تَقْوِيَةُ الرَّوَابِطِ الدِّينِيَّةِ عِنْدَ الأَطْفَالِ.

انْسَامُ/ ايرلندا: لَدَيَّ سُؤَالٌ عَنْ كَيْفِيَّةِ تَقْوِيَةِ الرَّوَابِطِ الدِّينِيَّةِ عِنْدَ الأَطْفَالِ فِي حَالِ وُجُودِنَا فِي دُوَلٍ أُورُبِّيَّةٍ وَلَا يُوجَدُ أَيٌّ مِنَ المَرَاسِيمِ الخَاصَّةِ بِدِينِنَا وَعَقِيدَتِنَا، بَعْضُ الْأَحْيَانِ أُحِسُّ أَنِّي عَاجِزَةٌ عَنْ زَرْعِ هَذِهِ التّعَالِيمِ خَاصَّةً أَنَّ المُجْتَمَعَ لَهُ تَأْثِيرٌ عَلَى الإِنْسَانِ. أَرْجُوا مِنْكُمُ النَّصِيحَةَ؟ وَلَكُمْ خَالِصُ الشُّكْرِ.

: اللجنة العلمية

الجواب:

     الأُخْتُ أَنْسَامُ المُحْتَرَمَةُ.. السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.

     مِنَ المَعْرُوفِ أَنَّ التَّعْلِيمَ فِي الصِّغَرِ هُوَ كَالنَّقْشِ عَلَى الحَجَرِ، أَيْ لَا يَزُولُ أَثَرُهُ مِنْ ذِهْنِ وَنَفْسِ الطِّفْلِ أَبَدًا، لِذَا عَلَى كُلِّ أَبِ وَأُمٍّ اسْتِثْمَارُ مَرْحَلَةِ الطُّفُولَةِ لأَبْنَائِهِمَا وَغَرْسُ قِيَمِ الدِّينِ وَالفَضِيلَةِ عِنْدَهُمْ مَا اسْتَطَاعُوا؛ فَإِنَّ الإِبْنَ وَالبِنْتَ الصَّالِحَيْنِ لِأَبَوَيْهِمَا هُمَا نِعْمَةٌ عَظِيمَةٌ مِنْ نِعَمِ اللهِ، يُجْنِي ثِمَارَهَا الآبَاءُ وَالأُمَّهَاتُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ.

     وَحَتَّى يَصِلَ الآبَاءُ وَالأُمَّهَاتُ إِلَى النَّتَائِجِ المَرْجُوَّةِ فِي تَرْبِيَتِهِمَا لِأَبْنَائِهمَا عَلَيْهِمَا سُلُوكُ الخُطُوَاتِ التَّالِيَةِ:

     أَوَّلًا: أَنْ يَكُونَا (الأَبُ وَالأُمُّ) قُدْوَتَيْنِ صَالِحَتَيْنِ لأَبْنَائِهِمَا، فَلَا يَصِحُّ أَنْ نَدْعُوَ أَبْنَاءَنَا للإِلْتِزَامِ بِالفَضَائِلِ وَأَحْكَامِ الدِّينِ مَثَلًا وَنَحْنُ لَا نَلْتَزِمُ بِهِمَا، فَالأَبْنَاءُ لَا تُؤَثِّرُ فِيهِمُ الكَلِمَاتُ بِقَدْرِ مَا يُؤَثِّرُ فِيهِمُ السُّلُوكُ الخَارِجِيُّ لِأَبَوَيْهِمَا، فَإِذَا شَاهَدَ الأَبْنَاءُ الْتِزَامَ أَبَوَيْهِمَا بِأَدَاءِ الصَّلَاَةِ فِي وَقْتِهَا، وَأَنَّهُمَا لَا يَتَلَفَّظَانِ بِالكَلِمَاتِ النَّابِيَةِ أَبَدًا، وَأَنَّهُمَا حَرِيصَانِ عَلَى عَدَمِ مُشَاهَدَةِ البَرَامِجِ وَالمَقَاطِعِ غَيْرِ المُحَبَّذَةِ شَرْعًا، فَهُمْ حَتْمًا سَيَسْلُكُونَ طَرِيقَتَهُمْ وَيَمِيلُونَ لِتَقْليدِهِمْ فِي مِثْلِ هَذِهِ الأُمُورِ.

     ثَانِيًا: إشَاعَةُ جَوِّ التَّرْغِيبِ فِي تَعْلِيمِ أَيِّ مُفْرَدَةٍ أَوْ فَرِيضَةٍ يُرِيدُونَ تَعْلِيمَهَا لأَبْنَائِهِمْ، فَالتَّعْلِيمُ الجَافُّ الخَالِي مِنْ رُوحِ التَّرْغِيبِ لَا يَمِيلُ إِلَيْهِ الأَطْفَالُ، وَعَوَامِلُ التَّرْغِيبِ كَثِيرَةٌ تَتَمَثَّلُ بِالدُّعَابَةِ الجَمِيلَةِ، وَالهَدِيَّةِ الصَّغِيرَةِ، وَالتَّشْجِيعِ الكَثِيرِ، وَالمُنَافَسَةِ فِي الْأَدَاءِ ..فَكُلُّ هَذِهِ العَوَامِلِ تُحَفِّزُ الأَطْفَالَ عَلَى الرَّغْبَةِ فِي تَعَلُّمِ الفَرَائِضِ وَحِفْظِ السُّوَرِ وَالأَدْعِيَةِ وَنَحوِهَا.

