طريقة التمييز بين الإله الصحيح والمزيف.

Adel Fouad‌‏: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، هَلْ مِنَ المُمْكِنِ الرَّدُ عَلَى هَذَا الكَلَامِ؟ (القُرْآَنُ وَضَعَ طَرِيْقَةً لِتَمْيِيْزِ الإِلَهِ الصَّحِيْحِ مِنَ المُزَيَّفِ (إِنْ تَدْعُوْهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُم وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ) وَفِي قِصَّةِ ابْرَاهِيْمَ حَيْثُ يَقُوْلُ لَهُمْ (بَلْ فَعَلَهُ كَبِيْرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوْهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ). لَكِنْ نُرِيْدُ تَطْبِيْقَ هَذِهِ الطَّرِيْقَةِ عَلَى إِلَهِ الإِسْلَامِ نَفْسِهِ هَلْ يَسْمَعُ الدُّعَاءَ وَهَلْ يَسْتَجِيْبُ؟ كَيْفَ نَتَأَكَّدُ مِنْ ذَلِكَ؟ هَلْ يَنْطِقُ اللهُ وَكَيْفَ يَنْطِقُ؟ هَلْ نَسْتَطِيْعُ سُؤَالَهُ وَالتَّوَاصُلَ مَعَهُ؟ وَيُمْكِنُ أَنْ يُسْتَخْدَمَ كَلَامُ القُرْآَنِ كَاسْتِدْلَالٍ لِلْوَثَنِيِّيْنَ فَيُجِيْبُوْنَ بِأَنَّنَا نَسْمَعُ صَوْتَ آَلِهَتِنَا فِي عَجَائِبِ الصَّنْعَةِ. فالآَيَةُ كَانَتْ تَتَكَلَّمُ عَنْ وُجُوْبِ تَوَاصُلِ الآَلِهَةِ مَعَ البَشَرِ وَأَنْ تَسْمَعَ وَتَنْطِقَ وَإِلَّا فَهِيَ آَلِهَةٌ مُزَيَّفَةٌ وَلَكِنْ نَفْسُ الشَّيْءِ بِالنِّسْبَةِ للهِ فَأنَا لَا أَسْمَعُ وَلَا أَسْتَطِيْعُ التَّأَكُّدَ مِنْ كَوْنِهِ يَسْمَعُ أَوْ يَسْتَجِيْبُ)

: اللجنة العلمية

الأَخُ المُحْتَرَمُ، عَلَيْكُمُ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ 

ظَاهِرُ هَذِهِ الشُّبْهَةِ مَتِيْنٌ لِوُجُوْدِ رَبْطٍ مَنْطِقِيٍّ بَيْنَ المُقَدِّمَةِ وَالنَّتِيْجَةِ، إِلَّا أَنَّ التَّدْقِيْقَ فِيْهَا يَقُوْدُنَا إلَى مَعْرِفَةِ المُغَالَطَةِ الَّتِي إرْتَكَزَ عَلَيْهَا، وَلِكَيْ نَكْشِفَ عَنْ ذَلِكَ لَابُدَّ مِنَ الرُّجُوعِ إلَى المَبَادِئِ الَّتِي إرْتَكَزَ عَلَيْهَا.

التَّسَلْسُلُ المَنْطِقِيُّ لِهَذِهِ الشُّبْهَةِ هُوَ كَالتَّالِي:

• أَقَرَّ القُرْآَنُ مَبْدَأً لِمَعْرِفَةِ الإِلَهِ الحَقِّ وَهُوَ قُدْرَتُهُ عَلَى الإسْتِمَاعِ، وَالإِسْتِجَابَةِ، وَالنُّطْقِ وَبِالتَّالِي التَّوَاصُلِ مَعَ الإِنْسَانِ.

• الأصْنَامُ آَلِهَةٌ مُزَيَّفَةٌ لِأَنَّهَا غَيْرُ قَادِرَةٍ عَلَى ذَلِكَ.

• تَطْبِيْقُ هَذَا المَبْدَأِ عَلَى اللهِ يَقُوْدُنَا إلَى القَوْلِ إِنَّهُ لَيْسَ بِإِلَهٍ لِأَنَّنَا لَا يُمْكِنُنَا التَّوَاصُلُ مَعَهُ بِنَفْسِ الطَّرِيْقَةِ الَّتِي طَالَبَنَا بِهَا مَعَ الأَصْنَامِ. 

