هل تمنّى أمير المؤمنين (ع) أن يلقى الله بصحيفة عمر بن الخطّاب؟

السؤال: يقول إحسان إلهي ظهير: إنّ عليّاً - وهو الإمام المعصوم الأوّل عند القوم - كان يتمنّى بأن يلقى الله بالأعمال التي عملها الفاروق عمر في حياته كما رواه كلّ من السيّد مرتضى في كتابه: الشافي ص171، و الطوسيّ في: تلخيص الشافي ج2 ص428، وابن بابويه في معاني الأخبار ص117 ط إيران]. فهل فعلا تمنّى أمير المؤمنين (ع) أن يلقى الله بصحيفة عمر بن الخطّاب؟ نرجو بيان ذلك؟

: اللجنة العلمية

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم

في بادئ الأمر، لا بُـدَّ أنْ يعرف السائل وكلّ متتبّع للآثار أنَّ كتاب: (الشافي في الإمامة) الذي صنّفه السيّد المرتضى يُمثّل مجموعة من الردود والنقوض على ما أورده القاضي عبد الجبّار المعتزليّ في كتابه: (المغني في الإمامة)، لمّا كان يورد فيه من روايات العامَّة التي يوهم ظاهرها أنّها تنقض ما يذهب إليه علماء مدرسة أهل البيت (ع)، فتصدَّى له السيّد المرتضى (ره) بكتابه الشافي فنقض حججه وأقواله واحداً تلو الآخر، إذْ قال في مقدّمة كتابه (الشافي): سألتَ –أيَّدك الله -: تتبُّع ما انطوى عليه الكتابُ المعروف بالمغني من الحجاج في الإمامة، وإملاء الكلام على شُبهه بغاية الاختصار، وذكرتَ أنَّ مؤلّفه قد بلغ النهاية في جمع الشُبه .. وقد كنتُ عزمتُ عند وقوع هذا الكتاب في يدي على نقض ما اختصَّ منه بالإمامة على سبيل الاستقصاء. [الشافي في الإمامة ج1 ص33].

وأمّا ما يتعلّق بنصِّ السؤال، فقد أورده السيِّدُ في موضعين من كتابه (الشافي في الإمامة):

أحدهما: كان في [ج3 /ص86]. إذْ نقل في هذا الموضع ما أوردَه القاضي في كتابه المغني بطوله، ... إلى أنْ قال: وروى جعفرُ بن محمَّد عن أبيه عن جابر بن عبد الله قال: لما غسل عمر وكفن دخل علي (عليه السلام) فقال: "ما على الأرض أحدٌ أحبُّ إليَّ أنْ ألقى الله بصحيفتِه من هذا المسجَّى بين أظهرِكم، ورُوي مثلُ ذلك عن ابن عباس وابن عمر..

والآخر: كان في [ج3 ص117]. إذْ يقول في هذا الموضع: ((فأمَّا ما رواه عن أمير المؤمنين (عليه السلام) من التمنِّي لأنْ يلقى الله بصحيفة عمر، فهذا لا يقولُه من فضَّله النبيُّ (صلّى الله عليه وآله) على الخلقِ بالأقوال والأفعال المُجمع عليها المجمع عليها، الظاهرة في الرواية، وقد تقدّم طرف منها ولا يصدر عمّن كان يصرّح بتفضيل نفسه على جميع الأمّة بعد الرسول (صلّى الله عليه وآله) ولا يقدر أن يصرّح بذلك أيضا، وقد تقدّم الكلام على نظائر هذا الخبر على أنّ قوله: (وددت أن ألقى الله بصحيفة هذا المسجّى) أو (ما على الأرض أحد أحبّ إليّ من أن ألقى الله بصحيفته من هذا المسجّى) لا يجوز أن يكون محمولا على ظاهره، لأنّ الصحيفة إنّما يشار بها إلى صحيفة الأعمال.. وإذا تكافأت الدعويان لم يكن في ظاهر الخبر حجّة لهم، على أنّ في متقدّمي أصحابنا من قال: إنّما تمنّى أن يلقى الله بصحيفته ليخاصمه بما فيها، ويحاكمه بما تضمّنته، وقالوا أيضا في ذلك وجها غير هذا معروفا، وكلّ ذلك يسقط تعلّقهم بالخبر)).

