَةُ، تَحْقِيقُ مُحَمَّد صُبْحِي حَسَن حَلَّاق (أَمَّا بَعْدَ حَمْدِ اللهِ بِجَمِيعٍ مَحَامِدِهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى مُحَمَّدٍ رَسُولِهِ وَآلِهِ وَأَصْحَابِهِ...).

     2 - قَالَ فِي كِتَابِ تَهَافُتِ التَّهَافُتِ ص55 طبع دَارِ المَعَارِفِ، تَحْقِيقُ الدُّكْتُورِ سُلَيْمَانَ دُنْيَا (بَعْدَ حَمْدِ اللهِ الوَاجِبِ، وَالصَّلَاةُ عَلَى جَمِيعِ رُسُلِهِ وأنبِيَائِه(.

* عَلِمَ اللهُ أَيُّهَا القَارِئُ الكَرِيمُ لَولَا مَخَافَةُ الإِطَالَةِ لَذَكَرْتُ لَكَ عَشَرَاتِ النُّصُوصِ وَمِنْ مَصَادِرَ مُعْتَبَرَةٍ مُحَقَّقَةٍ مَنْشُورَةٍ مِنْ قِبَلِ دُورِ نَشْرٍ مَعْرِفَةَ قَبِيحِ مَا افْتُرِيَ بِهِ عَلَى هَؤُلَاءِ العُلَمَاءِ.

      وَثَانِيًا: فَمَا بَالُ المُسْلِمِينَ أَكْثَرُ النَّاسِ تَهَجُّمًا وَاتِّهَامًا لِلإِسْلَامِ، وَلَيْتَ شِعْرِي أَلَا مِنْ دَلِيلٍ، أَمْ أَنَّ مَا يُقَالُ هُوَ الدَّلِيلُ؟

      اللَّهُمَّ أَصْلِحْ كُلَّ فَاسِدٍ مِنْ شُؤُونِ المُسْلِمِينَ بِالنَّبِيِّ وَآلِهِ.