عصمةُ أهلِ البيت (عليهم السلام)
اتحداكم أن تُثبتوا عصمة آل البيت ال (١٢) حتى لو حديث ضعيف!
الجواب :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
عصمةُ أهلِ البيت عليهم السلام، مِن ضروريّاتِ مذهبِ الشيعةِ الإماميّة، التي قامَ الدليلُ العقليُّ عليها، وهيَ مشروحةٌ ومبسوطةٌ في كُتبِ الكلامِ عندَهم، وتعرّضَ لها القرآنُ الكريم في عدّةِ آياتٍ أمثالَ آيةِ التطهير، وآيةِ طاعةِ أولي الأمر، وآيةِ الكونِ معَ الصادقين، فراجِع أيّ تفسيرٍ مِن تفاسيرِهم لتطّلعَ على وجهِ دلالةِ تلكَ الآياتِ على العصمةِ، ودلالةُ بعضِ هذهِ الآياتِ على العصمةِ وافقَنا عليها بعضُ عُلماءِ السنّةِ، كالفخرِ الرازي، ولكنّهُ أخطأ في التطبيق.
أمّا الأحاديثُ المرويّةُ عن النبيّ (صلّى اللهُ عليهِ وآله) فهيَ كثيرةٌ متواترةٌ، مرويّةٌ عن ثمانيةَ عشرَ صحابيّاً مِن أصحابِ رسولِ الله (صلّى اللهُ عليهِ وآله)، بأكثرَ مِن أربعينَ طريقاً، وهذا حدُّ التواترِ بلا شكٍّ وريب، والتواترُ يفيدُ القطعَ واليقينَ بصدورِ تلكَ الرواياتِ عن النبي (صلّى اللهُ عليهِ وآله).
وكذلكَ الرواياتُ المرويّةُ عن أئمّةِ أهلِ البيت عليهم السلام في عصمةِ الأئمّةِ الإثني عشر، متواترةٌ عن أهلِ البيتِ عليهم السلام، لا يعتريها الشكُّ والريب.
وستلاحظونَ أنَّ بعضَ هذه الرواياتِ قد رواها علماءُ السنّةِ والجماعة، وكذلكَ بعضُ مصادرِ الزيديّةِ وعلماؤهم.
وأجمعَ علماءُ الشيعةِ الإماميّةِ على عصمةِ أئمّةِ أهلِ البيت (عليهم السلام)، وهذا الإجماعُ ثابتٌ مُحقَّق.
قالَ الحسينُ بنُ سعيدٍ الأهوازي (وهوَ مِن أصحابِ الإمامِ الرّضا والجوادِ والهادي عليهم السلام): لا خلافَ بينَ عُلماءِنا في أنّهم عليهم السلام معصومونَ مِن كلِّ قبيحٍ مُطلقاً، وأنّهم عليهم السلام يُسمّونَ تركَ المندوبِ ذنباً وسيّئةً بالنسبةِ إلى كمالِهم عليهم السلام. (كتابُ الزّهد، للحُسينِ بنِ سعيدٍ الأهوازي، ص73).
وقالَ العلّامةُ المجلسي مُصرّحاً بتواترِ النصوصِ الدالّةِ على عصمةِ الأئمّةِ عليهم السلام:
أقولُ : قد مضى في كتابِ الإمامةِ وكتابِ الفتنِ أخبارٌ كثيرةٌ دالّةٌ على أنَّ كُلّاً مِنهم عليهم السلام كانَ مأموراً بأمورٍ خاصّةٍ مكتوبةٍ في الصّحفِ السماويّةِ النازلةِ على الرسولِ صلّى اللهُ عليهِ وآله فهُم كانوا يعملونَ بها . ولا ينبغي قياسُ الأحكامِ المُتعلّقةِ بهم على أحكامِنا ، وبعدَ الاطّلاعِ على أحوالِ الأنبياءِ عليهم السلام وأنَّ كثيراً مِنهم كانوا يُبعثونَ فرادى على ألوفٍ منَ الكفرة ، ويسبّونَ آلهتَهم ، ويدعونَهم إلى دينِهم ، ولا يبالونَ بما ينالُهم منَ المكارهِ والضربِ والحبسِ والقتلِ والإلقاءِ في النار وغيرِ ذلكَ ، لا ينبغي الاعتراضُ على أئمّةِ الدينِ في أمثالِ ذلك ، معَ أنّه بعدَ ثبوتِ عصمتِهم بالبراهينِ والنصوصِ المُتواترة ، لا مجالَ للاعتراضِ عليهم ، بل يجبُ التسليمُ لهم في كلِّ ما يصدرُ عنهم. (بحارُ الأنوار: 45 / 98)
بعضُ ما رويَ عن النبي (صلّى اللهُ عليهِ وآله) في عصمةِ أهلِ البيت (عليهم السلام)
1ـ الخزّارُ في الكفاية: حدّثنا عليٌّ بنُ الحُسينِ بنِ مُحمّد ، قالَ : حدّثنا هارونُ ابنُ موسى التلعكبري ، قالَ حدّثنا عيسى بنُ موسى الهاشمي بسرَّ مَن رأى ، قالَ حدّثني أبي ، عن أبيهِ ، عن آبائِه ، عن الحُسينِ بنِ عليّ ، عن أبيهِ عليّ عليهِ السلام قال : دخلتُ على رسولِ الله صلّى اللهُ عليهِ وآله وسلّم في بيتِ أمِّ سلمة وقد نزلَت هذه الآيةُ { إنّما يريدُ اللهُ ليُذهبَ عنكُم الرجسَ أهلَ البيت ويُطهّرَكم تطهيراً } فقالَ رسولُ الله صلّى اللهُ عليهِ وآله وسلّم : يا عليّ هذه الآيةُ نزلَت فيكَ وفي سِبطيَّ والأئمّةِ مِن وُلدِك . فقلتُ : يا رسولَ الله وكم الأئمّةُ بعدَك ؟ قالَ : أنتَ يا عليّ ، ثمَّ ابناكَ الحسنُ والحُسين ، وبعدَ الحُسينِ عليٌّ ابنُه ، وبعدَ عليٍّ مُحمّدٌ ابنُه ، وبعدَ مُحمّدٍ جعفرٌ ابنُه ، وبعدَ جعفرٍ موسى ابنُه ، وبعدَ موسى عليٌّ ابنُه ، وبعدَ عليٍّ مُحمّدٌ ابنُه ، وبعدَ مُحمّدٍ عليٌّ ابنُه ، وبعدَ عليٍّ الحسنُ ابنُه ، والحُجّةُ مِن ولدِ الحسن ، هكذا وجدتُ أساميهم مكتوبةً على ساقِ العرشِ ، فسألتُ اللهَ تعالى عن ذلكَ فقالَ : يا مُحمّد هُم الأئمّةُ بعدَك مُطهّرونَ معصومونَ وأعداؤهم ملعونون . (كفايةُ الأثرِ للخزّارِ القُمّي، ص156).