تَفْكِيْكُ الإِشْكَالِ:

تَعْتَمِدُ صِحَّةُ الإِشْكَالِ عَلَى صِحَّةِ المُقَدِّمَةِ وَهِيَ أَنَّ اللهَ جَعَلَ الإِسْتِمَاعَ وَالإِسْتِجَابَةَ وَالنُّطْقَ طَرِيْقَاً لِمَعْرِفَةِ الإِلَهِ الحَقِّ، وَهَذَا لَيْسَ بِصَحِيْحٍ لِكَوْنِ الآَيَةِ بَعِيْدَةً عَنْ هَذَا الهَدَفِ، فَهِيَ لَا تُقَارِنُ بَيْنَ اللهِ وَبَيْنَ الأَصْنَامِ، وَإِنَّمَا قَائِمَةٌ عَلَى عَقْدِ مُقَارَنَةٍ بَيْنَ الإِنْسَانِ وَبَيْنَ الصَّنَمِ، وَلِذَا كَانَتِ الآَيَةُ عَلَى نَحْوِ التَّنْبِيْهِ وَالإِلْزَامِ، وَلِيَتَضَحَ ذَلِكَ لَا بُدَّ مِنْ عَقْدِ مُقَارَنَةٍ بَيْنَ إِلَهِ القُرْآَنِ وَإِلَهِ المُشْرِكِيْنَ، وَبِمَعْرِفَةِ صِفَاتِ كُلِّ إِلَهٍ سَنَعْرِفُ الطَّرِيْقَ الَّذِي يُحَقِّقُ التَّوَاصُلَ مَعَهُ، فَمَثَلَاً لَوْ كَانَتْ صِفَاتُ اللهِ فِي القُرْآَنِ تَشْبَهُ صِفَاتَ المَخْلُوْقِ لَكَانَ مِنَ الضَّرُوْرِيِّ أَنْ نَتَوَاصَلَ مَعَهُ كَمَا نَتَوَاصَلُ مَعَ المَخْلُوْقِ، مِثْلَ الرُّؤْيَةِ وَالسَّمْعِ وَاللَّمْسِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، أَمَّا إِنْ كَانَتْ صِفَاتُهُ مُبَايِنَةً لِصِفَاتِ المَخْلُوْقِ فَحِيْنَهَا لَا بُدَّ أَنْ يَكُوْنَ التَّوَاصُلُ مَعَهُ لَهُ طَرِيْقُهُ الخَاصُّ، وَلِكَيْ نَكْتَشِفَ الخَلْطَ الَّذِي وَقَعَ فِيْهِ السَّائِلُ نَقُوْلُ:

أَوَّلَاً: لَمْ يَدْعونا القُرْآَنُ إلَى مُجَرَّدِ الإِيْمَانِ بِإِلَهٍ وَإِنَّمَا دَعَانَا لِلْإِيْمَانِ بِإِلَهٍ مُبَايِنٍ لِخَلْقِهِ، وَبِالتَّالِي فاللهُ الَّذِي جَاءَ ذِكْرُهُ فِي القُرْآَنِ غَيْرُ خَاضِعٍ لِلْقَوَانِيْنِ الَّتِي تَحْكُمُ المَخْلُوْقَاتِ، قَالَ تَعَالَى: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) وَعَلَيْهِ يُصْبِحُ مِنَ البَدَاهَةِ أَلَّا يَخْطُرَ فِي بَالِ المُؤْمِنِ بِاللهِ إِمْكَانِيَّةُ رُؤْيَتِهِ أَو مُلَامَسَتِهِ أَو التَّحَدُّثِ مَعَهُ كَمَا يَتَحَدَّثُ مَعَ البَشَرِ؛ لِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ مِنْ لَوَازِمِ المَخْلُوْقِ وَاللهُ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ.

ثَانِيَاً: المُؤْمِنُ بِاللهِ يُقِرُّ بِأنَّهُ لَا يُحِيْطُ عِلْمَاً بِهِ لِأَنَّ اللَّحْظَةَ الَّتِي يُحِيْطُ بِهَا عِلْمَاً بِهِ هِي ذَاتُهَا اللَّحْظَةُ الَّتِي يَتَحَوَّلُ فِيْهَا الخَالِقُ إلَى مَخْلُوْقٍ، قَالَ تَعَالَى: (لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ ۖ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) (الأَنْعَام 103).

