لماذا عبّرت زيارة عليّ الأكبر بأنّه ابن الحسن (عليه السّلام)؟

سؤال: ورد في زيارة عليّ الأكبر (رضوان الله عليه): (السلام عليك يا ابن رسول الله، السلام عليك يا ابن عليّ أمير المؤمنين، السلام عليك يا ابن الحسن والحسين). فلماذا عبّرت الزيارة بأنّه ابن الحسن (عليه السّلام)؟

: السيد أبو اَلحسن علي الموسوي

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم

لا يخفى على أهل العلم أنَّ إطلاق لفظ الأب يُحمل على أمرين:

الأول: أنّه يحمل على الأعمّ من الوالد، فيُطلق على الجدِّ والعمّ أيضاً، ففي اللّغة يسوغ مثل هذا الاستعمال ويُراد منه أصلهما من منبت واحد، فهما كالنخلتين من الصنوان، يجتمع أصلهما ويفترق رأساهما، فيكونان اثنين في الرؤية، والأصل واحد في الحقيقة، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ (صلّى الله عليه وآله): (إِنَّ عَمَّ اَلرَّجُلِ صِنْوُ أَبِيهِ). [الأمالي للطوسيّ ص310].

إذْ جاء إطلاق الأب في القرآن، على العمِّ، فقد عبّر القرآن عن إسماعيل بكونه أباً ليعقوب (عليهما السلام)، وهو لم يكن أباً له على الحقيقة، إنّما هو عمّه كما في قوله تعالى: «إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَٰهَكَ وَإِلَٰهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَٰهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ».

وكذلك عبّر عن آزر بكونه أباً لإبراهيم الخليل (عليه السلام) كما في قوله: تعالى: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ)، ومعلوم أنّ (آزر) هذا لم يكن والد نبيّ الله إبراهيم (عليه السلام) وإنْ كان إبراهيم يدعوه أباً؛ ففي روايات أهل البيت (عليهم السلام) ورد أنّ اسم والد إبراهيم (عليه السلام) (تارخ) ففي رواية عن الإمام الصادق (عليه السلام) يذكر فيها أسماء آباء النبيّ (صلّى الله عليه وآله) إلى آدم (عليه السلام)، ..إسماعيل بن إبراهيم بن تارخ.. [بحار الانوار ج15ص63].

وهذا مذكور في التوراة أيضا كما في: سِفر التكوين إصحاح (11 / 27).

فإذا عرفت ذلك فأعلم: أنّ عليّاً الأكبر وإنْ كان ابن الحسين (عليه السلام) صلباً، فهو ابن أخي الحسن (عليه السلام)، فيصحُّ إطلاق بنوة الأكبر للحسن من هذا الباب – يعني أنّه عمّه -.

والآخر: يحمل على الأب الروحيّ مثل قول النبيّ (صلّى الله عليه وآله) لعليّ (عليه السلام) " أنا وأنت يا عليّ أبوا هذه الأمّة " [شرائع الإسلام ج1ص187].

إذن: فهذه الفقرة من الزيارة تؤكّد العلقة الروحيّة والصلة الدينيّة بين عليّ الأكبر وبين عمّه الحسن (عليه السلام)، وإن شئت فعبّر بأنّها: بنوّة الطهر والقداسة فهما في سراج واحد.

والحمد لله أوّلاً وآخراً.