أن الشيعة يوثقون الكليني مع أنّه أخرج في كتابه الكافي أساطير تحريف القرآن

: اللجنة العلمية

الجواب الإجمالي: 

إنّ مجرد نقل الشيخ الكليني لرواية في كتابه (الكافي) تنص على تحريف القرآن - على تقدير الإغماض عن صحة ورود وعدم ورود هكذا رواية - لا يدلّ بالضرورة على اعتقاده بالتحريف.

وفضلاً عن ذلك تصريحه الواضح في أول كتابه مؤكداً على ردّ كل ما خالف كتاب الله تعالى من الروايات الواردة فيه، وأردف مستدلاً بعدّة روايات تنص على عدم الأخذ بالروايات التي تخالف كتاب الله عزّ وجلّ، وهذا بحدّ ذاته كافٍ لنسف دعوى المدّعي مِنْ أساسها.

الجواب التفصيلي:

أولاً: على تقدير نقل الشيخ الكليني لرواية في كتابه تدلُّ على التحريف، فمجرد ذلك لا يدلّ على اعتقاده بالتحريف، كيف وقد صرحّ في أول كتابه بردِّ ما خالف كتاب الله من الروايات، حيث قال ما نصه: (فَاعْلَمْ يَا أَخِي- أَرْشَدَكَ‏ اللَّهُ- أَنَّهُ لَايَسَعُ أَحَداً تَمْيِيزُ شَيْ‏ءٍ مِمَّا اخْتَلفَتِ‏ الرِّوَايَةُ فِيهِ عَنِ‏ الْعُلَمَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ بِرَأْيِهِ، إِلَّا عَلى‏ مَا أَطْلَقَهُ الْعَالِمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِقَوْلِهِ‏: (اعْرِضُوهَاعَلى‏ كِتَابِ اللَّهِ، فَمَا وَافَقَ‏ كِتَابَ اللَّهِ- عَزَّوَجَلَّ- فَخُذُوهُ‏، وَ مَا خَالَفَ كِتَابَ اللَّهِ فرُدُّوهُ)) الكافي ( ط - دار الحديث) ؛ ج‏1 ؛ ص17.

ثانياً: أورد الشيخ الكليني (ره) عدّة روايات تنص على عدم الأخذ بما يخالف كتاب الله عزّ وجلّ، منها:

1- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّوْفَلِيِّ عَنِ السَّكُونِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ: إِنَّ عَلَى كُلِّ حَقٍ‏ حَقِيقَةً وَ عَلَى كُلِّ صَوَابٍ نُوراً فَمَا وَافَقَ كِتَابَ اللَّهِ فَخُذُوهُ وَ مَا خَالَفَ كِتَابَ اللَّهِ فَدَعُوهُ.

2- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَعْفُورٍ قَالَ وَ حَدَّثَنِي حُسَيْنُ بْنُ أَبِي الْعَلَاءِ أَنَّهُ حَضَرَ ابْنُ أَبِي يَعْفُورٍ فِي هَذَا الْمَجْلِسِ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ- عَنِ اخْتِلَافِ الْحَدِيثِ يَرْوِيهِ مَنْ نَثِقُ بِهِ وَ مِنْهُمْ مَنْ لَا نَثِقُ بِهِ قَالَ إِذَا وَرَدَ عَلَيْكُمْ حَدِيثٌ فَوَجَدْتُمْ لَهُ شَاهِداً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ أَوْ مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ‏ وَ إِلَّا فَالَّذِي جَاءَكُمْ بِهِ أَوْلَى بِهِ. 

3 - عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ يَحْيَى الْحَلَبِيِّ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ الْحُرِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقُولُ: كُلُّ شَيْ‏ءٍ مَرْدُودٌ إِلَى الْكِتَابِ وَ السُّنَّةِ وَ كُلُّ حَدِيثٍ لَا يُوَافِقُ كِتَابَ اللَّهِ فَهُوَ زُخْرُفٌ‏.

4 - مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ رَاشِدٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ: مَا لَمْ يُوَافِقْ مِنَ الْحَدِيثِ الْقُرْآنَ فَهُوَ زُخْرُفٌ.