     ثَالِثًا: عَدَمُ اللُّجُوءِ إِلَى حَالَةِ التَّأْنِيبِ وَالتَّوْبِيخِ الَّتِي تَخْلُقُ مَعَ الأَيَّامِ حَاجِزًا نَفْسِيًّا بَيْنَهُ وَبَيْنَ التّعَالِيمِ الدِّينِيَّةِ، بَلِ الإِعْتِمَادُ عَلَى عَامِلِ التَّشْجِيعِ وَالتَّرْغِيبِ دَائِمًا، وَإِذَا اضْطَرَّ الأَبُ لِمُعَاقَبَةِ ابْنِهِ فَلْيُعَاقِبْهُ عِقَابًا خَفِيفًا، ثُمَّ يُعَقِّبُهُ بِتَشْجِيعٍ وَتَرْغِيبٍ جَدِيدٍ.

     رَابِعًا: تَعْلِيمُ الطِّفْلِ عَلَى حَالَةِ التَّمْيِيزِ بَيْنَ الْأُمُورِ، وَبِالتَّحْدِيدِ التَّمْييزُ بَيْنَ مَا عَلَيْهِ الإِلْتِزَامُ بِهِ وَبَيْنَ مَا يَجِبُ تَجَنُّبُهُ، حَتَّى يَكُونَ مَحْمِيًّا مِنْ أَيِّ تَأْثِيرٍ وَإِمْلَاءٍ خَارِجِيٍّ عَلَيْهِ مِنْ أَفْكَارٍ وَسُلُوكِيَاتٍ تُخَالِفُ دِينَهُ وَعَقِيدَتَهُ، وَهَذِهِ تُعَدُّ أَهَمَّ خُطْوَةٍ فِي التَّرْبِيَةِ، وَمِنْ هُنَا عَلَى الْأَبَوِينَ أَنْ يَغْرِسُوا فِي أَبْنَائِهِمْ مَفَاهِيمَ دِينِهِمِ الخَّاصِّ بِهِمْ (وَهَذَا الكَلَامُ لِمَنْ يَعِيشُونَ فِي بِيئَةٍ مُتَعَدِّدَةِ الدِّيَانَاتِ وَالعَقَائِدِ), بِأَنْ يَكُونَ التَّوْجِيهُ دَائِمًا عَلَى مُفْرَدَاتٍ ؛هَذَا يَجِبُ عَمَلُهُ (كَالصِّدْقِ وَالأَمَانَةِ وَاحْتِرَامِ الآخَرِينَ وَنَحْوِهَا)، وَهَذَا يَجِبُ الإِجْتِنَابُ عَنْهُ (كَالْكَذِبِ وَالنَّمِيمَةِ وَمُرَافَقَةِ أَصْدِقَاءِ السُّوءِ وَنَحْوِهَا).

     خَامِسًا: عَمَلُ مُسَابَقَةٍ عِلْمِيَّةٍ دَوْرِيَّةٍ تُرَسِّخُ المَفَاهِيمَ وَالمَعْلُومَاتِ وَسِيرَةَ النَّبِيِّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) وَالأَئِمَّةِ الطَّاهِرِينَ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ) فِي أَذْهَانِهِمْ، وَذَلِكَ مَنْ خِلَالِ تَزْوِيدِهِمْ بِكُرَّاسَاتٍ صَغِيرَةٍ مُلَائِمَةٍ لِأَعْمَارِهِمْ تَتَضَمَّنُ هَذِهِ الأُمُورَ ثُمَّ إِجْرَاءُ مُسَابَقَةٍ لَهُمْ نِصْفِ شَهْرِيَّةٍ حَوْلَ مَا قَرَأُوهُ وَحَفِظُوهُ مِنْ مَعْلُومَاتٍ فِي هَذِهِ الجَانِبِ، تَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا جَوَائِزُ مُغْرِيَةٌ تَجْعَلُهُمْ فِي مَحَلِّ المُنَافَسَةِ وَالحِفْظِ، وَهَذَا نَشَاطٌ مَعْرِفِيٌّ مُهِمٌّ جِدًّا سَتَظْهَرُ آثَارُهُ عَلَيْهِمْ فِي المُسْتَقْبَلِ بِشَكْلٍ كَبِيرٍ.

     هَذِهِ جُمْلَةُ وَسَائِلَ يُمْكِنُ لِلْآبَاءِ وَالأُمَّهَاتِ اتِّبَاعُهَا فِي إِعْدَادِ أَبْنَائِهِمْ إِعْدَادًا طَيِّبًا مُبَارَكًا، مَعَ مُلَاحِظَةِ كُلِّ مَرْحَلَةٍ عُمْرِيَّةِ وَمَا يُنَاسِبُهَا مِنَ الإِعْدَادِ المَذْكُورِ.

     وَدُمْتُمْ سَالِمِينَ.