2- سُليمٌ في كتابه: سليمٌ بنُ قيس قالَ : سمعتُ عليّاً بنَ أبي طالب عليهِ السلام يقول : قالَ رسولُ الله صلّى اللهُ عليهِ وآله : احذروا على دينِكم ثلاثةَ رجالٍ : رجلٌ قرأ القرآنَ حتّى إذا رأى عليهِ بهجتَه كان رداء للإيمانِ غيّرهُ إلى ما شاءَ الله ، اخترطَ سيفَه على أخيهِ المُسلِم ورماهُ بالشّرك .
قلتُ : يا رسولَ الله ، أيُّهما أولى بالشّرك ؟ قالَ : الرّامي بهِ مِنهما .
ورجلٌ استخفَتهُ الأحاديث ، كلّما انقطعَت أحدوثةٌ كذبَ مثلَها أطولَ مِنها . إن يُدرِك الدجّالَ يتّبعُه .
ورجلٌ آتاهُ اللهُ عزَّ وجلَّ سُلطاناً فزعمَ أنَّ طاعتَه طاعةُ الله ومعصيتَه معصيةُ الله ، وكذبَ ، لا طاعةَ لمخلوقٍ في معصيةِ الخالِق ، لا طاعةَ لمَن عصى الله .
إنّما الطاعةُ لله ولرسولِه ولولاةِ الأمرِ الذينَ قرنَهم اللهُ بنفسِه ونبيّه فقالَ : ( أطيعوا اللهَ وأطيعوا الرسولَ وأولي الأمرِ مِنكم ) ، لأنَّ اللهَ إنّما أمرَ بطاعةِ رسولِ الله صلّى اللهُ عليهِ وآله لأنّه معصومٌ مُطهّرٌ لا يأمرُ بمعصيةِ الله ، وإنّما أمرَ بطاعةِ أولي الأمرِ لأنّهم معصومونَ مُطهّرونَ لا يأمرونَ بمعصيةِ الله. (كتابُ سُليم، ص406).
3ـ الخزّارُ في الكفاية: أخبرَنا أبو المُفضّل ، قالَ حدّثني أبو القاسمِ عبدُ الله بنُ أحمد ابنِ عامرٍ الطائي ، قالَ حدّثني أحمدُ بنُ عبدان ، قالَ حدّثني سهلٌ ابنُ صيفي ، عن موسى بنِ عبدِ ربّه ، قالَ سمعتُ الحُسينَ بنَ عليّ عليهما السلام يقولُ في مسجدِ النبيّ صلّى اللهُ عليهِ وآله وسلّم وذلكَ في حياةِ أبيه عليٍّ عليهِ السلام : سمعتُ رسولَ الله (ص) يقولُ : أوّلُ ما خلقَ اللهُ عزَّ وجل حُجبَه فكتبَ على أركانِه " لا إلهَ إلّا الله مُحمّدٌ رسولُ الله عليٌّ وصيُّه " ، ثمَّ خلقَ العرشَ فكتبَ على أركانِه " لا إلهَ إلّا الله مُحمّدٌ رسولُ الله عليٌّ وصيُّه " ، ثمَّ خلقَ الأرضينَ فكتبَ على أطوادِها " لا إلهَ إلّا الله مُحمّدٌ رسولُ الله عليٌّ وصيُّه " ، ثمَّ خلقَ اللوحَ فكتبَ على حدودِه " لا إلهَ إلّا الله مُحمّدٌ رسولُ الله عليٌّ وصيُّه " ، فمَن زعمَ أنّه يحبُّ النبيَّ ولا يحبُّ الوصيَّ فقد كذبَ ، ومَن زعمَ أنّه يعرفُ النبيَّ ولا يعرفُ الوصيَّ فقد كفَر .
ثمَّ قالَ عليهِ السلام : ألا إنَّ أهلَ بيتي أمانٌ لكم ، فأحبّوهم لحُبّي وتمسّكوا بهم لن تضلّوا . قيلَ : فمَن أهلُ بيتِك يا نبيَّ الله ؟ قالَ : عليٌّ وسِبطاي وتسعةٌ مِن ولدِ الحُسين أئمّةٌ أمناءُ معصومونَ ، ألا إنّهم أهلُ بيتي وعِترتي مِن لحمي ودمي. (كفايةُ الأثرِ للخزّارِ القُمّي: ص171).
4ـ الخزّارُ في الكفاية: أخبرَنا أحمدُ بنُ مُحمّدٍ بنِ عبدِ الله بنِ الحسنِ العيّاشي ، قالَ حدّثني جدّي عبيدُ اللهِ بنُ الحسن ، عن أحمدَ بنِ عبدِ الجبّار ، قالَ حدّثنا أحمدُ بنُ عبدِ الرحمن المخزومي ، قالَ حدّثنا عمرُ بنُ حمّاد ، قالَ حدّثنا عليٌّ بنُ هاشم البريد ، عن أبيهِ ، قالَ حدّثني أبو سعيدٍ التميمي . عن أبي ثابتٍ مولى أبي ذر ، عن أمِّ سلمة قالَت : قالَ رسولُ الله صلّى اللهُ عليهِ وآله وسلّم : لمّا أسريَ بي إلى السماءِ نظرتُ فإذا مكتوبٌ على العرش " لا إلهَ إلّا الله محمّدٌ رسولُ الله أيّدتُه بعليٍّ ونصرتُه بعليّ " ، ورأيتُ أنوارَ عليٍّ وفاطمةَ والحسنِ والحُسين وأنوارَ عليٍّ بنِ الحُسين ومُحمّدٍ بنِ علي وجعفرٍ بنِ مُحمّد وموسى بنِ جعفر وعليٍّ بنِ موسى ومحمّدٍ بنِ عليّ وعليٍّ بنِ مُحمّد والحسنِ بنِ علي ، ورأيتُ نورَ الحُجّةِ يتلألأُ مِن بينِهم كأنّهُ كوكبٌ دُرّيٌّ ، فقلتُ : يا ربِّ مَن هذا ومَن هؤلاء ؟ فنُوديتُ : يا مُحمّد هذا نورُ عليٍّ وفاطمة ، وهذا نورُ سِبطيكَ الحسنِ والحُسين ، وهذهِ أنوارُ الأئمّةِ بعدَك مِن ولدِ الحُسين مُطهّرونَ معصومونَ ، وهذا الحُجّةُ يملأ الدّنيا قِسطاً وعدلاً . (كفايةُ الأثرِ للخزّارِ القُمّي، ص185).
