ما معنى "وأرخيت دونها حجاب النبوة" في زيارة الزهراء؟

ما المقصود من عبارة: «وأرخيت دونها حجاب النبوّة» في زيارة الزهراء (عليها السلام)؟

: السيد أبو اَلحسن علي الموسوي

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم

اعلم أنّ السيّد عليّ ابن طاووس (قدّس سرّه) نقل زيارةً للسيّدة فاطمة الزهراء (عليها السلام)، عن محمّد عليّ الطرازيّ، ومـمّا جاء فيها:

« اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ، وَصَلِّ عَلَى البَتُوْلِ الطَّاهِرَةِ، الصِّدِّيْقَةِ المعصُومَةِ، التَّقِيَّةِ النَّقِيَّةِ، الرَّضِيَّةِ [المَرْضِيَّةِ]، الزَّكِيَّةِ الرَّشِيْدَةِ، المظلُوْمَةِ المَقْهُوْرَةِ، المَغْصُوْبَةِ حَقُّهَا، المَمْنُوْعَةِ إِرْثُهَا، المَكْسُوْرِ ضِلْعُهَا، المَظْلُوْمِ بَعْلُهَا، المَقْتُوْلِ وَلَدُهَا، فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُوْلِ اللهِ، وَبِضْعَةِ لَحْمِهِ وَصَمِيْمِ قَلْبِهِ، وَفِلْذَةِ كَبِدِهِ، وَالنُّخْبَةِ مِنْكَ لَهُ، وَالتُّحْفَةِ خَصَصْتَ بِهَا وَصِيَّهُ، وَحَبِيْبِةِ المُصْطَفَى، وَقَرِينَةِ المُرْتَضَى، وَسَيِّدَةِ النِّسَاءِ وُمُبَشِّرَةِ الأَوْلِيَاءِ، حَلِيْفَةِ الوَرَعِ وَالزُّهْدِ، وَتُفَّاحَةِ الفِرْدَوْسِ وَالخُلْدِ، الَّتِي شَرَّفْتَ مَوْلِدَهَا بِنِسَاءِ الجَنَّةِ، وَسَلَلْتَ مِنْهَا أَنْوَارَ الأَئِمَّةِ، وَأَرْخَيْتَ دُوْنَهَا حِجَابَ النُّبوّةِ» [إقبال الأعمال ج٣ ص١٦٦].

أقول: لمعرفة معنى فقرة: «وَأَرْخَيْتَ دُوْنَهَا حِجَابَ النُّبوّةِ» لا بدّ لنا من بيان معاني المفردات الثلاثة وهي: «أَرْخَيْتَ»، و«دُوْنَهَا»، و«حِجَابَ».

فأمّا مفردة «أرْخَيْتَ»: فهي من الفعل (أرخى)، إذْ تارةً تأتي بمعنى (الإسدال) كقولك: أرخى الستر، أي أسدله، وتارةً تأتي بمعنى (الإرخاء) كقولك: أرخى الشيء، أي صيّره رخواً.

وأمّا مفردة «دُوْنَهَا»، فهي ظرف مكان منصوب، ومعناها بحسب ما يُضاف إليه، ويمكن أن تأتي بمعنى (تحت) كقولك: دون قدمك بساط، ويمكن أن تأتي بمعنى (عن) كقول الشاعر: (قف دون رأيك في الحياة مجاهداً * إن الحياة عقيدة وجهاد).

وأمّا مفردة «حِجَابَ»، فهي بمعنى (الستر)، أو (المانع).

فإذا عرفت ذلك، فاعلم أنّ فقرة «وَأَرْخَيْتَ دُوْنَهَا حِجَابَ النُّبوّةِ» يمكن تفسيرها بوجوه:

أحدها: على المعنى اللّغويّ الأوّل، يكون المقصود من هذه الفقرة: أنّ الأسرار والمعارف - التي أطْلَعَ الله تعالى عليها النبيَّ الأعظم (صلّى الله عليه وآله) - سترها الله تعالى عن الخلق، وأطلع عليها سيّدة النساء فاطمة (عليها السلام)، كما ذكر ذلك العلّامة المجلسيّ بقوله: (وإرخاء الستر: إسداله، وهي كناية عن نزول الوحي في بيتها وكونها مطّلعة على أسرار النبوّة) [بحار الأنوار ج ٩٧ ص ٢٠٢].

والثاني: على المعنى اللّغويّ الثاني، يكون المقصود من هذه الفقرة: أنّه أُرّخ عن أذاها حجاب النبوّة، فلم يمسّها مكروه في حياة أبيها، وأمّـا بعد أبيها فقد نالت من أذى القوم ما جاء في الفقرات السابقة في الزيارة وهي: «المظلُوْمَةِ المَقْهُوْرَةِ، المَغْصُوْبَةِ حَقُّهَا، المَمْنُوْعَةِ إِرْثُهَا، المَكْسُوْرِ ضِلْعُهَا، المَظْلُوْمِ بَعْلُهَا، المَقْتُوْلِ وَلَدُهَا».

والثالث: أنّ الله تعالى شأنه قد أسدل بين الصدّيقة الطاهرة (عليها السلام) وبين جميع الخلق - بما فيهم الأنبياء (عليهم السلام) - حجاب النبوّة الخاتمة، فجميعهم محجوبون عن الرقيّ إليها، وليس هذا الحجاب سوى ما يختصّ بالنبوّة الخاتمة من الشؤون والخصائص والكمالات والمقامات. ويعضد ذلك: ما ورد في بعض النصوص الشريفة: من أنّها (عليها السلام) إنّما سميّت فاطمة لأنّ الخلق قد فطموا عن معرفتها).[موقع شبكة الضياء، السيّد ضياء الخبّاز].

نكتفي بهذا القدر والحمد لله أوّلا وآخرا.