5 - مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ وَ غَيْرِهِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ: خَطَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ بِمِنًى فَقَالَ أَيُّهَا النَّاسُ مَا جَاءَكُمْ عَنِّي يُوَافِقُ كِتَابَ اللَّهِ فَأَنَا قُلْتُهُ وَ مَا جَاءَكُمْ يُخَالِفُ كِتَابَ اللَّهِ فَلَمْ أَقُلْهُ(1).

وغيرها كثير من الروايات التي تتضمن ما أشرنا إليه، وبهذا القدر يبطل المدعى.

ثالثاً: البخاري روى عشرات الأساطير في صحيحه تنص على تحريف القرآن، وهو مع ذلك الثقة المتفق على وثاقته عند علماء أهل السنة، وليس هذا فحسب، بل البدعة النكرى والطامة العظمى أنهم عدّوا كتابه أصح كتاب بعد كتاب الله !! مع أن هذا الرجل (البخاري) يذكر أنواعًا من الأحاديث الضعيفة والموضوعة فضلاً عن روايته الاساطير والخرافات الخيالية التي ما أنزل الله بها من سلطان.

قال كمال الدين بن همام في (شرح الهداية): وقوله من قال: أصحّ الأحاديث ما في الصحيحين ثم ّ ما انفرد به البخاري ثم ما انفرد به مسلم، ثم ما اشتمل على شرط أحدهما... تحكّم وباطل لا يجوز التقليد فيه(2).

وقال الخطيب: عن سعيد بن عمر، وقال: شهدت أبا زرعة الرازي ذكر كتاب الصحيح الذي ألّف مسلم بن الحجّاج ثمّ المصوّغ على مثاله - صحيح البخاري - فقال لي أبو زرعة: هؤلاء قوم أرادوا التقدّم قبل أوانه فعلموا شيئا ً يتسوقون به، ألّفوا كتابا ً لم يسبقوا إليه ليقيموا لأنفسهم رئاسة قبل وقتها. وأتاه ذات يوم - وأنا شاهد - رجل بكتب الصحيح من رواية مسلم فجعل ينظر فيه فإذا حديث عن أسباط بن نصر، فقال أبو زرعة: ما أبعد هذا من الصحيح يدخل في كتابه أسباط بن نصر، ثم رأى في كتابه قطن بن نصير فقال لي: وهذا أطمّ من الأوّل(3). 

وذكر الذهبي قصّة أبي زرعة ولكنّه أتى بكلمة يتسوّقون - يتاجرون - بدلاً عن كلمة يتشوّفون - يتظاهرون –(4).

وما ذُكر ليس بخفيٍ على الناس، ولم نأتي بجديد خافٍ عليهم، فأساطير البخاري في صحيحه جعلت من المسلمين هدفاً لسهام الراشقين من المستشرقين والملحدين وغيرهم من أعداء الإسلام، لظنّهم أنّ الإسلام المحمدي مسطور بين دفتيه.  

خلاصة الجواب:

1 - إنّ مجرد نقل الشيخ الكليني لرواية في كتابه تنص على تحريف القرآن لا يدلّ بالضرورة على اعتقاده بالتحريف.

2 - تأكيد الشيخ الكليني (ره) الواضح في أول كتابه على ردّ كل ما خالف كتاب الله تعالى من الروايات الواردة فيه.

3 – ايراد الشيخ (ره) عدّة روايات في نفس كتابه تنص على عدم الأخذ بالروايات التي تخالف كتاب الله عزّ وجلّ.

4 – اشتهر عن البخاري - في زماننا هذا - بين العامة والخاصة روايته الأساطير والخرافات الخيالية، ومع ذلك فهو الثقة المتفق على وثاقته عند علماء أهل السنة، وفضلاً عن ذلك عدّوا كتابه أصحّ كتاب بعد كتاب الله .. فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 - الكافي (ط - إسلامية)؛ ج‏1؛ ص69.

 2 - أضواء على السنة المحمديّة، 312.

 3 - تاريخ بغداد، 273.

 4 - ميزان الإعتدال، 1، 126 ترجمة أحمد بن عيسى المصري التستري رقم 507.