5ـ الصّدوقُ في الأمالي: حدّثنا أحمدُ بنُ زيادٍ بنِ جعفرٍ الهمداني ( رحمَه اللهُ ) ، قالَ : حدّثنا عليٌّ ابنُ إبراهيم بنِ هاشم ، قالَ : حدّثنا جعفرٌ بنُ سلمةَ الأهوازي ، قالَ : حدّثنا إبراهيمُ بنُ مُحمّدٍ الثقفي ، عن إبراهيمَ بنِ موسى ابنِ أختِ الواقدي ، قالَ : حدّثنا أبو قتادةَ الحرّاني ، عن عبدِ الرّحمنِ بنِ العلاء الحضرمي ، عن سعيدٍ بنِ المسيّبِ ، عن ابنِ عبّاس ، قالَ : إنَّ رسولَ اللهِ ( صلّى اللهُ عليهِ وآله ) كانَ جالِساً ذاتَ يومٍ وعندَه عليٌّ وفاطمةُ والحسنُ والحُسين ( عليهم السلام ) ، فقالَ : اللهمَّ إنّكَ تعلمُ أنَّ هؤلاءِ أهلُ بيتي وأكرمُ الناسِ عليَّ فأحبِب مَن أحبَّهم ، وأبغِض مَن أبغضَهم ، ووالِ مَن والاهم ، وعادِ مَن عاداهم ، وأعِن مَن أعانَهم ، واجعَلهم مُطهّرينَ مِن كلِّ رجسٍ ، معصومينَ مِن كلِّ ذنب ، وأيّدهُم بروحِ القُدس .
ثمَّ قالَ (صلّى اللهُ عليهِ وآله) : يا عليّ ، أنتَ إمامُ أمّتي ، وخليفتي عليها بعدي ، وأنتَ قائدُ المؤمنينَ إلى الجنّة ، وكأنّي أنظرُ إلى ابنتي فاطمة قد أقبلَت يومَ القيامةِ على نجيبٍ مِن نور ، عن يمينِها سبعونَ ألفَ ملك ، وعن يسارِها سبعونَ ألفَ ملك ، وبينَ يديها سبعونَ ألفَ ملك ، وخلفَها سبعونَ ألفَ ملك ، تقودُ مؤمناتِ أمّتي إلى الجنّة ، فأيّما امرأةٍ صلَّت في اليومِ والليلةِ خمسَ صلواتٍ ، وصامَت شهرَ رمضان ، وحجَّت بيتَ اللهِ الحرام ، وزكَّت مالَها ، وأطاعَت زوجَها ، ووالَت عليّاً بعدي ، دخلَت الجنّةَ بشفاعةِ ابنتي فاطمة ، وإنّها لسيّدةُ نساءِ العالمين .
فقيلَ له : يا رسولَ الله ، أهيَ سيّدةُ نساءِ عالمِها ؟ فقالَ النبيّ ( صلّى اللهُ عليهِ وآله ) : ذاكَ لمريمَ بنتِ عمران ، فأمّا ابنتي فاطمة فهيَ سيّدةُ نساءِ العالمينَ منَ الأوّلينَ والآخرين ، وإنّها لتقومُ في محرابِها فيُسلّمُ عليها سبعونَ ألفَ ملكٍ منَ الملائكةِ المُقرّبين ، وينادونَها بما نادَت بهِ الملائكةُ مريمَ فيقولون : يا فاطمة ( إنَّ اللهَ اصطفاكِ وطهّركِ واصطفاكِ على نساءِ العالمين ).
ثمَّ التفتَ إلى عليّ ( عليهِ السلام ) ، فقالَ : يا عليّ ، إنَّ فاطمةَ بضعةٌ منّي ، وهيَ نورُ عيني ، وثمرةُ فؤادي ، يسوءني ما ساءَها ، ويسرّني ما سرَّها ، وإنّها أوّلُ مَن يلحقُني مِن أهلِ بيتي فأحسِن إليها بعدي ، وأمّا الحسنُ والحُسين فهُما ابنايَ وريحانتاي ، وهُما سيّدا شبابِ أهلِ الجنّةِ ، فليكرُما عليكَ كسمعِك وبصرِك .
ثمَّ رفعَ ( صلّى اللهُ عليهِ وآله ) يدَه إلى السماءِ ، فقالَ : اللهمَّ إنّي أشهِدُكَ أنّي مُحبٌّ لمَن أحبَّهم ، ومُبغِضٌ لمَن أبغضَهم ، وسِلمٌ لمَن سالمَهم ، وحربٌ لمَن حاربَهم ، وعدوٌّ لمَن عاداهم ، ووليٌّ لمَن والاهم. (الأمالي للصّدوق، ص574).
6- البيهقيُّ في الدلائل: وأخبرَنا أبو الحُسينِ بنُ الفضل قالَ أخبرَنا عبدُ اللهِ بنُ جعفر قالَ حدّثنا يعقوبُ بنُ سفيان قالَ حدّثني يحيى بنُ عبدِ الحميد قالَ حدّثنا قيسٌ عن الأعمشِ عن عبايةَ بنِ ربعي عن ابنِ عبّاس قالَ قالَ رسولُ الله صلّى اللهُ عليهِ وسلّم: إنَّ اللهَ عزَّ وجل قسمَ الخلقَ قِسمين فجعلَني في خيرِهما قِسماً وذلكَ قولهُ ( وأصحابُ اليمين ) و ( أصحابُ الشمال ) فأنا مِن أصحابِ اليمين وأنا خيرُ أصحابِ اليمين ثمَّ جعلَ القسمينِ أثلاثاً فجعلَني في خيرِها ثلثاً فذلكَ قولهُ تعالى ( « فأصحابُ الميمنةِ » والسابقونَ السّابقون ) فأنا منَ السابقينَ وأنا خيرُ السابقينَ ثمَّ جعلَ الأثلاثَ قبائلَ فجعلَني في خيرِها قبيلةً وذلكَ قولُ اللهِ تعالى ( وجعلناكُم شعوباً وقبائلَ لتعارفوا إنَّ أكرمَكم عندَ اللهِ أتقاكُم إنَّ اللهَ عليمٌ خبير ) وأنا أتقى ولدِ آدم وأكرمُهم على اللهِ ولا فخر ثمَّ جعلَ القبائلَ بيوتاً فجعلَني في خيرِها بيتاً وذلكَ قولُه عزَّ وجل ( إنّما يريدُ اللهُ ليُذهبَ عَنكم الرجسَ أهلَ البيت ويُطهّرَكم تطهيراً ) فأنا وأهلُ بيتي مُطهّرونَ منَ الذنوب. (دلائلُ النبوّةِ للبيهقي: 1 / 171)
قالَ السيوطي: وأخرجَ الحكيمُ الترمذي والطبرانيُّ وابنُ مردويه وأبو نعيمٍ والبيهقي معاً في الدلائلِ عن ابنِ عبّاس به. (الدرُّ المنثورُ للسيوطي: 5 / 199)
ورواهُ مُحمّدٌ بنُ سُليمانَ الكوفي في مناقبِ أميرِ المؤمنين: 1 / 127 و 406.
