هل تعدى رسول الاسلام على المسيح .

  مور/: تعدي رسول الإسلام على المسيح الخالق لم يذهب سدى - فقد نفذ المسيح وعده في سفر التثنية 20:18 وأمات رسول الإسلام بالسم.

: اللجنة العلمية

     الأخ مور، يتم الجواب على ما ذكرت من خلال عدة محاور: 

    المحور الأول: أنا أتعجب منك من أين أتيت بهذا الكلام، وأين تعدى نبينا محمد (صلى الله عليه وآله) على النبي عيسى (عليه السلام)، أرجو منك أن تراجع القرآن الكريم الذي هو وحي منزل على رسول الله (صلى الله عليه وآله)، لترى أنه ماذا يصف الأنبياء ومنهم عيسى (عليه السلام)، فسوف ترى أنه يصفهم بأفضل الصفات التي لم يصف بها أحداً غيرهم، كيف لا وهم أنبياء مرسلون من عند الله لهداية البشرية وهم الواسطة بين الله وبين خلقه، فلا أدري بعد هذا عن أي تعدٍ تتكلم!! 

    المحور الثاني: أنا على يقين أنك لم تقرأ سفر التثنية، ولم تعلم لمن هو، فأنت قلت: نفذ المسيح وعده في سفر التثنية، وسفر التثنية ليس للمسيح عيسى (عليه السلام)، وإنما هو سفر التثنية أو سفر تثنية الإشتراع (بالعبرية) أحد الأسفار المقدسة في التناخ الكتاب المقدس لدى الديانة اليهودية والعهد القديم في المسيحية؛ ولا خلاف بين مختلف طوائف الديانة اليهودية والمسيحية حول قدسيته.

      يعتبر سفر التثنية من الأسفار الخمسة الأولى المنسوبة إلى موسى، ويشكل جزءاً من التوراة، وتشير الموسوعة اليهودية إلى أن النص عثر عليه عزرا عند عودة اليهود من سبي بابل ضمن خرائب هيكل سليمان، فأطلقوا عليه اسم التوراة، ثم شملت التسمية جميع الأسفار الخمسة الأولى المنسوبة إلى موسى، ولكنه دعي باسم التثنية أو الإشتراع، ثم دعي باسم تثنية الإشتراع بدءاً من الترجمة السبعينية للكتاب المقدس، والتي تمت على أيدي رجال دينٍ يهودٍ في الإسكندرية خلال القرن الثاني قبل الميلاد.[1] ومن الواضح أن أصل التسمية تأت من كونه سفراً تشريعياً تكتمل معه الشريعة اليهودية، ولا يمكن فهم أحداث سفر التثنية دون الإطلاع على الأسفار التي سبقتها، وهذا واضح لا ينكره إلا الجاهل. 

     المحور الثالث: أخي العزيز، تعال معي لنقرأ نصوص سفر التثنية التي ذكرتها 18-20 وسوف ترى أنه ليس هناك وعد قد نفذ بأن رسول الإسلام سوف يموت مسموماً، وهذه هي النصوص: 

18. سأقيم لهم نبياً من وسط إخوتهم مثلك، وأجعل كلامي في فمه، فيخاطبهم بكل ما آمره به.

19. وأي رجل لم يسمع كلامي الذي يتكلم به باسمي، فإني أحاسبه عليه.

20. ولكن أي نبي اعتد بنفسه فقال باسمي قولاً لم آمره أن يقوله، أو تكلم باسم آلهة أخرى، فليقتل ذلك النبي.

     فهذه النصوص أمام عينيك لا يوجد فيها شيء مما ذكرت في سؤالك، نعم في النص 20 هنالك وعد من الله لأي نبي اعتد بنفسه وقال باسم الله قولاً لم يأمره الله به أو تكلم باسم آلهة أخرى فليقتل ذلك النبي وهذا الكلام ليس فيه إشارة من قريب ولا من بعيد لنبي الإسلام (صلى الله عليه وأله)، بل نصوص الصحاح الأخرى من سفر التثنية تشير إلى أن هذا الكلام كان المخاطب به موسى ليحذر قومه من فتنة سوف تحدث، ويقوم بين بني إسرائيل من يدعي النبوة، وفيها إشارة للسامري، وها أنا أذكر لك النصوص التي وردت في الصحاح 13 من سفر التثنية لتحكم بنفسك وترى:  

1 «إِذَا قَامَ فِي وَسَطِكَ نَبِيٌّ أَوْ حَالِمٌ حُلْماً، وَأَعْطَاكَ آيَةً أَوْ أُعْجُوبَةً،

