الْإِمَامَةُ أَمَانٌ مِنْ الفُرْقَةِ والْإِخْتِلَافِ.

مُحِبُّ أَهْلِ البَيْتِ/ العِرَاقُ/:       السَّلَامُ عَلَيْكُمْ.       المُقَدِّمَةُ الأُولَى: نَعْلَمُ أَنَّ الهَدَفَ مِنْ الإمَامَةِ الأَمَانُ مِنْ الفِرْقَةِ وَتَوْحِيدُ الأُمَّةِ، وَلِذَلِكَ كَانَتْ الإمَامَةُ بِالنَّصِّ; لِأَنْ لا يَقَعَ الدَّوْرُ حَيْثُ يَخْتَلِفُ النَّاسُ عَلَى الإِمَامِ الَّذِي بِهِ وَحْدَتُهُمْ، إِذْ أَنَّ أَقْوَالَ المَذَاهِبِ الأُخْرَى فِي شُرُوطِ تَعْيِينِ الخَلِيفَةِ مُتَضَارِبَةٌ، فَهْمٌ مُبْتَلَوْنَ بِالدَّوْرِ; إِذْ إِنَّهُمْ مُخْتَلِفُونَ عَلَى مَاالإِمَامُ الَّذِي بِهِ الوَحْدَةُ وَالأَمَانُ مِنْ الفِرْقَةِ.      المُقَدِّمَةُ الثَّانِيَةُ: بِاعْتِبَارِ أَنَّ المَرْجِعِيَّةَ الدِّينِيَّةَ امْتِدَادٌ للإمَامَةِ، وَلَهَا نَفْسُ هَدَفِهَا، وَهُوَ وَحْدَةُ المُسْلِمِينَ.      السُّؤَالُ: أَلَا يَقَعُ الإِشْكَالُ نَفْسُهُ عَلَى المَرْجِعِيَّةِ الدِّينِيَّةِ حَيْثُ يُقَالُ بِأَنَّ المَرْجِعِيَّةَ الَّتِي بِهَا وَحْدَةُ الأُمَّةِ هِيَ نَفْسُهَا مُخْتَلِفَةٌ فِي سُبُلِ الوَحْدَةِ؟

: اللجنة العلمية

      قَالَ تَعَالَى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} وَحَبْلُ اللهِ هُمْ أَهْلُ البَيْتِ (عَ) كَمَا فِي المَأْثُورِ.

     وَوَرَدَ فِي الخُطْبَةِ الفَدَكِيَّةِ لِسَيِّدَتِنَا وَمَولَاتِنَا فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ (عَ): وَطَاعَتُنَا نِظَامًا لِلمِلَّةِ، وإِمَامَتُنَا أَمَانًا مِنْ الفُرْقَةِ.

     فَالتَّمَسُّكُ بِأَهْلِ البَيْتِ (عَ) هُوَ الضَّمَانُ مِنْ الإِفْتِرَاقِ عَنْ حَبْلِ اللهِ وَدِينِهِ، وَهُوَ الضَّمَانُ مِنْ الضَّلَالِ كَمَا فِي حَدِيثِ الِثَّقَلَيْنِ.

     وَطَاعَةُ أَهْلِ البَيْتِ (عَ) هُوَ الضَّمَانُ لِانْتِظَامِ أُمُورِ المُسْلِمِينَ نُظُمًا لَا يُدَاخِلُهُ فَتْقٌ، فَانْتِظَامُ الأُمُورِ لَهُ سِرٌّ لَمْ يُطْلِعْهُ اللهُ إِلَّا لِخُلَفَائِهِ المَنَصَّبِينَ مِنْ قِبَلِهِ.

     وَالنُّظُمُ وَالإِنْتِظَامُ لَهُ مَرَاتِبُ وَدَرَجَاتٌ، وَأَعْلَى دَرَجَاتِهَا تَكُونُ فِي ظِلِّ دَوْلَةِ المَعْصُومِ المُنَصَّبِ مِنْ اللهِ، مَعَ طَاعَةِ الأُمَّةِ وَالرَّعِيَّةِ لَهُ، وَأَدَاءِ مَسْؤُولِيَّاتِهِمْ بِالشَّكْلِ المَطْلُوبِ.

     وَهُنَاكَ مَرْتَبَةٌ أَدْنَى مِنْهَا تَكُونُ فِي ظِلِّ مَنْ هُوَ امْتِدَادٌ لِلمَعْصُومِ، كَالفُقَهَاءِ الرَّبَّانِيِّينَ الَّذِينَ اجْتَمَعَتْ فِيهِمْ شُرُوطُ النِّيَابَةِ، وَتَفَاعَلَتْ مَعَهُمْ الرَّعِيَّةُ وَأَطَاعَتْهُمْ.

     فَالمَرْجِعِيَّةُ وَنِيَابَةُ المَعْصُومِ - الَّتِي هِيَ امْتِدَادٌ للإمَامَةِ الإِلَهِيَّةِ - ضَمَانٌ مِنْ الإِفْتِرَاقِ عَنْ دِينِ اللهِ، وَطَاعَتُهُمْ سَبَبٌ لِانْتِظَامِ الأُمُورِ.

     هَذَا وَلِيُعْلَمَ أَنَّهُ لَا خِلَافَ بَيْنَ فُقَهَائِنَا فِي سُبُلِ الوَحْدَةِ، وَأَنَّهَا لَا تَتَحَقَّقُ بِدُونِ وِلَايَةِ أَهْلِ البَيْتِ (عَ)، فَالإِشْكَالُ مِنْ أَسَاسِهِ مُنْتَفٍ.