7ـ الخزّارُ في الكفاية: حدّثنا عليٌّ بنُ الحُسين ، قالَ حدّثنا أبو جعفرٍ مُحمّدٌ بنُ الحسنِ البرقوي رضيَ اللهُ عنه ، قالَ حدّثنا القاضي أبو إسماعيل جعفرٌ بنُ الحُسينِ البلخي ، قالَ حدّثنا شقيقُ البلخي ، عن سمّاك ، عن زيدٍ بنِ أسلم ، عن أبي هارونَ العبدي ، عن أبي سعيدٍ الخُدري قالَ : سمعتُ رسولَ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآله وسلّم يقول : أهلُ بيتي أمانٌ لأهلِ الأرضِ كما أنَّ النجومَ أمانٌ لأهلِ السماء .
قيلَ : يا رسولَ الله فالأئمّةُ بعدَك مِن أهلِ بيتِك ؟ قالَ : نعَم الأئمّةُ بعدي اثنا عشر ، تسعةٌ مِن صُلبِ الحُسين أمناءُ معصومونَ ، ومِنّا مهديُّ هذهِ الأمّة ، ألا إنّهم أهلُ بيتي وعِترتي مِن لحمي ودمي ، ما بالُ أقوامٍ يؤذونَني فيهم ، لا أنالَهم اللهُ شفاعتي. (كفايةُ الأثرِ للخزّارِ القُمّي، 29).
8ـ الخزّارُ في الكفاية: وعنهُ قالَ حدّثنا أبو مزاحم موسى بنُ عبدِ الله بنِ يحيى بنِ خاقان المُقرئِ ببغداد ، قالَ حدّثنا أحمدُ بنُ الحسنِ بنِ الفضلِ بنِ ربيعٍ أبو العبّاسِ مولى بني هاشم ، قالَ حدّثني عثمانُ بنُ أبي شيبةَ في مُسنَدِ أنس ، [ قالَ حدّثنا يزيدُ بنُ هارون ] قالَ حدّثنا عبدُ اللهِ ابنُ عوف ، عن أنسٍ بنِ سيرين ، عن أنسَ بنِ مالك ، قالَ : سمعتُ رسولَ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآله وسلّم قالَ : أوصياءُ الأنبياءِ الذينَ بعدَهم بقضاءِ ديونِهم وإنجازِ عِداتِهم ويُقاتلونَ على سُنّتِهم . ثمَّ التفتَ إلى عليٍّ عليهِ السلام فقالَ : أنتَ وصيّي وأخي في الدّنيا والآخرة تقضي ديني وتنحو عِداتي وتقاتلُ على سُنّتي ، تقاتلُ على التأويلِ كما قاتلتُ على التنزيلِ فأنا خيرُ الأنبياءِ وأنتَ خيرُ الأوصياءِ وسِبطايَ خيرُ الأسباط ، ومِن صُلبِهما يخرجُ الأئمّةُ التسعةُ مُطهّرونَ معصومونَ قوّامونَ بالقِسط ، والأئمّةُ بعدي على عددِ نقباءِ بني إسرائيل وحواريّ عيسى ، هُم عِترتي مِن لحمي ودمي. (كفايةُ الأثرِ للخزّارِ القُمّي، ص75).
بعضُ ما رويَ عن أئمّةِ أهلِ البيتِ (عليهم السلام)
1ـ الصفّارُ في البصائر: حدّثنا أحمدُ بنُ مُحمّد عن الحُسينِ بنِ سعيدٍ عن حمّادَ بنِ عيسى عن إبراهيمَ بنِ عُمر اليماني عن سُليمٍ بنِ قيس الهِلالي عن أميرِ المؤمنينَ صلواتُ الله (ع) قالَ: إنَّ اللهَ طهّرنا وعصمَنا وجعلَنا شُهداءَ على خلقِه وحُجّتَه في أرضِه وجعلَنا معَ القرآنِ وجعلَ القرآنَ معنا لا نفارقُه ولا يفارقُنا. (بصائرُ الدرجاتِ للصفّار، ص103).
2- الصدوقُ في الكمال: حدّثنا أحمدُ بنُ زياد بنِ جعفرٍ الهمداني رضيَ اللهُ عنه قالَ : حدّثنا عليٌّ بنُ إبراهيمَ بنِ هاشم ، عن أبيهِ ، عن محمّدٍ بنِ أبي عمير ، عن غياثٍ بنِ إبراهيم ، عن الصّادقِ جعفرٍ بنِ مُحمّد ، عن أبيه مُحمّدٍ بنِ علي ، عن أبيه عليٍّ بنِ الحُسين ، عن أبيهِ الحُسينِ بنِ عليّ عليهم السلام قالَ : سُئلَ أميرُ المؤمنينَ صلواتُ اللهِ عليه ، عن معنى قولِ رسولِ الله صلّى اللهُ عليه وآله : إنّي مُخلّفٌ فيكم الثقلين كتابَ اللهِ وعِترتي، مَن العِترة فقالَ : أنا والحسنُ والحُسينُ والأئمّةُ التسعةُ مِن ولدِ الحُسين تاسعُهم مهديُّهم وقائمُهم ، لا يفارقونَ كتابَ الله ولا يُفارقُهم حتّى يردوا على رسولِ الله صلّى اللهُ عليهِ وآله حوضَه. (كمالُ الدينِ للصّدوق، ص240، عيونُ أخبارِ الرّضا: 1 / 60، معاني الأخبار، ص90).
