نقد نظريات نشوء الاديان (2)

: اللجنة العلمية

النظريةُ الثانيةُ: الدين مرض عصبي 

لقد مرّ بنا ما ذَهَب إليه الفيلسوف السويدي (فرويد)، من أنّ مَنشأ الدين هو مرضٌ نفسي ناتج عن انفعالات نفسيّة، واضطراباتٌ سلوكية، سرعان ما تزول الحاجة إلى الدين بعلاج تلك الامراض(1).

النقد:

أولاً: إنّ حادثةَ قتلُ الابناءِ لأبيهم المستبد هي من أوهام (فرويد)، حيث إنّ التاريخ لم ينقل لنا هذه الحادثة أبداً.

ثانياً: إنّ مثلَ هذه الحادثة الّتي سردها فرويد، قد تكررت الآف المرّات في عمود الزمان الممتد منذ نشأة الخليقة، حيث قتل الكثير من الابناء أباءهم، ولم نر هذا التقديس من الابناء الجُنات إلى آبائهم المقتولين، بحيث يتحول إلى طقس ديني، ومنْ ثَمَّ إلى دين مستقل. 

ثالثاً: لو كان الدين نشأ من الصراع بين الرغبات الغريزية، والتمّرد، كما يزعمه (فرويد) في قصتهِ الخيالية، فكيف يمكن لأحد أنْ يُفسّر لنا النظم الاخلاقية الالزامية العالية الموجودة في بعض الديانات، كالدين الإسلامي؛ لأنّ ما كان مبنياً على صراع الرغبات، والشهوات، والتمرد لا يمكنه بالمطلق أنْ يُؤسس لنظم دقيقة تسير عليها الاجيال. 

رابعاً: على أيّ اساس سيفسر لنا (فرويد) المعجزات الّتي جاء بها جميع الأنبياء ، والّتي لا يمكن أنْ تُفسّر على اساس أنّها أوهام وعقد نفسية.

خامساً: كيف يُفسّر لنا (فرويد) خلودُ الدينِ، وبقاءه ببقاء الإنسانيّة، بل كيف يمكنه أنْ يُفسّر لنا بقاء الإنسانيّة ببقاء الدين، الذي أجاب الإنسان على أخطر الموضوعات الّتي تتصل بالحياة، والموت، والحياة بعد الموت، ومصير العصاة، ومصير المطيعين، إلى غير ذلك من المسائل الّتي إن لم تجد جواباً منطقياً لها، فإنّ باب انهيار الحياة الإنسانيّة سينفتح على مصراعيه.

سادساً: إنّ الأدّلة العقليّة، والفلسفيّة القطعيّة على وجود الخالق، باعتباره واجب الوجود، تجعل نظرية (فرويد) مدعاة للسخرية.

وفي الختام تبيّن لنا أنّ نظريةَ (فرويد) حول خرافة الدين أنّها هي الخرافة.

 

 

___________________________________________________________________________________________________________

(1)فرويد يحدثنا عن نشأة الدين، ويقول إنّه كان رد فعل لجريمة شنعاء، فقد حدث في جيل من الاجيال الإنسانيّة الأولى، كان هناك أب مستبد يحكم القبيلة، ويحتكر كل ّنساء العشيرة، فكانت هناك ثورة من طرف الأبناء أدت إلى قتل الأب وأكله! وبعدها أحسوا بالندم، فأقاموا حفلات دينية يستغفرون لذنبهم، وقوانين تحريمية الّتي كان أولها تحريم الزواج بالمحارم، وهكذا تطور الطوطم فأصبح الأب إلهاً، ونَسيِتْ الناس جريمتها، فلم تعد ترى صلة بين الطوطم والأب، وغدت الذبيحة قرباناً تقدمه الأمم إلى العزة الإلهيّة.