هل الإسْلامُ سَببُ تَخلُّفِنا؟!!

يَقُول بَعضُ رِجالِ الدينِ أنَّ سَببَ مَشاكِلِنا وتَأخُّرِنا هو ابتِعادُنا عن تَعالِيمِ اللهِ، وبالوَاقعِ نَرى العَكسَ، فَالأُممُ المتَديِّنةُ مُتخلِّفةٌ، والأُممُ الملْحِدةُ كاليَابانِ والسِّويدِ مُتقدِّمةٌ رغمَ مُخالَفتِهم للإسْلامِ؟!

: اللجنة العلمية

  الأخُ المحتَرمُ.. السَّلامُ علَيكم ورَحمةُ اللهِ وبركَاتُه.

  حتى تَعرِفَ جَوابَ سُؤالِك بِشكلٍ صَحِيحٍ عليْك أنْ تُلاحِظَ أمْرَينِ: 

  الأول: أنَّ الإسْلامَ كَمَنهجٍ ودُستُورٍ هو غَيرُ المسْلِمينَ، فقد يَنتمِي البَعضُ للإسْلامِ لكنَّه لا يُطبِّقُ من تَعالِيمِه إلا القَلِيلَ جداً، وهنا لا يَحقُّ أنْ نأخُذَ الإسْلامَ بِجَريرةِ مَن يَنتمِي إليْه ولم يُطبِّقْ أحَكامَه، فهذا غَيرُ مَنطِقيٍّ وغَيرُ عِلميٍّ، وربما هذا هو الَّذي كانَ يُشِيرُ إليْه رِجالُ الدينِ - في مَفرُوضِ سُؤالِك - بأنَّ المنْتمِينَ للإسْلامِ لو طبَّقُوا تَعالِيمَه حقاً في كلِّ فُروعِ الحَياةِ منَ السِّياسةِ والإجْتِماعِ والإقْتِصادِ والعِبادَاتِ والمعَامَلاتِ لسَادُوا الدَّنيا كلَّها، وكانُوا كما كانَ أجْدادُهم الأوائِلُ الَّذين تَحوَّلوا بِبضْعِ سِنينَ مِن رِجالِ قَبائلَ مُنتشِرينَ في جَزيِرةِ العَربِ إلى حَمَلةِ حَضارةٍ أذْهَلتْ الدُّنيا بعُلُومِها وتَقدُّمِها يومَ كَانتْ أوربا تَغطُّ في نومٍ عَميقٍ، وما زالَ الأوربِّيونَ إلى اليومِ يَشهَدونَ بفَضلِ عُلماءِ المسْلِمينَ عليْهم (راجِع جوابَنا حولَ: ماذا قدَّم الشِّيعةُ للإسْلامِ والعَالمِ).

  الثاني: أنَّ التَّقدُّمَ الذي تُشِيرُ إليْه هو مَفهُومٌ نِسبيٌّ، بِمعنَى أنَّ ما تَحسَبُه تقدُّماً لِبلَدٍ ما، كالتَّقدُّمِ الماديِّ في البُلدانِ الرأسْمالِيةِ وبَعضِ البُلدانِ الأخْرَى، قد صَاحَبَه للأسفِ تَخلُّفٌ فَظيعٌ في الجانب الأخْلاقِي، تَكادُ معه أنْ تَفقِدَ الإنسَانِيةُ إنسَانيَّتَها وتَعودَ إلى عالمِ الغَابةِ والبَهِيميةِ في تَصرُّفاتِها، وأصْبحَتْ النَّاسُ اليومَ في البُلدانِ النَّاميةِ يَخشَونَ  من ظُلمِ الغَربِ وسَطوَتهِ وعُدوانهِ أكثرَ مما يَرجُونَه من خَيرِه وإنسَانيَّتِه، وهذا في واقِعِه يُعدُّ تَخلُّفاً وليس تَقدُّماً، ومِن هنا يُمكنُ القَولُ وبِضرسٍ قَاطعٍ بأنَّه لا يُوجَدُ مَنهَجٌ مُتكامِلٌ يُحقِّقُ السَّعادةَ لِلبشَريةِ كلِّها وفي مُختلَفِ فُروعِ حَياتِها سوى الإسْلامِ، وهو ما سَترَاه البشَريةُ بأمِّ أعْيُنِها حينَ يُطبَّقُ هذا المنْهجُ المتَكامِلُ على يدِ المصْلحِ العَظيمِ الذي تَنتظِرُه البشَريةُ كلُّها وهو الإمامُ المهْديُّ ( عليه السلام ) الذي بَشَّرتْ بظُهُورِه المذَاهِبُ الإسْلامِيةُ جَميعُها. 

   ودُمتُم سَالِمينَ.