2 وَلَوْ حَدَثَتِ الآيَةُ أَوِ الأُعْجُوبَةُ الَّتِي كَلَّمَكَ عَنْهَا قَائِلاً: لِنَذْهَبْ وَرَاءَ آلِهَةٍ أُخْرَى لَمْ تَعْرِفْهَا وَنَعْبُدْهَا،

3 فَلاَ تَسْمَعْ لِكَلاَمِ ذلِكَ النَّبِيِّ أَوِ الْحَالِمِ ذلِكَ الْحُلْمَ، لأَنَّ الرَّبَّ إِلهَكُمْ يَمْتَحِنُكُمْ لِكَيْ يَعْلَمَ هَلْ تُحِبُّونَ الرَّبَّ إِلهَكُمْ مِنْ كُلِّ قُلُوبِكُمْ وَمِنْ كُلِّ أَنْفُسِكُمْ.

4 وَرَاءَ الرَّبِّ إِلهِكُمْ تَسِيرُونَ، وَإِيَّاهُ تَتَّقُونَ، وَوَصَايَاهُ تَحْفَظُونَ، وَصَوْتَهُ تَسْمَعُونَ، وَإِيَّاهُ تَعْبُدُونَ، وَبِهِ تَلْتَصِقُونَ.

5 وَذلِكَ النَّبِيُّ أَوِ الْحَالِمُ ذلِكَ الْحُلْمَ يُقْتَلُ، لأَنَّهُ تَكَلَّمَ بِالزَّيْغِ مِنْ وَرَاءِ الرَّبِّ إِلهِكُمُ الَّذِي أَخْرَجَكُمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ، وَفَدَاكُمْ مِنْ بَيْتِ الْعُبُودِيَّةِ، لِكَيْ يُطَوِّحَكُمْ عَنِ الطَّرِيقِ الَّتِي أَمَرَكُمُ الرَّبُّ إِلهُكُمْ أَنْ تَسْلُكُوا فِيهَا. فَتَنْزِعُونَ الشَّرَّ مِنْ بَيْنِكُمْ.

6 «وَإِذَا أَغْوَاكَ سِرَّاً أَخُوكَ ابْنُ أُمِّكَ، أَوِ ابْنُكَ أَوِ ابْنَتُكَ أَوِ امْرَأَةُ حِضْنِكَ، أَوْ صَاحِبُكَ الَّذِي مِثْلُ نَفْسِكَ قَائِلاً: نَذْهَبُ وَنَعْبُدُ آلِهَةً أُخْرَى لَمْ تَعْرِفْهَا أَنْتَ وَلاَ آبَاؤُكَ

7 مِنْ آلِهَةِ الشُّعُوبِ الَّذِينَ حَوْلَكَ، الْقَرِيبِينَ مِنْكَ أَوِ الْبَعِيدِينَ عَنْكَ، مِنْ أَقْصَاءِ الأَرْضِ إِلَى أَقْصَائِهَا،

8 فَلاَ تَرْضَ مِنْهُ وَلاَ تَسْمَعْ لَهُ وَلاَ تُشْفِقْ عَيْنُكَ عَلَيْهِ، وَلاَ تَرِقَّ لَهُ وَلاَ تَسْتُرْهُ،

9 بَلْ قَتْلاً تَقْتُلُهُ. يَدُكَ تَكُونُ عَلَيْهِ أَوَّلاً لِقَتْلِهِ، ثُمَّ أَيْدِي جَمِيعِ الشَّعْبِ أَخِيراً.

10 تَرْجُمُهُ بِالْحِجَارَةِ حَتَّى يَمُوتَ، لأَنَّهُ الْتَمَسَ أَنْ يُطَوِّحَكَ عَنِ الرَّبِّ إِلهِكَ الَّذِي أَخْرَجَكَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ مِنْ بَيْتِ الْعُبُودِيَّةِ.

11 فَيَسْمَعُ جَمِيعُ إِسْرَائِيلَ وَيَخَافُونَ، وَلاَ يَعُودُونَ يَعْمَلُونَ مِثْلَ هذَا الأَمْرِ الشِّرِّيرِ فِي وَسَطِكَ.

     فان هذه النصوص واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار في أنها تخص بني إسرائيل بالذكر، وتتكلم عن تلك الفتنة التي سوف تحدث بينهم. 

     بل لو تفحصت الصحاح الخامس من سفر التثنية وغيره لوجدت إشارات أخرى واضحة في المقام، أعرضت عن ذكرها اختصاراً للكلام.