كيفَ يُنكِرُ ابنُ تيميّةَ كراماتِ أهلِ البيت ولم يعتمِدها كمُعجزات؟

ممكن مساعدة في موضوع كيف ان ابن تيمية انكر كرامات اهل البيت ولم يعتمدها كمعجزات؟

: السيد أبو اَلحسن علي الموسوي

«الجوابُ»:

بِسمِ اللَّهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ

إنكارُ ابنِ تيميةَ لكراماتِ أهلِ البيتِ عليهم السلام مِن أجلِ أمرين:

الأمرُ الأوّل: اِنحِرَافُهُ عَن أَمِيرِ اَلمُؤمِنِينَ عَلِيٍّ وآلِه عليهم السلام مِمّا دفعَه لإنكارِ فضلِهم بل الوقيعةِ فيهم فهذا الحافظُ اِبنُ حَجَر العسقلاني ذكرَ أنَّ مِنَ العُلماءِ مِن يَنسُبُهُ إِلَى اَلنِّفَاقِ لِقَولِهِ فِي حَقِّ عَلِي أَخطَأَ فِي سَبعَةَ عَشَرَ شَيئًا ثُمَّ خَالَفَ فِيهَا نَصَّ اَلكِتَابِ وَلِقَولِهِ إِنَّهُ كَانَ مَخذُولاً حَيثُ مَا تَوَجَّهَ وَأَنَّهُ حَاوَلَ اَلخِلَافَةَ مِرَارًا فَلَم يَنَلهَا وَإِنَّمَا قَاتلَ لِلرِّئَاسَةِ لَا لِلدِّيَانَةِ وَأَنَّهُ كَانَ يُحِبُّ اَلرِّئَاسَةَ وَأَسلَمَ صَبِيًّا وَالصَّبِيُّ لَا يَصِحُّ إِسلَامُهُ (1).

وَذَكَرَ اَلحَافِظُ فِي تَرجَمَةِ اَلعَلَّامَةِ اِبن اَلمُطَهَّر: أَنَّ لِمُبَالَغَةِ اَلمُصَنَّفِ اَلحَرَّانِي فِي تَوهِينِ كَلَامِهِ أَفضَى بِهِ إِلَى تَنقِيصِ عَلِيٍّ عليهِ السلام (2).

وهذا المُحدّثُ اِبنُ اَلصِّدِّيقِ اَلغَمَّارِي يَقُولَ: اِبنُ تَيمِيَّةَ أَكثَرَ اَلطَّعنَ فِي أَحَادِيثِ فَضلِ عَلِيّ عَلَيهِ اَلسَّلَامُ، تَجِدُ ذَلِكَ فِي مِنهَاجِهِ وَاضِحًا.. لِأَنَّ فِيهِ اِنحِرَافًا عَن عَلِيٍّ عَلَيهِ اَلسَّلَامُ (3).

الأمرُ الثاني: لمّا صَنَّفَ اَلعَلَّامَةُ –رحمَه الله- كِتَابَ «مِنهَاجِ اَلكَرَامَةِ في معرفة الامامة» ذَاعَ صِيتُهُ فِي اَلآفَاقِ وَنُقلَت نُسخَهُ إِلَى اَلبُلدَانِ خَافَ اَلمُخَالِفُونَ لمّا رَأَوا مَدَى تَأثِيرهِ فِي انتِشَار اَلتَّشَيُّعِ أَثَارَ ذَلِكَ حَفِيظَةَ ابنِ تيمية اَلحَرَّانِي فَصَنَّفَ كِتَابًا في الردِّ عليهِ اشتُهرَ بـ «مِنهَاجُ اَلسُّنَّةِ». وكانَ شيخُ الشيعةِ آيةُ اللهِ العلّامة قد ذكرَ في كتابِه المذكورِ مِن أدلّةِ إمامةِ أئمّةِ أهلِ البيت عليهم السلام المُستنبطةِ مِن أحوالِهم بعضَ الكراماتِ (4). واعتمدَ قاعدةَ التفضيلِ لِأَنَّ تَولِيَةَ اَلمَفضُولِ قَبِيحٌ عَقلاً وَنَقلاً وأنَّ ابنَ تيميةَ يَرَى مَنعهُ وَأَنَّهُ ظُلمٌ عَظِيمٌ (5). وَقد حَكَى وُجُوبَ تَولِيَةِ اَلأَفضَلِ عَن جمهورِ أَصحَابِهِ (6). لهذا أنكرَ ابنُ تيميةَ تلكَ الكرامات إذ تفضيلُ أئمّةِ أهلِ البيت مُبطِلٌ لإمامةِ أئمّةِ أهلِ الخِلاف فكلُّ حديثٍ في فضلِهم يبادرُ ابنُ تيميةَ وغيرُه إلى إنكارِه بحقٍّ أو باطلٍ وَقَد شَهِدَ بِذَلِكَ المُحَدِّثَان الغُمَارِيان:

▪️ أَحمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ صِدِّيقٍ الغُمَارِيُّ (المُتَوَفَّى: 1380 هـ).

ذَكَرَ أَنَّ سَبَبَ طَعنِهِم فِي بَعضِ مَنَاقِبِهِ عليهِ السلام مُخَالَفتها لِلأُصُولِ الدَّالَّةَ عَلَى تَفضِيلِ أَبِي بَكرٍ وَعُمَرَ وَأَنَّ فِيهَا مَا يَدُلُّ عَلَى أَفضَلِيَّةِ عَلِيٍّ عليهِ السلام (7) . 

▪️ عَبدُ اللَّهِ بنُ مُحَمَّد بنِ صِدِّيقٍ الغُمَارِيُّ (المُتَوَفَّى:1413هـ).

ذَكَرَ أَنَّ الَّذِي حَمَلَهُم عَلَى الحكم بِوَضعِ بعضِ مناقبِ عَلِيٍّ عليهِ السلام فَهمُهم أنَّها تدُلُّ عَلَى تَفضِيلِ عَلِيٍّ عَلَى الشَّيخَينِ وَعَلَى أَسَاسِ ذَلِكَ رَدُّوا كَثِيرًا مِنَ الأَحَادِيثِ (8). 

والحمدُ للهِ أوّلاً وآخراً.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- الدّررُ الكامنةُ في أعيانِ المائةِ الثامنة ج1ص181. 

2- لسانُ الميزانِ ج8ص551 رقمُ الترجمة: (2619).

3 - القولُ المُقنِعُ في الردِّ على الألبانيّ المُبدع ج4ص 1.

4- منهاجُ الكرامةِ في معرفةِ الإمامةِ ص1٩٤. 

5- منهاجُ السنّةِ ج 3 ص 277.

 6 - منهاجُ السنّةِ ج6ص475. 

7- فتحُ المُلكِ العَليّ بصحّةِ حديثِ مدينةِ العِلمِ عليّ ص10

8 - القولُ المُقنِع في الردِّ على الألبانيّ المُبتدِع ج1ص7