3ـ الكُليني في الكافي: محمّدٌ بنُ يحيى ، عن أحمدَ بنِ مُحمّد ، عن ابنِ محبوب ، عن ابنِ رئاب ، عن ضريسٍ الكناسي قالَ : سمعتُ أبا جعفرٍ عليهِ السلام يقولُ - وعندَه أناسٌ مِن أصحابِه - : عجبتُ مِن قومٍ يتولّونا ويجعلونا أئمّةً ويصفونَ أنَّ طاعتَنا مُفترضةٌ عليهم كطاعةِ رسولِ الله صلّى اللهُ عليهِ وآله ثمَّ يكسرونَ حُجّتَهم ويخصمونَ أنفسَهم بضعفِ قلوبِهم ، فينقصونا حقّنا ويعيبونَ ذلكَ على مَن أعطاهُ اللهُ برهانَ حقِّ معرفتِنا والتسليمَ لأمرِنا ، أترونَ أنَّ اللهَ تباركَ وتعالى افترضَ طاعةَ أوليائِه على عبادِه ، ثمَّ يُخفي عنهم أخبارَ السماواتِ والأرض ويقطعُ عنهم موادَّ العلمِ فيما يردُ عليهم ممّا فيه قوامُ دينِهم ؟ ! فقالَ له حمران : جُعلتُ فداكَ أرأيتَ ما كانَ مِن أمرِ قيامِ عليٍّ بنِ أبي طالب والحسنِ والحُسين عليهم السلام وخروجِهم وقيامِهم بدينِ اللهِ عزَّ ذكرُه ، وما أصيبوا مِن قتلِ الطواغيتِ إيّاهم والظفرِ بهم حتّى قتلوا وغلبوا ؟ فقالَ أبو جعفرٍ عليهِ السلام : يا حمرانُ إنَّ اللهَ تباركَ وتعالى قد كانَ قدّرَ ذلكَ عليهم وقضاهُ وأمضاه وحتمه على سبيلِ الاختيارِ ثمَّ أجراه فبتقدّمِ علمٍ إليهم مِن رسولِ الله صلّى اللهُ عليهِ وآله قامَ عليٌّ والحسنُ والحُسين عليهم السلام ، وبعلمٍ صمتَ مَن صمتَ منّا ، ولو أنّهم يا حمرانُ حيثُ نزلَ بهم ما نزلَ مِن أمرِ اللهِ عزَّ وجل وإظهارِ الطواغيتِ عليهم سألوا اللهَ عزَّ وجل أن يدفعَ عَنهم ذلك وألحّوا عليه في طلبِ إزالةِ مُلكِ الطواغيتِ وذهابِ مُلكِهم إذن لأجابَهم ودفعَ ذلكَ عَنهم ، ثمَّ كانَ انقضاءُ مُدّةِ الطواغيتِ وذهابُ مُلكِهم أسرعَ مِن سلكٍ منظومٍ انقطعَ فتبدّدَ ، وما كانَ ذلكَ الذي أصابَهم يا حمرانُ لذنبٍ اقترفوه ولا لعقوبةِ معصيةٍ خالفوا اللهَ فيها ولكِن لمنازلَ وكرامةٍ منَ الله ، أرادَ أن يبلغوها ، فلا تذهبنَّ بك المذاهبُ فيهم . (الكافي للكُليني: 1 / 261، وعنه الفيضُ في الوافي: 3 / 602).
4ـ الكُليني في الكافي: مُحمّدٌ بنُ يحيى ، عن أحمدَ بنِ مُحمّد ، عن البُرقي ، عن أبي طالبٍ (القُمّي) ، عن سديرٍ قالَ : قلتُ لأبي عبدِ الله عليهِ السلام : إنَّ قوماً يزعمونَ أنّكم آلهةٌ ، يتلونَ بذلكَ علينا قرآناً : { وهوَ الذي في السماءِ إلهٌ وفي الأرضِ إله } فقالَ : يا سدير سمعي وبصري وبشري ولحمي ودمي وشعري مِن هؤلاءِ براءٌ وبرئَ اللهُ مِنهم ، ما هؤلاءِ على ديني ولا على دينِ آبائي واللهِ لا يجمعُني اللهُ وإيّاهم يومَ القيامةِ إلّا وهوَ ساخطٌ عليهم ، قالَ : قلتُ : وعندَنا قومٌ يزعمونَ أنّكم رسلٌ يقرؤونَ علينا بذلكَ قرآناً { يا أيُّها الرسلُ كُلوا منَ الطيّباتِ واعملوا صالحاً إنّي بما تعملونَ عليم } فقالَ : يا سدير سمعي وبصري وشعري وبشري ولحمي ودمي مِن هؤلاءِ براءٌ وبرئَ اللهُ مِنهم ورسوله ، ما هؤلاءِ على ديني ولا على دينِ آبائي واللهِ لا يجمعُني اللهُ وإيّاهم يومَ القيامةِ إلّا وهوَ ساخطٌ عليهم ، قالَ : قلتُ : فما أنتُم ؟ قالَ نحنُ خُزّانُ علمِ الله، نحنُ تراجمةُ أمرِ الله، نحنُ قومٌ معصومونَ، أمرَ اللهُ تباركَ وتعالى بطاعتِنا ونهى عن معصيتِنا، نحنُ الحُجّةُ البالغة على مَن دونَ السماءِ وفوقَ الأرض. (الكافي للكُليني: 1 / 269، وعنه الفيضُ في الوافي: 3 / 622، والمجلسيّ في بحارِ الأنوار: 25 / 298).
5ـ الكُليني في الكافي: عدّةٌ مِن أصحابِنا، عن سهلٍ بنِ زياد، وعليٍّ بنِ إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن ابنِ محبوب، عن عليٍّ بنِ رئاب قالَ: سألتُ أبا عبدِ الله (عليهِ السلام) عن قولِ اللهِ عزَّ وجل : { وما أصابَكم مِن مُصيبةٍ فبما كسبَت أيديكم } أرأيتَ ما أصابَ عليّاً وأهلَ بيته (عليهم السلام) مِن بعدِه هوَ بما كسبَت أيديهم وهُم أهلُ بيتِ طهارةٍ معصومون ؟ فقالَ : إنَّ رسولَ الله (صلّى اللهُ عليهِ وآله) كانَ يتوبُ إلى اللهِ ويستغفرُه في كلِّ يومٍ وليلةٍ مائةَ مرّةٍ مِن غيرِ ذنب ، إنَّ اللهَ يخصُّ أولياءَه بالمصائبِ ليأجرَهم عليها مِن غيرِ ذنب. (الكافي للكُليني: 2 / 450).
