شبهة ان الدين ليس مصدرا للتشريعات والقوانين وليس مصدرا للأخلاق والقيم. 

ملحد/ : جعلَ المسلمونَ الدينَ هوَ المصدرَ الوحيدَ للأخلاق والقيمِ النبيلةِ، بل إنّهم يجعلونهُ مصدراً رئيسياً للتشريعات والقوانين وهو أمرٌ خاطيءٌ، لنجعلَ بوصلتنا أخلاقيةً وغيرَ دينيةٍ، يجبُ أن لا  تغرنا المحاولات اليائسة من تجّار ومدمني أفيون الشعوب عندما يربطونَ دينهم بالأخلاق. من جديد أقول أنّ الدين هو وسيلة سياسية إتّبعها أشخاصٌ معينين لتحقيق مكاسب سلطوية، مادّية، أو تنظيمية. بينما أخلاقنا هي تراكم وتطور التجربة الإنسانية منذ ملايين السنين، يعني الموضوعان منفصلان ولاعلاقةَ بينهما لكنّهم يحاولونَ إعتبار الدين هو المصدر الوحيد للأخلاق وهذه مغالطة كبيرة.

: اللجنة العلمية

الجوابُ :

أولاً : ليسَ الإسلامُ هو أوّلُ من سنَّ الأخلاق فهذا رسولُ الله ( صلى الله عليه واله ) يقولُ : ( إنّما بُعِثتُ لأُتمّمَ مكارمَ الأخلاق ) أي أنّ الإسلامَ يعترفُ بوجودِ أخلاقٍ لدى الإنسان قبل تشريعه ،ومنبعُها الفطرة السليمة .

نعم ،يمكنُ للباحثِ المنصفِ المطّلعِ على المنظومة الأخلاقية في منهج أهلِ البيت (عليهم السلام) من خلالِ ماتركوهُ من أحاديثَ وأدعيةٍ وزيارات ،أنْ يلمسَ أنّ هناك دعوةً لتنظيفِ وتطهيرِ الإنسان في سيرهِ وسلوكهِ من خلال التركيز على تنميةِ الأخلاقِ الفضائل وكبحِ الرذائل على مستوى التنظيرِ والتطبيق وتأصيلِهم الثلاثي لعلم الأخلاق حيثُ وضعوا ثلاثةَ أصولٍ أخلاقيةٍ هي الحياء والتواضع والصبر وهذا يدعمُ المسيرةَ الصحيحةَ لتربية الإنسان وما حديثُهم صلوات الله عليهم (من لاحياءَ لهُ لا دينَ له )إلاّ قاعدةً واضحةً تساوقُ القولَ المشهور إذا لم تستحِ فافعلْ ماشئت .أمّا التواضع فقد أثبتتِ الوقائعُ أنّ الحكمة لن تدخلَ ولن تنموَ في قلبِ إنسانٍ متكبر وهو مساوقٌ لقولهم عليهم السلام(من أخلص لله أربعينَ صباحاً تفجّرتْ ينابيعُ الحكمةِ من قلبهِ على لسانه)

أمّا الصبرُ عبّروا عنه في أحاديثهم (الصبرُ من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد) وهو المادة الأساسية لنماء باقي الأخلاق سواءٌ كانت طبعيّة أو تطبعيّة .

وهكذا يمكنك ملاحظة عدم التنافي ولا التجافي بين 

الطرح الديني والطرح الإنساني للأخلاق .

ثانياً : وأمّا جعلُ الدين مصدراً للقوانين والتشريعات فهذا صحيح، لأنّنا نؤمنُ إيماناً راسخاً ومدعوماً بالتجربةِ والواقع أنّ الإنسانَ مهما بلغَ في وعيِهِ وإدراكهِ فهو عاجزٌ عن سَنِّ قوانين وبمعزلٍ عن الشريعةِ المقدّسة، له ولمجتمعهِ تأخذُ بيدهِ الى برّ الأمان ، وقد تناولتُ هذا الموضوعَ بالتفصيل عندَ الجواب عن سؤال تحت عنوان ( هل يمكنُ للانسانيّةِ أنْ تكونَ بديلاً عن الدين ) فراجع .

ثالثاً : الدّينُ ليسَ افيون الشعوب وليسَ هو وسيلة ابتكرَها مبتكروهُ للوصول الى غاياتٍ دنيوية، فهذا كذبٌ وتخليطٌ بينَ الأديان الحقيقيةِ والأديانِ المُبتدَعة .

فالدّينُ ضرورةٌ من الضروراتِ التي فُطرَ عليها الإنسانُ منذُ بزوغِ فجرِ الإنسانيّة الأوّل وهوَ وسيلةٌ لأيقاظِ الشعوبِ وتوعيةِ الأُمَم .

وأمّا مُؤسّسوهُ فهم اللهُ وأنبياؤهُ الكرام وبالنسبةِ لله تعالى فهوَ الغنيُّ المطلقُ الذي لا تضرُّه معصيةُ من عصاه ولا تنفعهُ طاعةُ من أطاعه .

وأمّا بالنسبة لأنبيائهِ ورُسلِه فأنا أطلبُ منكَ أنْ تأتي بمثالٍ واحدٍ لنبيٍّ من الأنبياء إبتدعَ ديناً كاذباً لغاياتٍ دنيوية .

وخيرُ دليلٍ على ما أقول هو سيرةُ الانبياء والرسل (عليهم السلام) فإنّ إبراهيم ( عليه السلام ) قد أُلقِيَ في نار نمرود وهو خليل الله .

وعيسى روحُ الله قد صُلِبَ وقُتِلَ بزعمهم ويحيى بن زكريا (عليهما السلام) قد قُتلَ وهكذا سائرُ الأنبياء الى رسول الله ( صلى الله عليه واله ) الذي كان على يديهِ الدين الخاتم حيث قال : ( والله ما أوذيَ نبيٌّ مثلما أوذيت ) وأمّا ما جرى على عترته الطاهرة الذين قال الله تعالى عنهم ( قل لا أسألكم عليه أجراً الّا المودّة في القربى ) فهي قصة في فصولها إسهاب .