من المسؤول عن قتل الإمام الحسين وفق الرؤية الشيعية؟

السؤال: سؤال يتردّد كثيرا في الأذهان مَنِ الذي قتل الإمام الحسين (عليه السلام) حسب الرؤية الشيعيّة؟

: السيد أبو اَلحسن علي الموسوي

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم

قبل الدخول في الجواب، نبيّن أمرين لا بُدّ من أخذهما في الاعتبار:

أحدهما: أنّ الرؤية الشيعيّة للحوادث التأريخيّة تتوافق في الجملة مع ما ينقله أهل التاريخ والسير وإنْ كانوا من العامّة ما دامت تلكم الحوادث مشهورة مستفيضة وتنقل من جيل عن جيل من غير نكير من علمائنا الأعلام، فلذا يتعامل العلماء معها بدرجةٍ من الاعتبار ولا سيّما أنّ كثيراً منها كانت متداولة ومعروفة وتجري على مرأى ومسمع عددٍ من المعصومين (عليهم السلام)، فلو كان هناك فيها خدشةٌ ما لبانَ ووصل إلينا.

والأمر الآخر: أنّ نسبة القتل لا تقتصر على مَنْ باشر بالقتل من جيش ابن سعد بل تتعدّاه إلى الآمر عبيد الله بن زياد وإنْ لم يُباشر بنفسه القتل حيث كان بالكوفة وقت استشهاد الحسين (ع)، وكذلك فإنّ نسبة القتل تتعدّى إلى يزيد كونه الحاكم الأوّل وإنْ كان بالشام، لأنّه هو الذي أمر عبيدالله بن زياد بذلك الفعل الشنيع، وتتعدّى النسبة أيضاً إلى من نصّب يزيد على المسلمين وهو يعلم بأحواله وأخلاقه وسلوكه. وتتعدّى النسبة أيضاً إلى مَنْ مهّد ليزيد ليكون حاكماً.

فإذا عرفت ذلك، فاعلم أنّه بعد البحث والسبر في كتب التاريخ والسير تبيّن لنا أنّ جريمة قتل الإمام الحسين (عليه السلام) بحسب الرؤية الشيعية لها ثلاثة أطراف:

الطرف الأوّل: الممهّد بالتمكين من قتاله:

إذْ لا يخفى أنَّ قيام فرد أو جماعة بسلوك معيّن يكون سبباً لوقوع الجريمة ومثال على ذلك لمّا اجتمع جماعة من قريش في المسجد الحرام فكتبوا كتاباً وتعاهدوا عليه لئن مضى محمّد لا تكون الخلافة في بني هاشم ولا يولّوها عليّاً [ينظر: الأصول الستة عش للعصفريّ ص144].

وقد روى الكلينيّ في الكافي عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) أنّه قال: «إذا كتب الكتاب قتل الحسين». [الكافي ج٨ ص١٨٠].

قال المازندرانيّ: شَبّهَ (عليه السلام) يوم قتل الحسين (عليه السلام) بيوم كُتِبَ فيه الكتاب في كونه مصيبة عظيمة وبليّة شديدة على الهاشميّين والعلويّين والشيعة أجمعين لكونه أصلا ليوم القتل وسبباً له، إذ لو كانت الخلافة في بني هاشم ولم ينقلوها منهم إلى بني تيم وبني عديّ وبني أميّة لم يقع قتل الحسين (عليه السلام) (فقد كان ذلك كلّه) أي كتب الكتاب وقتل الحسين (عليه السلام) وخروج الملك من بني هاشم [شرح أصول الكافي ج20 ص421].

فهذه الرواية تبيّن أنَّ أساس قتل الإمام الحسين (عليه السلام) كان في كتابة تلك الصحيفة الملعونة وقد أُشير إلى هذا المعنى في بعض فقرات زيارة يوم عاشوراء، «من أسّس أساس الظلم والجور على أهل البيت»، وهم الممهّدون لهم بالتمكين من قتاله (عليه السلام).

الطرف الثاني: أمر يزيد بقتله (عليه السلام).

ذكر المؤرّخون أنّه لمّا توجّه الحسين (عليه السلام) إلى العراق بعث يزيد عبيد الله بن زياد والياً على العراق، وأمره أن يأخذ البيعة من الحسين وأمره إن أبى أن يقتله، ويبعث اليه برأسه [ينظر: تاريخ اليعقوبيّ ج2 ص242، مقتل الحسين للخوارزميّ ج1 ص178 -180، ومناقب آل أبي طالب ج4 ص88 والفتوح لابن أعثم ج5 ص10].

الطرف الثالث: تنفيذ عبيد الله بن زياد أمر يزيد.

ولمّا جهّز ابن زياد جيشاً لقتال الإمام الحسين (عليه السلام) كتب إلى قائد الجيش عمر بن سعد: إنّي لم أبعثك إلى الحسين لتكفّ عنه ولا لتطاوله ولا لتمنّيه السلامة والبقاء ولا لتعتذر له ولا لتكون له عندي شافعاً، انظر فإنْ نزل حسين وأصحابه على حكمي واستسلموا فابعث بهم إليّ سلما، وإن أبوا فازحف إليهم حتّى تقتلهم وتمثّل بهم، فإنّهم لذلك مستحقّون، وإن قتل الحسين فأوطئ الخيل صدره وظهره .. [الإرشاد ج ٢ ص ٨٨].

والمحصل: أنَّ المسؤولين عن جريمة قتل الإمام الحسين ثلاثة أطراف:

1-المسبّب: وهم أصحاب الصحيفة الملعونة.

2-الآمر: وهو يزيد بن معاوية الأمويّ.

3- المنفّذ: وهم: ابن زياد وجيشه.

والحمد لله ربّ العالمين.