الرواية (أنَّ الطيرَ لو زنى لتناثرَ ريشُه) , فهل على الطيرِ زِنا؟
وردَنا السؤالُ التالي حولَ الروايةِ المعروفةِ (أنَّ الطيرَ لو زنى لتناثرَ ريشُه) فهل على الطيرِ زِنا بحيثُ تترتّبُ الأحكامُ معَ أنَّ ما في روايةِ البُخاريّ مِن زِنا قردةٍ فاجتمعَت القردةُ على رجمِها ممّا فيهِ مظنّةُ السّخرية.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: الروايةُ وردَت في الكافي والمحاسنِ ومِنها نقلَ في الفقيهِ ففي الكافي (ط - الإسلامية) ؛ ج5 ؛ ص541 بَابُ الزَّانِي، رقمُ الحديث: 8/ مُحَمَّدُ بنُ يَحيَى عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابنِ فَضَّالٍ عَن عَبدِ اللَّهِ بنِ مَيمُونٍ القَدَّاحِ عَن أَبِي عَبدِ اللَّهِ ع قَالَ: قَالَ يَعقُوبُ لِابنِهِ يَا بُنَيَّ لَا تَزنِ فَإِنَّ الطَّائِرَ لَو زَنَى لَتَنَاثَرَ رِيشُهُ. وفي المحاسنِ؛ ج1؛ ص106، حديث:92/ عَنهُ عَن مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ عَنِ ابنِ فَضَّالٍ عَنِ ابنِ القَدَّاحِ عَن أَبِي عَبدِ اللَّهِ ع قَالَ: قَالَ يَعقُوبُ ع لِابنِهِ يَا بُنَيَّ لَا تَزنِ فَلَو أَنَّ الطَّيرَ زَنَى لَتَنَاثَر. من لا يحضره الفقيه؛ ج4؛ ص20 – الحديثُ 4980 هذا وقد أجابَ عن هذا السؤالِ المجلسيُّ الأوّلُ (ره): «و في روايةِ عبدِ اللهِ بنِ ميمون» في الحُسنِ كالصّحيحِ و الكُلينيُّ في الموثّقِ كالصّحيح. «فإنَّ الطيرَ لو زنى» أي لو كانَ لها زناءٌ وزنَت أو جمعَها معَ غيرِ زوجِها زناءٌ ويكونُ في الواقعِ كذلكَ ولا استبعادَ فيه. انتهى. روضةُ المُتّقينَ في شرحِ مَن لا يحضرُه الفقيه (ط - القديمة)؛ ج9؛ ص438. وتوضيحُه: أنَّ الحديثَ وردَ بنحوِ القضيّةِ الشرطيّةِ، لورودِ كلمةِ (لو)، والتقديرُ: (لو كانَ هناكَ زنا على الطيورِ لتناثرَ ريشُها)، ومنَ المُقرّرِ في عِلميّ اللغةِ والمنطِق أنَّ الجُملةَ الشرطيّةَ تصدُق حتّى معَ كذبِ طرفيها، كقولِه تعالى: (لو كانَ فيهما آلهةٌ إلّا اللهُ لفسدتا)، فرغمَ كذبِ طرفي القضيّةِ (في السّماواتِ والأرضِ آلهةٌ دونَ الله)، (السّماءُ والأرضُ فسدتا)، إلّا أنَّ الآيةَ صادقةٌ، لأنَّ مدارَ الصّدقِ في القضايا الشرطيّةِ هوَ التلازمُ والربطُ بينَ الطرفين، وإن كذبا. والحديثُ محلُّ البحثِ مِن هذا القبيل. فالحديثُ وردَ بنحوِ القضيّةِ الشرطيّةِ لبيانِ شناعةِ وفظاعةِ هذهِ المعصيةِ (الزّنا).
اترك تعليق