هل للمَعصُومِينَ (ع) ذُنُوبٌ حتى يَستَغفِرُوا مِنْها في أدعِيَتِهم؟!!

مُصطَفى بَشِير/: مُمكِن سُؤَال: هل للمَعصُومِ ذُنُوبٌ حيثُ نَجِدُهم يَطلُبونَ منَ اللهِ المَغفِرَةَ في أدعِيَتِهم؟

: اللجنة العلمية

الأخُ مُصطفَى المحتَرمُ.. السَّلامُ علَيكم ورَحمةُ اللهِ وبركَاتُه. 

 بعدَ القَطعِ بعِصمَةِ الأئمَّةِ (عليهم السلام) عَقلاً ونَقلاً فكَانتْ عِصمَتُهم كَالنصِّ المَعمُولِ به، لذَا يَنبَغِي تأوِيلُ كلِّ ما يَرِدُنا خِلَافَ ذلكَ حَسبَ القَاعِدةِ التي تَقُولُ: مِن حَملِ الظَّاهرِ على النَّصِّ. وهذا الحَملُ يَكُونُ مِن خِلَالِ تأوِيلِ الظَّاهرِ بتأوِيلَاتٍ مَقبُولةٍ عُرفاً وشَرعاً.. وفي مَقَامِنا يُمكِنُ القَولُ بأنَّ أقوَالَهُم (عليهم السلام) في أدعِيَتِهم بطَلَبِ الإستِغفَارِ منَ الذُّنُوبِ تُحمَلُ على وُجُوهٍ، وكُلُّها مَقبُولةٌ، وأبرَزُها وَجهَينِ:

 الأولُ: أنَّ المُرادَ بها تَعلِيمُ الأمَّةِ طَرِيقةَ الدُّعَاءِ، فقد كَانتْ الأدعِيةُ عِندَهم (عليهم السلام) مَدرَسةً ثرة اسْتطَاعُوا مِن خِلَالِها إيصَالَ الكَثِيرِ منَ العُلُومِ إلى الأمَّةِ في التَّوحِيدِ والعَدلِ وبَيانَ الحِكمَةِ للكَثِيرِ مِن فُرُوعِ الدِّينِ وآدابِه.

 الثَّاني: أنْ يَكُونَ المُرادُ بها اسْتِغفَاراً حَقِيقِيّاً ولكنْ ليس الإستِغفَارَ المَعهُودَ منَ الذُّنُوبِ والمَعَاصِي، بل الإستِغفَارُ مِن عَدمِ إعطَاءِ المَولَى سُبحانَه حقَّه منَ العِبادَةِ والطَّاعةِ المَرجُوَّةِ، فهُم في تَواصُلٍ دَائمٍ في طَاعَةِ اللهِ ويَخشَونَ أنْ يَغفُلُوا لَحظةً عن طَاعَتِه سُبحانَه، وهذا الشَّوقُ المتَواصِلُ لدَوامِ الطَّاعَاتِ والسَّعيُ لبُلُوغِ أعلَى الدَّرجَاتِ يَجعَلُهم في اسْتغفَارٍ دَائمٍ، وكمَا قِيلَ: حَسنَاتُ الأبرَارِ سيِّئاتُ المُقرَّبينَ، فالأبرَارُ حينَ يَقتَصِرُونَ على أداءِ الوَاجِبَاتِ فقط يَعتبِرُه المُقرَّبُونَ سيِّئةً بالنِّسبَةِ لهم يَنبَغِي الإستِغفَارُ منْه، وهذا هو شأنُ أهلِ القُرْبِ في طَلبِ المقَامَاتِ لا يَنقَطِعُ طَلَبُهُم.

 ودُمتُم سَالِمينَ.