ثَالِثَاً: المُؤْمِنُ بِاللهِ يَعْتَقِدُ بِأَنَّ اللهَ مُحِيْطٌ بِهِ عَالِمٌ بِسِرِّهِ وَجَهْرِهِ، وَهَذَا الإِعْتِقَادُ هُوَ الَّذِي يَجْعَلُ مُنَاجَاةَ الإِنْسَانِ لِرَبِّهِ أَمْرَاً مُبَرَّرَاً عَقْلَاً، فَالإِنْسَانُ يَتَكَلَّمُ عِنْدَمَا يَعْتَقِدُ أَنَّ المُخَاطَبَ يَسْمَعُ قَوْلَهُ وَيَرَى مَكَانَهُ، وَاللهُ مُحِيْطٌ بِالإِنْسَانِ فَلِذَلِكَ يَنْدَفِعُ الإِنْسَانُ فِي مَسْأَلَتِهِ وَالطَّلَبِ مِنْهُ، قَالَ تَعَالَى: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ ۖ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ) (16 ق). فَالإِنْسَانُ يُخَاطِبُ اللهَ لَيْسَ لِأَنَّهُ يَرَاهُ وَإِنَّمَا لِأَنَّهُ يَعْتَقِدُ بِأَنَّ اللهَ يَرَاهُ، وَكَذَلِكَ يَطْلُبُ مِنَ اللهِ لِأَنَّهُ يَعْتَقِدُ بِأَنَّهُ يَسْمَعُهُ لِكَوْنِهِ مُحِيْطَاً بِهِ، وَقَالَ تَعَالَى: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (186 البَقرة).

إِذَا إتَّضَحَ ذَلِكَ نَأْتِي لِلْأَصْنَامِ الَّتِي يَعْتَقِدُ المُشْرِكُوْنَ بِكَوْنِهَا آَلِهَةً.

أَوَّلاً: الأَصْنَامُ تَنْتَمِي إِلَى عَالَمِ الخَلْقِ، وَبِالتَّالِي فَهِيَ مَحْكُوْمَةٌ بِقَوَانِيْنِ التَّفَاضُلِ بَيْنَ المَخْلُوْقَاتِ، وَمِنْ هُنَا صَحَّ مُقَارَنَتُهَا بِالإِنْسَانِ لِمَعْرِفَةِ أِيِّهِمَا أَفْضَلُ مِنَ الآَخِرِ، وَالإِنْسَانُ الَّذِي يَتَنَازَلُ عَنْ عَقْلِهِ لِكَيْ يَعْبُدَ الحَجَرَ يَكُوْنُ قَدْ تَنَازَلَ عَنْ تَمَيُّزِه كَإِنْسَانٍ لِصَالِحِ مَا هُو دُوْنَهُ، وَهَذَا مُخَالِفٌ لِأَبْسَطِ بَدِيْهِيَّاتِ التَّفْكِيْرِ، وَمِنْ هُنَا كَانَ تَقْرِيْعُ اللهِ لِلْمُشْرِكِيْنَ مِنْ هَذَا البَابِ، أَيْ أَنَّ اللهَ يُذَكِّرُهُمْ بِامْتِيَازَاتِهِمُ الَّتِي تَجْعَلُهُمْ أَفْضَلَ مِنَ الأَصْنَامِ الَّتِي يَعْبُدُوْنَهَا، مِثْلَ السَّمْعِ وَالرُّؤْيَةِ وَالنُّطْقِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَبِالتَّالِي فَالمُقَارَنَةُ فِي الآَيَةِ هِيَ بَيْنَ الإِنْسَانِ وَبَيْنَ الأَصْنَامِ وَلَيْستْ بَيْنَ اللهِ الحَقِّ وَبَيْنَ الأَصْنَامِ كَمَا إشْتَبَهَ المُشْكِلُ، قَالَ تَعَالَى: (إِن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ ۖ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ ۚ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ (14 فاطِر). وَبِهَذَا تُصْبِحُ الآَيَةُ تَنْبِيْهَاً لِلْإِنْسَانِ مِنْ أَجْلِ إِيْقَاظِ عَقْلِهِ إِذْ كَيْفَ يَدْعُو جَمَادَاً لَا يَسْمَعُ وَلَا يَرَى، فِي حِيْنِ أَنَّ الإِنْسَانَ أَكْرَمُ مِنْهُ إِذْ يَسْمَعُ وَيَرَى.

