تأثير المدرسة والجامعة والبيت على أبنائنا.

قاسم الحلي/ العراق/: ما مدى تأثير المدرسة والجامعة على شبابنا من حيث الإلتزام الأخلاقي والديني إن كان سلباً أو إيجاباً وفي حال تعاكس الحالة أي تارة تكون الأسرة في تأثيرها على الشاب سلبياً وفي المدرسة أو الجامعة يكون إيجابياً والعكس بالعكس فهل هذا يحدث فارقاً في التأثير والتأثر؟

: اللجنة العلمية

     الأخ قاسم الحلي المحترم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:

     لا يَخفى عليكم أن للمدرسة وبعدها الجامعة تأثيراً كبيراً على أبنائنا، فالطالب يتأثّر كثيراً بأقرانه الطلبة أكثر مما يتأثّر بعائلته وأهله، لذا تراه يميل إلى تقليدهم والعمل بأعمالهم وتبني أفكارهم بسرعة، بخلاف البيت فهو يشعر بحالة من القيود وعدم الحرية في التعاطي مع والديه وإخوانه، الأمر الذي يخلق فجوةً بينه وبينهم، ومن هنا على الآباء أن يلتفتوا إلى هذه النقطة بالذات، ويرفعوا حالة التعاطي الرسمي بين الأب وابنه بأن يحاول الأب مصادقة أبنائه وكأنه أحد أصدقائهم، يسامرهم ويلعب معهم ويخرج معهم للمتنزهات وأماكن اللعب، والحديث الشريف الذي يقول: (تصابوا لصبيانكم) والذي يقول: (من كان له صبيّ فليتصاب له)(1)، يشير إلى هذه المسألة بشكلٍ واضحٍ وصريح، ويدعو لردم الفجوة بين الآباء وأبنائهم، حتى يَطْمئنّ الأبناء للآباء فيتأثّروا بهم ويتخذونهم قدوة صالحة في الحياة ولا يتركوا المجال لأصدقاء السوء في المدارس والجامعات للاستيلاء على قلوبهم وأفكارهم.

     ومن هنا ندعو وبكل إخلاص - إضافةً للدور الأبوي الذي أشرنا إليه - مدراء المدارس والجامعات بممارسة دورهم التربوي الشرعي بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في مدارسهم وجامعاتهم والحدِّ من كل حالات التسيُّب والانحلال الأخلاقي إن وجدت، وذلك وفق ضوابط رسمية تجعل المدارس والجامعات مَنْبتاً صالحاً لأبنائنا، نستطيع من خلالها أن نبني مجتمعاً متقدماً منتجاً كفوءاً، فالأمم - كما يقول الشاعر- إنما هي بالأخلاق، فإذا ذهبت أخلاقهم ذهبوا(2).

     ولعلَّ الكثير اطّلع على ما حصل في اليابان مؤخراً، من تركيز المدارس اليابانية في مراحلها الأولى على دروس الأخلاق وبناء الشخصية أكثر من تركيزها على تعليمهم الرياضيات والقراءة والكتابة، وذلك إيماناً منهم بأن بناء الروح يأتي قبل بناء الفكر والذهن. 

     ودمتم سالمين.

______________________

(1)- من لا يحضره الفقيه لابن بابويه، ط: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين قم، تحقيق: علي أكبر غفاري، ج3، ص484.

(2)- بيت شعري للشاعر "أحمد شوقي":

وإِنَّمَـا الأُمَـمُ الأَخْـلاقُ مَا بَقِيَـتْ*** فَـإِنْ هُمُ ذَهَبَـتْ أَخْـلاقُهُمْ ذَهَبُـوا