6ـ الخزّارُ في الكفاية: حدّثنا أحمدُ بنُ إسماعيل ، قالَ حدّثنا محمّدٌ بنُ همام ، عن عبدِ اللهِ بنِ جعفرٍ الحميري ، عن موسى بنِ مسلم ، عن مسعدةَ ، قالَ : كنتُ عندَ الصادقِ عليهِ السلام إذ أتاهُ شيخٌ كبيرٌ قد انحنا مُتّكئاً على عصاه ، فسلّمَ فردَّ أبو عبدِ الله عليهِ السلام الجوابَ ، ثمَّ قال : يا ابنَ رسولِ الله ناوِلني يدكَ أقبّلُها ، فأعطاهُ يدَه فقبّلها ثمَّ بكى ، فقالَ أبو عبدِ الله عليهِ السلام : ما يُبكيكَ يا شيخ ؟ قالَ : جُعلتُ فداكَ أقمتُ على قائمِكم منذُ مائة سنةٍ أقولُ هذا الشهرُ وهذهِ السنة ، وقد كبرَت سنّي ودقَّ عظمي واقتربَ أجلي ولا أرى ما أحبُّ أراكم مُعتلّينَ مُشرّدينَ وأرى عدوّكم يطيرونَ بالأجنحةِ ، فكيفَ لا أبكي ، فدمعَت عينا أبي عبدِ الله عليهِ السلام ثمَّ قال : يا شيخُ إن أبقاكَ اللهُ حتّى ترَ قائمَنا كنتَ معنا في السنامِ الأعلى ، وإن حلَّت بكَ المنيّةُ جئتَ يومَ القيامةِ معَ ثقلِ مُحمّدٍ صلّى اللهُ عليهِ وآله وسلّم ونحنُ ثقله فقالَ عليهِ السلام : إنّي مُخلّفٌ فيكم الثقلين فتمسّكوا بهما لن تضلّوا كتابَ اللهِ وعِترتي أهلَ بيتي .
فقالَ الشيخُ : لا أبالي بعدَما سمعتُ هذا الخبر .
قالَ : يا شيخ إنَّ قائمَنا يخرجُ مِن صُلبِ الحسنِ ، والحسنُ يخرجُ مِن صُلبِ عليٍّ ، وعليٌّ يخرجُ مِن صُلبِ مُحمّد ، ومحمّدٌ يخرجُ مِن صُلبِ عليٍّ ، وعليٌّ يخرجُ مِن صُلبِ ابني هذا - وأشارَ إلى موسى عليهِ السلام - وهذا خرجَ مِن صُلبي ، نحنُ اثنا عشَر كلُّنا معصومونَ مُطهّرون .
فقالَ الشيخُ : يا سيّدي بعضُكم أفضلُ مِن بعض ؟ قالَ : لا نحنُ في الفضلِ سواءٌ ، ولكنَّ بعضَنا أعلمُ مِن بعض . ثمَّ قال : يا شيخُ واللهِ لو لم يبقَ منَ الدّنيا إلّا يومٌ واحدٌ لطوّلَ اللهُ ذلكَ اليومَ حتّى يخرُجَ قائمُنا أهلَ البيت ، ألا وإنَّ شيعتَنا يقعونَ في فتنةٍ وحيرةٍ في غيبتِه ، هناكَ يثبتُ على هداهُ المُخلصون ، اللهمَّ أعِنهم على ذلك. (كفايةُ الأثرِ للخزّارِ القُمّي، ص264، وعنهُ البياضي العاملي في الصراطِ المُستقيم: 2 / 132، والمجلسيّ في بحارِ الأنوار: 36 / 408).
7- الكُليني في الكافي: محمّدٌ بنُ يحيى ، عن أحمدَ بنِ مُحمّدٍ بنِ عيسى ، عن الحسنِ بنِ محبوب ، عن إسحاقَ بنِ غالب ، عن أبي عبدِ اللهِ عليهِ السلام في خُطبةٍ له يذكرُ فيها حالَ الأئمّةِ عليهم السلام و صفاتِهم : إنَّ اللهَ عزَّ وجل أوضحَ بأئمّةِ الهُدى مِن أهلِ بيتِ نبيّنا عن دينِه ، وأبلجَ بهم عن سبيلِ مِنهاجه ، وفتحَ بهم عن باطنِ ينابيعِ عِلمه ، فمَن عرفَ مِن أمّةِ مُحمّدٍ صلّى اللهُ عليهِ وآله واجبَ حقِّ إمامِه ، وجدَ طعمَ حلاوةِ إيمانِه ، وعلمَ فضلَ طلاوةِ إسلامِه ، لأنَّ اللهَ تباركَ وتعالى نصبَ الإمامَ علماً لخلقِه ، وجعلَه حُجّةً على أهلِ موادِّه وعالمه ...فالإمامُ هوَ المُنتجَبُ المُرتضى ، والهادي المُنتجى، والقائمُ المُترجى ، اصطفاهُ اللهُ بذلكَ واصطنعَه على عينِه في الذرِّ حينَ ذرأه ، وفي البريةِ حينَ برأه ، ظلّاً قبلَ خلقِ نسمةٍ عن يمينِ عرشِه ، مَحبوّاً بالحكمةِ في علمِ الغيبِ عندَه ، اختارَه بعلمِه ، وانتجبَه لطُهرِه ، بقيّةٌ مِن آدم عليهِ السلام وخيرةٌ مِن ذُريّةِ نوح ، ومُصطفىً مِن آلِ إبراهيم ، وسلالةٌ مِن إسماعيل ، وصفوةٌ مِن عترةِ مُحمّدٍ صلّى اللهُ عليهِ وآله لم يزَل مرعيّاً بعينِ الله ، يحفظُه ويكلؤه بسترِه ، مطروداً عنهُ حبائلُ إبليس وجنودِه ، مدفوعاً عنهُ وقوبُ الغواسقِ ونفوثُ كلِّ فاسقٍ ، مصروفاً عنه قوارفُ السّوء ، مُبرّءاً منَ العاهات ، محجوباً عَن الآفات ، معصوماً منَ الزلّاتِ ، مصوناً عن الفواحشِ كلّها ، معروفاً بالحلمِ والبرِّ في يفاعِه، منسوباً إلى العفافِ والعلمِ والفضلِ عندَ انتهائِه ... وأيّدَه بروحِه ... (الكافي للكُليني: 1 / 204).
