ما هي فائدة الانتظار؟
السؤال: ما فائدة انتظار الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه الشريف)، وهل يُجازي الله تعالى المنتظِر أو لا؟
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم
بدايةً ـ عزيزي السائل ـ لابدَّ من الكلام فيما ورد من الروايات الدالَّة على غيبة الإمام المهدي (عليه السلام) غيبةً طويلةً ينتظره فيها أنصاره وشيعته، فقد روى الشيخ الكلينيُّ (طاب ثراه) بسنده عن يمان التمَّار قال: كنَّا عند أبي عبد الله (عليه السلام) جلوساً، فقال لنا: «إنَّ لصاحب هذا الأمر غيبة، المتمسِّك فيها بدينه كالخارط للقتاد ـ ثمَّ قال هكذا بيده ـ فأيُّكم يُمسك شوك القتاد بيده؟ ثمَّ أطرق مليَّاً، ثمَّ قال: إنَّ لصاحب هذا الأمر غيبةً فليتقِ الله عبدٌ وليتمسَّك بدينه» [الكافي ج1ص335]. وروى أيضاً (طاب ثراه) بسنده عن محمَّد بن مُسلم قال: سمعتُ أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إنْ بلغكم عن صاحب هذا الأمر غيبةٌ فلا تنكروها» [الكافي ج1ص338]. وغيرهما من الأحاديث.
إذا بان هذا التمهيد فيقع الكلام في أمرين:
الأمر الأوَّل: بيان معنى الانتظار:
قال الميرزا محمَّد تقي الأصفهانيُّ في بيانه: هو (كيفيَّة نفسانيَّة، ينبعث منها التهيؤ لما تنتظره، وضدَّه اليأس، فكلَّما كان الانتظار أشدّ كان التهيؤ آكد، ألا ترى أنَّه إذا كان لك مسافر تتوقَّع قدومه ازداد تهيّؤك لقدومه كلَّما قرب حينه، بل ربَّما تبدَّل رقادك بالسهاد، لشدَّة الانتظار، وكما تتفاوت مراتب الانتظار من هذه الجهة، كذلك تتفاوت مراتبه من حيث حبّك لمن تنتظره، فكلَّما اشتدّ الحبّ ازداد التهيؤ للحبيب، وأوجع فراقه، بحيث يغفل المنتظِر عن جميع ما يتعلَّق بحفظ نفسه، ولا يشعر بما يصيبه من الآلام الموجعة والشدائد المفظعة، فالمؤمن المنتظِر لقدوم مولاه كلَّما اشتدّ انتظاره ازداد جهده في التهيؤ لذلك بالورع والاجتهاد، وتهذيب نفسه عن الأخلاق الرذيلة، واقتناء الأخلاق الحميدة، حتَّى يفوز بزيارة مولاه، ومشاهدة جماله في زمن غيبته، كما اتفق ذلك لجمعٍ كثيرٍ من الصالحين الأخيار، ولذلك أمر الأئمَّة الطاهرون (عليهم السلام)، فيما سمعت من الروايات وغيرها بتهذيب الصفات، وملازمة الطاعات) [مكيال المكارم ج2 ص176].
الأمر الآخر: فيما ورد في فوائدِ وثواب الانتظار:
1ـ روى الشيخ الكلينيُّ (طاب ثراه) بسنده عن عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «ما ضرَّ من مات منتظِراً لأمرنا ألَّا يموت في وسطِ فسطاط المهدي وعسكره» [الكافي ج1 ص٣٧٢].
2ـ وروى الصدوقان (طاب ثراهما) بالإسناد عن المفضَّل بن عمر قال: سمعتُ الصادق جعفر بن محمَّد (عليهما السلام) يقول: «مَن مات منتظِراً لهذا الأمر كان كمن كان مع القائم في فسطاطه، لا بل كان بمنزلة الضارب بين يدي رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) بالسيف» [الإمامة والتبصرة ص122، كمال الدين ص338].
3ـ وروى الشيخ الصدوق (طاب ثراه) بالإسناد عن مولانا الرضا، عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله): «أفضل أعمال أمتي انتظار فرج الله (عزَّ وجلَّ)» [عيون أخبار الرضا ج2 ص39].
4ـ وروى أيضاً (طاب ثراه) بالإسناد عن أبي حمزة الثماليّ، عن أبي خالد الكابليّ، عن علي بن الحسين (عليهما السلام) قال: «تمتد الغيبة بوليِّ الله الثاني عشر من أوصياء رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) والأئمَّة بعده، يا أبا خالد، إنَّ أهل زمان غيبته، القائلون بإمامته، المنتظرون لظهوره، أفضل أهل كلِّ زمان، لأنَّ الله (تعالى ذكره) أعطاهم من العقول والأفهام والمعرفة ما صارت به الغيبة عندهم بمنزلة المشاهدة، وجعلهم في ذلك الزمان بمنزلة المجاهدين بين يدي رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) بالسيف، أولئك المخلصون حقَّاً، وشيعتنا صدقاً، والدعاة إلى دين الله سراً وجهراً، وقال (عليه السلام): انتظار الفرج من أعظم الفرج» [كمال الدين ص320].
5ـ وروى أيضاً (طاب ثراه) بالإسناد عن مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام) في حديث الأربعمائة، وفيه: «انتظروا الفرج ولا تيأسوا من روح الله، فإنَّ أحبَّ الأعمال إلى الله (عزَّ وجلَّ) انتظار الفرج» [الخصال ص615].
6ـ وروى شيخ الطائفة الطوسي (طاب ثراه) بسنده عن المفضَّل بن عمر قال: «ذكرنا القائم (عليه السلام) ومَنْ مات من أصحابنا ينتظره، فقال لنا أبو عبد الله (عليه السلام): إذا قام أتى المؤمن في قبره فيقال له: يا هذا، إنه قد ظهر صاحبك، فإنْ تشأ أنْ تلحق به فالحق، وإنْ تشأ أنْ تقيم في كرامة ربك فأقم» [الغيبة ص٤٧٩].
7ـ وروى أيضاً (طاب ثراه) بالإسناد عن سعيد بن مُسلم، عن علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله): «وانتظار الفرج عبادة» [الأمالي ص405].
إلى غيرها من الروايات الكثيرة الواردة في هذا المعنى.
والنتيجة من كلِّ ذلك، أنَّ الانتظار أمرٌ نفسانيٌّ يعيشه المنتظِر تجاه إمامه (عليه السلام)، وله جملة الفوائد والثواب.. والحمد لله ربِّ العالمين.
اترك تعليق