دَلِيلُ وُجُودِ الوَاجِبِ.

أَيْمَن/ الأُرْدُن/: مَا لَا يُمْكِنُ نَفْيُهُ عِلْمِيًا، لَيْسَ بِدَلِيلٍ عَلَى وُجُودِهِ، فَعِنْدَمَا لَا يُمْكِنُ نَفْيُ وُجُودِ خَالِقٍ فَلَيْسَ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى وُجُودِهِ، العِلْمُ مَثَلًا لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَنْفِيَ وُجُودَ البِسَاطِ السِّحْرِيِّ، وَلَكِنَّ هَذَا لَيْسَ دَلِيلًا عَلَى وُجُودِهِ، وَلَا أعْتَقِدُ أَنَّكُمْ تُؤْمِنُونَ بِوُجُودِهِ.

: اللجنة العلمية

      أَوَّلًا: فِي مُقَدِّمَةِ الكَلَامِ مُغَالَطَةٌ وَاضِحَةٌ، فَإِنَّ الثَّابِتَ فِي مَحَلِّهِ أَنَّ المَسْأَلَةَ المَانِعَةَ الخُلُوِّ يَكْفِي فِي الإسْتِدْلَالِ عَلَى إِثْبَاتِ أَحَدِ طَرَفَيْهَا نَفْيُ الطَّرَفِ الآخَرِ، وَمَسْأَلَةُ وُجُودِ وَاجِبِ الوُجُودِ مِنْ قَبِيْلِ مَانِعَةِ الخُلُوِّ، فَالوَاجِبُ الوُجُودِ إِمَّا مَوْجُودٌ أَوْ لَا، وَلَا ثَالِثٌ فِي الْبَينِ.

      فَإِذَا أَبْطَلْنَا عَدَمَ وُجُودِهِ تَعَيَّنَ وُجُودُهُ.

      وَدَلِيلُ عَدَمِ وُجُودِهِ القَوْلُ بِأَحَدِ اللَّازِمَيْنِ البَاطِلَيْنِ، أَعْنِي: الدَّوْرَ وَالتَّسَلْسُلَ.

       وَثَانِيًا: أنَّ القَوَاعِدَ وَالقَوَانِينَ العِلْمِيَّةَ هِيَ رَهْنُ ذَوِي الإخْتِصَاصِ فِي كُلِّ مَجَالٍ بِحَسَبِهِ، وَلَيسَتْ خَاضِعَةً لِلتَّصَوُّرَاتِ الشَّخْصِيَّةِ.

      وَقَولُ الأَخِ: (مَا لَا يُمْكِنُ نَفْيُهُ عِلْمِيًا لَيْسَ بِدَلِيلٍ عَلَى وُجُودِهِ) مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ، فَهَذَا الكَلَامُ لَيْسَ بِقَاعِدَةٍ مَنْطِقِيَّةٍ أَوْ فَلْسَفِيَّةٍ - عَلَى اعْتِبَارِ أَنَّ هَذَيْنِ العِلْمَيْنِ هُمَا رَائِدَي العُلُومِ العَقْلِيَّةِ - وَلَا حَتَّى ضَابِطَةٍ فِي أَحَدِهِمَا، وَدُونَكَ مُصَنَّفَاتُ المَناطِقَةِ وَالحُكَمَاءِ قَدِيمًا وَحديثاً.

      وَثَالِثًا: قَوْلُ الأَخِ: (العِلْمُ مَثَلًا لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَنْفِيَ وُجُودَ البِسَاطِ السِّحْرِيِّ)، بَلْ يُمْكِنُ نَفْيُهُ، بِبَيَانِ: أنَّ مِنْ القَوَاعِدِ الثَّابِتَةِ فِي عِلْمِ المَنْطِقِ أَنَّ كُلَّ مَا كَانَ مُمْكِنًا كَانَ وُجُودُهُ مُمْكِنًا عِنْدَ تَحَقُّقِ عِلَّتِهِ التَّامَّةِ، وَالبِسَاطُ السِّحْرِيُّ لَيْسَ مُمْكِنَ الوُجُودِ، بَلْ مُسْتَحِيلَ الوُجُودِ، لِأَنَّهُ مُجَرَّدُ حِكَايَاتٍ خَيَالِيَّةٍ، وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى نَفْيِ وَجُودِ البِسَاطِ السِّحْرِيِّ.

      وَرَابِعًا: أنَّ طَلَبَ الحَقِيقَةِ رَهْنُ إِقَامَةِ البَرَاهِينِ لَا المُغَالَطَاتِ، فَإِنَّ مُتَّبِعَ سَبِيلَ المُغَالَطَاتِ مَرِيضٌ ذِهْنِيًّا، لَكِنَّهُ لَا يَشْعُرُ، كَمَا يَقُولُ الشَّيْخُ الرَّئِيسُ فِي القِسْمِ الثَّالِثِ مِنْ القَانُونِ، وَشَرَحَهُ وَوَضَّحَهُ ابْنُ النَّفِيسِ فِي كِتَابِهِ "تَشْرِيحِ التَّشْرِيحِ".

      اَللَّهُمَّ عَافِ وشَافِ جَمِيعَ خَلْقِكَ بِالنَّبِيِّ وَآلِهِ.