8ـ الصدوقُ في العيون: حدّثنا عليٌّ بنُ الحسين بنِ شاذويه المؤدّبِ وجعفرٌ بنُ مُحمّدٍ بنِ مسرور رضيَ اللهُ عنهما قالا : حدّثنا محمّدٌ بنُ عبدِ اللهِ بنِ جعفرٍ الحِميري عن أبيهِ عن الريّانِ بنِ الصلتِ عن الإمامِ الرّضا (عليهِ السلام) ... فقالَت العُلماءُ : فأخبِرنا هل فسّرَ اللهُ عزَّ وجل الاصطفاءَ في الكتاب ؟ فقالَ الرّضا عليهِ السلام: فسّرَ الاصطفاءَ في الظاهرِ سِوى الباطن في اثنا عشرَ موطناً وموضعاً ... وأمّا الثامنةُ: فقولُ اللهِ عزَّ وجل : ( واعلموا إنّما غنِمتم مِن شيءٍ فإنَّ للهِ خُمسُه وللرّسولِ ولذي القُربى ) فقرنَ سهمَ ذي القُربى بسهمِه وبسهمِ رسولِ الله (ص) فهذا فضلٌ أيضاً بينَ الآلِ والأمّةِ لأنَّ اللهَ تعالى جعلَهم في حيّزٍ وجعلَ الناسَ في حيّزٍ دونَ ذلك ورضىَ لهم ما رضىَ لنفسِه واصطفاهُم فيه فبدأ بنفسِه ثمَّ ثنّى برسولِه ثمَّ بذي القُربى في كلِّ ما كانَ منَ الفيءِ والغنيمةِ وغيرِ ذلك ممّا رضيَه عزَّ وجل لنفسِه فرضىَ لهم فقالَ وقولهُ الحق : ( واعلموا إنّما غنِمتم مِن شيءٍ فإنَّ للهِ خُمسَه وللرّسولِ ولذي القُربى ) فهذا تأكيدٌ مؤكّدٌ وأثرٌ قائمٌ لهم إلى يومِ القيامة في كتابِ اللهِ الناطق ( الذي لا يأتيهِ الباطلُ مِن يديهِ ولا مِن خلفِه تنزيلٌ مِن حكيمٍ حميد ) وأمّا قولهُ : ( واليتامى والمساكين ) فإنَّ اليتيمَ إذا انقطعَ يُتمُه خرجَ منَ الغنائمِ ولم يكُن له فيها نصيبٌ وكذلكَ المسكينُ انقطعَت مسكنَتُه لم يكُن له نصيبٌ مِنَ المَغنمِ ولا يحلُّ له أخذُه وسهمُ ذي القربى قائمٌ إلى يومِ القيامة فيهم للغنىّ والفقيرِ مِنهم لأنّه لا أحدَ أغنى منَ اللهِ عزَّ وجل ولا مِن رسولِ اللهِ (ص) فجعلَ لنفسِه مِنها سهماً ولرسولِه (ص) سهماً فما رضيَه لنفسِه ولرسولِه (ص) رضيَه لهم وكذلكَ الفيءُ ما رضيَه منهُ لنفسِه ولنبيّهِ (ص) رضيَه لذي القُربى كما أجراهُم في الغنيمةِ فبدأ بنفسِه جلَّ جلالهُ ثمَّ برسولِه ثمَّ بهم وقرنَ سهمَهم بسهمِ الله وسهمَ رسولِه (ص) وكذلكَ في الطاعةِ قال : ( يا أيّها الذينَ آمنوا أطيعوا اللهَ وأطيعوا الرسولَ وأولى الأمرِ مِنكم ) فبدأ بنفسِه ثمَّ برسولِه ثمَّ بأهلِ بيتِه كذلكَ آيةُ الولاية : ( إنّما وليُّكم اللهُ ورسولُه والذينَ آمنوا الذينَ يُقيمونَ الصلاةَ ويُؤتونَ الزكاةَ وهُم راكعون ) فجعلَ طاعتَهم معَ طاعةِ الرسول مقرونةً بطاعتِه كذلكَ ولايتُهم معَ ولايةِ الرسولِ مقرونةٌ بولايتِه كما جعلَ سهمَهم معَ سهمِ الرّسولِ مقروناً بسهمِ الغنيمةِ والفيءِ فتباركَ اللهُ وتعالى ما أعظمَ نعمتَه على أهلِ هذا البيت ؟ !
فلمّا جاءَت قصّةُ الصّدقةِ نزّهَ نفسَه ورسولَه ونزّهَ أهلَ بيتِه فقالَ : ( إنّما الصّدقاتُ للفُقراءِ والمساكينِ والعاملينَ عليها والمؤلّفةِ قلوبُهم وفي الرقابِ والغارمينَ وفي سبيلِ الله وابنِ السبيلِ فريضةً منَ الله ) فهل تجدُ في شيءٍ مِن ذلكَ أنّه سمّى لنفسِه أو لرسولِه أو لذي القُربى لأنّه لمّا نزّهَ نفسَه عن الصدقةِ ونزّهَ رسولَه ونزّهَ أهلَ بيتِه لا بل حرّمَ عليهم لأنَّ الصدقةَ مُحرّمةٌ على محمّدٍ (ص) وآلِه وهيَ أوساخُ أيدي الناسِ لا يحلُّ لهُم لأنّهم طُهِّروا مِن كلِّ دنسٍ ووسخٍ فلمّا طهّرَهم اللهُ عزَّ وجل واصطفاهم رضيَ لهُم ما رضيَ لنفسِه وكرهَ لهُم ما كرهَ لنفسِه عزَّ وجل فهذهِ الثامنة . (عيونُ أخبارِ الرّضا: 1 / 215، الأماليّ للصّدوق، ص624، وتحفُ العقولِ لابنِ شُعبة، ص435، بحارُ الأنوار: 25 / 231).