ثَانِيَاً: عِبَادَةُ الأَصْنَامِ كَانَتْ قَائِمَةً عَلَى التَّقْلِيْدِ وَإِتِّبَاعِ الآبَاءِ وَلَمْ تَقُمْ عَلَى رُؤْيَةٍ فَلْسَفِيَّةٍ وَاضِحَةٍ، بِمَعْنَى أَنَّ عِبَادَةَ الأَصْنَامِ كَانَتْ تَتَوَارَثُهُ المُجْتَمَعَاتُ مِنْ غَيْرِ وَعِّيٍ وَبَصِيْرَةٍ، قَالَ تَعَالَى: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا ۗ أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ (170 البَقَرَة). وَمِنْ هُنَا إسْتَخْدَمَ القُرْآَنُ أُسْلُوْبَ التَّذْكِيْرِ عَنْ طَرِيْقِ الصَّدْمَةِ الَّتِي تُرْجِعُهُمْ إِلَى عُقُوْلِهِمْ وَهَذَا مَا حَدَثَ مَعْ إِبْرَاهِيْمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ عِنْدَمَا قَالَ لَهُمْ (قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَٰذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُوا يَنطِقُونَ)، مِمَّا جَعَلَهُمْ يَعُوْدُوْنَ إِلَى رُشْدِهِمْ مِنْ شِدَّةِ الصَّدْمَةِ إِذْ كَيْفَ يَعْبُدُوْنَ هَذِهِ الأَخْشَابَ الجَامِدَةَ الَّتِي لَا تَنْطِقُ فَقَالَ: (فَرَجَعُوا إِلَىٰ أَنفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنتُمُ الظَّالِمُونَ) (64 الأَنْبِيَاءُ). 

ثَالِثَاً: التَّوَاصُلُ مَعَ الأَصْنَامِ يَجِبُ أَنْ يَكُوْنَ عَنْ طَرِيْقِ المُخَاطَبَةِ المُبَاشِرَةِ لِكَوْنِهِ مَحْسُوْسَاً وَمَلْمُوْسَاً، فَإِنْ كَانَ لَا يَسْمَعُ وَلَا يَنْطِقُ فَهَذَا نَقْصٌ غَيْرُ مَقْبُوْلٍ، وَبِالتَّالِي هِيَ دُوْنَ مُسْتَوَى الإِنْسَانِ فَكَيْفَ جَازَ بَعْدَ ذَلِكَ جَعْلُهَا آَلِهَةً؟ فِيْ حِيْنِ أَنَّ التَّوَاصُلَ مَعَ اللهِ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُوْنَ مُبَاشِرَاً لِكَوْنِهِ غَيْرَ مَحْكُوْمٍ بِقَوَانِيْنِ الطَّبِيْعَةِ، فَمَعْ أَنَّهُ لَا يُشْبِهُ الخَلْقَ إِلَّا أَنَّهُ قَرِيْبٌ مِنْهُ بِعِلْمِهِ وَقُدْرَتِهِ وَلُطْفِهِ وَرَحْمَتِهِ فَيَتَوَاصَلُ مَعَهُ الإِنْسَانُ بِرُوْحِهِ وَقَلْبِهِ، وَلَا يُمْكِنُ إِدِّعَاءُ هَذَا النَّوْعِ مِنَ التَّوَاصُلِ مَعَ الأَصْنَامِ لِأَنَّهَا مِنْ جِنْسِ المَادَّةِ العَاجِزَةِ وَالفَقِيْرَةِ وَالمُحْتَاجَةِ.  

رَابِعَاً: عِبَادَةُ الأَصْنَامِ تَدُلُّ عَلَى وُجُوْدِ دَافِعٍ فِطْرِيٍ فِي الإِنْسَانِ يَدْعُوْهُ إلَى البَحْثِ عَنِ الإِلَهِ، وَلِذَلِكَ كَانَتِ الرِّسَالَاتُ ضَرُوْرَةً لِتَصْحِيْحِ مَسَارِ هَذِهِ الفِطْرَةِ حَتَّى لَا تَقَعَ فِي الوَثَنِيَّةِ وَعِبَادَةِ المَادَّةِ، وَمِنْ هُنَا فَإِنَّ الإِيْمَانَ بِاللهِ هُوَ الَّذِي يُحَرِّرُ الإِنْسَانَ مِنَ الخُضُوْعِ لِلْمَخْلُوْقِ وَ يَدْعُوْهُ للإِيْمَانِ بِالخَالِقِ، قَالَ تَعَالَى: (وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ).

وَفِي الخِتَامِ إِنَّ إِحْسَاسَ الإِنْسَانِ بِكَوْنِهِ مَخْلُوْقَاً وَلَيْسَ خَالِقَاً، يَجْعَلُهُ يَعْتَرِفُ بِوُجُوْدِ إِلَهٍ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ، وَمِنْ هُنَا وَجَبَ تَذْكِيْرُ الإِنْسَانِ بِالكَرَامَةِ الَّتِي مَنَحَهَا اللهُ لَهُ فَلَا يَخْضَعُ حِيْنَهَا إِلَّا لهُ سُبحانَهُ الَّذِي أَوْجَدَهُ، قَالَ تَعَالَى: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا (70 الاسراء).

  ودمتم سالمين