9ـ الصدوقُ في العيون: حدّثنا عليٌّ بنُ أحمد بنِ محمّدٍ بنِ عمران الدقّاقِ رضيَ اللهُ عنه ومحمّدٌ بنُ أحمدَ السناني وعليٌّ بنُ عبدِ الورّاق والحُسينُ بنُ إبراهيم بنِ أحمدَ بنِ هشامٍ المكتب قالوا : حدّثنا محمّدٌ بنُ أبي عبدِ الله الكوفي وأبو الحُسينِ الأسدي قالوا : حدّثنا محمّدٌ بنُ إسماعيلَ المكّي البرمكي قالَ : حدّثنا موسى بنُ عمران النخعي قالَ : قلتُ لعليٍّ بنِ مُحمّدٍ بنِ عليٍّ بنِ موسى بنِ جعفرٍ بنِ مُحمّدٍ بنِ عليٍّ بنِ الحُسين بنِ عليّ بنِ أبي طالب عليهم السلام : علّمني يا ابنَ رسولِ اللهِ قولاً أقولهُ بليغاً كاملاً إذا زرتُ واحِداً منكم فقالَ : ... ثمَّ قُل : السلامُ عليكُم يا أهلَ بيتِ النبوّةِ وموضعَ الرسالةِ ومُختلفَ الملائكة ومهبطَ الوحي ومعدنَ الرسالةِ وخزّانَ العلم ومُنتهى الحِلم وأصولَ الكرمِ وقادةَ الأمم وأولياءَ النعم ... وأشهدُ أنّكم الأئمّةُ الراشدونَ المهديّونَ المعصومونَ المُكرّمونَ المُقرّبونَ المُتّقونَ الصادقونَ المُصطفونَ المُطيعونَ للهِ القوّامونَ بأمرِه العاملونَ بإرادتِه الفائزونَ بكرامتِه اصطفاكُم بعلمِه وارتضاكُم لدينِه واختارَكم لسرِّه واجتباكُم بقُدرتِه وأعزّكم بهُداه وخصّكم ببرهانِه وانتجبَكم لنورِه وأيّدَكم بروحِه ورضيَكم خُلفاءَ في أرضِه وحُججاً على بريّتِه وأنصاراً لدينِه وحفظةً لسرِّه وخزنةً لعلمِه ومستودعاً لحكمتِه وتراجمةً لوحيهِ وأركاناً لتوحيدِه وشهداءَ على خلقِه وأعلاماً لعبادِه ومناراً في بلادِه وأدلّاءَ على صِراطِه ، عصمَكم اللهُ منَ الزللِ وآمنَكم منَ الفتنِ وطهّرَكم منَ الدنسِ وأذهبَ عنكم الرّجسَ وطهّرَكم تطهيراً ... والحقُّ معَكم وفيكُم ومِنكم وإليكُم وأنتُم أهلُه ومعدنُه وميراثُ النبوّةِ عندَكم ... مَن أتاكُم نجى ومَن لم يأتِكم هلَك ، إلى اللهِ تدعون وعليهِ تدلّونَ وبه تُؤمنونَ وله تُسلِمون وبأمرِه تعمَلون وإلى سبيلِه تُرشِدون وبقولِه تحكمون سعدَ واللهِ مَن والاكم وهلكَ مَن عاداكم وخابَ مَن جحدَكم وضلَّ مَن فارقَكم وفازَ مَن تمسّكَ بِكم وأمنَ مَن لجأ إليكم وسلِمَ مَن صدّقكم وهُديَ مَن اعتصمَ بِكم ومَن اتّبعَكم فالجنّةُ مأواه ومَن خالفَكم فالنارُ مثواه ومَن جحدَكم كافرٌ ومَن حاربَكم مُشرِكٌ ومَن ردَّ عليكم فهو في أسفلِ دركٍ منَ الجحيم ، أشهدُ أنَّ هذا سابقٌ لكم فيما مضى وجارٍ لكم فيما بقيَ وأنَّ أرواحَكم ونورَكم وطينتَكم واحدةٌ طابَت وطهُرَت بعضُها مِن بعض . (عيونُ أخبارِ الرّضا: 2 / 306 – 307).
10ـ الطوسيُّ في الغيبةِ: وبهذا الإسناد ، عن أبي الحُسينِ مُحمّدٍ بنِ جعفرٍ الأسدي رضيَ اللهُ عنه ، عن سعدٍ بنِ عبدِ الله الأشعري قالَ : حدّثنا الشيخُ الصّدوقُ أحمدُ بنُ إسحاق بنِ سعدٍ الأشعري رحمَه الله ، أنّه جاءَه بعضُ أصحابِنا يُعلِمُه أنَّ جعفراً بنَ عليٍّ كتبَ إليهِ كتاباً يعرّفُه فيهِ نفسَه ، ويعلّمُه أنّه القيّمُ بعدَ أخيه ، وأنَّ عندَه مِن علمِ الحلالِ والحرام ما يحتاجُ إليه وغيرُ ذلكَ منَ العلومِ كلّها .
قالَ أحمدُ بنُ إسحاق : فلمّا قرأتُ الكتابَ كتبتُ إلى صاحبِ الزمانِ عليهِ السلام وصيّرتُ كتابَ جعفرٍ في دُرجِه ، فخرجَ الجوابُ إليَّ في ذلك: بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرحيم .... ثمَّ بعثَ مُحمّداً صلّى اللهُ عليهِ وآله وسلّم رحمةً للعالمين ، وتمّمَ به نعمتَه ، وختمَ به أنبياءَه ، وأرسلَه إلى الناسِ كافّةً ، وأظهرَ مِن صِدقِه ما أظهر ، وبيّنَ مِن آياتِه وعلاماتِه ما بيّن .
ثمَّ قبضَه صلّى اللهُ عليهِ وآله وسلّمَ حميداً فقيداً سعيداً ، وجعلَ الأمرَ [ مِن ] بعدِه إلى أخيهِ وابنِ عمِّه ووصيّه ووارثِه عليٍّ بنِ أبي طالب عليهِ السلام ثمَّ إلى الأوصياءِ مِن ولدِه واحداً واحداً ، أحيى بهِم دينَه ، وأتمَّ بهم نورَه ، وجعلَ بينَهم وبينَ إخوانِهم وبني عمِّهم والأدنينَ فالأدنينَ مِن ذوي أرحامِهم فُرقاناً بيّناً يُعرَفُ بهِ الحُجّةُ منَ المَحجوج ، والإمامُ منَ المأموم بأن عصمَهم منَ الذنوب ، وبرّأهم منَ العيوب ، وطهّرَهم منَ الدنس ، ونزّهَهم منَ اللبس ، وجعلَهم خُزّانَ عِلمه ، ومستودعَ حِكمته ، وموضعَ سرِّه ، وأيّدَهم بالدلائل ، ولولا ذلكَ لكانَ الناسُ على سواءٍ ولادّعى أمرَ اللهِ عزَّ وجل كلُّ أحدٍ ، ولَما عُرفَ الحقُّ منَ الباطِل ، ولا العالمُ منَ الجاهل . (الغيبةُ للطوسي، ص287)
وهذهِ الرواياتُ وغيرُها الناصّةُ على عصمةِ أهلِ البيت (عليهم السلام) لا يعتريها الشكُّ والريب.
والحمدُ للهِ ربِّ العالمين.
اترك تعليق