إذنْ: فما يورده السيّد المرتضى (رحمه الله) في كتابه الشافي إنّما كان حكايةً عمّا ذكره القاضي المعتزليّ في كتابه آنفاً، لِيـَرُدَّ عليه فيما بعد. فيترتّب على ذلك أمران:

أحدهما: أنّ السيّد المرتضى لم يورد تلكم الروايات على سبيل الاعتقاد بها كما لا يخفى ذلك على مَنْ عرف مناهج المصنّفين من أهل العلم.

والآخر: أنّ المخالفين والمعاندين لمدرسة أهل البيت من أمثال إحسان إلهي ظهير وغيره إنْ كان يعلمون بطريقة السيّد المرتضى فيما يورده من روايات في كتابه الشافي، فقد كشف ذلك عن تدليسهم وتلبيسهم وخبثهم، وإلّا كشف عن جهلهم وحمقهم.

ثـمّ إنّ هذه الرواية اختصّ بها الرواة المخالفون عن أهل البيت (عليهم السلام)، فنقل غيرُ واحدٍ منهم عن الإمام الصادق (عليه السلام) عن أبيه الباقر (عليه السلام): أنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) لَـمّا دخل على عمر بن الخطّاب وهو مسجّى قال: Sما أحد أحبّ إليّ أن ألقى الله بصحيفته من هذا المسجّىR. ولَـم ترد هذه الرواية من طريق حواري أمير المؤمنين (عليه السلام) وأصفيائه والملازمين له وأصحابه، ولا من طريق أصحاب الأئمّة (عليهم السلام) الملازمين لهم، والمتعلّمين من علومهم، ولهذا يقول الشريف المرتضى تعليقاً على الخبر: (متى فُتِّش عن أصله وناقله، لَـم يوجد إلّا منحرفاً متعصّباً، غير مشهور بالصحبة لمن رواه عنه من أهل البيت عليهم السلام) [الشافي في الإمامة ج3 ص111]، يعني أنّ هذه الرواية اختصّ بروايتها المخالفون لأهل البيت (عليهم السلام)، ولَـم يروها أصحاب الأئمّة (عليهم السلام) المشهورون والمعروفون، وإنّما تداولها محدّثو أهل السنّة وتفرّدوا بها.

وهذا بحدّ ذاته – يعني تفرّد المخالفين بها، بغضِّ النظر عن وجود المتّهمين في إسنادها - يوجِب الريب فيها؛ لأنّ المخالفين ينسبون لأهل البيت (عليهم السلام) رواية لا يرويها عنهم حواريّهم وأصفيائهم وخواصّ تلامذتهم، فكيف خفيت عليهم وظهرت للأغيار ممّن لا يُعـدّ من خواصّهم ومريديهم وتلامذتهم؟!!

يضاف إلى ذلك: أنّ إسناد هذه الرواية تُروى من جهات المنحرفين والمتعصّبين – كما ذكر السيّد المرتضى في كلامه آنفاً -، وقد صرّح بنحو ذلك شيخ أصحابنا المتكلّمين هشام بن الحكم على ما حكاه عنه الشيخ المفيد، فإنّه قال لـمّا سُئل عن هذه الرواية التي يرويها العامّة: (هذا حديث غير ثابت، ولا معروف الإسناد، وإنّما حصل من جهة القصّاص وأصحاب الطرقات) [ينظر الفصول المختارة ص90]، ولا تخفى جلالة هشام وكونه من خواصّ تلامذة الإمام الصادق (عليه السلام)، فهو يطعن فيها ويصرّح بعدم ثبوتها وعدم معروفيّة إسنادها، ولا يعقل أن يخفى حال هذه الرواية على مثله.

ثـمّ نقول:  إنّ نصّ هذه الرواية يُروى تارةً بلفظ: « لوددت أن ألقى الله بصحيفة هذا المسجّى »، وأخرى: « إنّي لأرجو أن ألقى الله بصحيفة هذا المسجّى »، وثالثة بغير ذلك، فيُقال: إنّ ظاهر هذا الحديث يدلّ على أنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) تمنّى أن يلقى الله بالأعمال التي فعلها عمر بن الخطّاب وسُجِّلت في صحيفته، وهذا يدلّ على مدح عظيم وثناء جزيل.

نقول: إنّ هذه الرواية – لو سلّمنا صدورها عن أمير المؤمنين (عليه السلام) – لا تدلّ على مدح عمر بن الخطّاب والثناء عليه؛ وذلك لوجوه ثلاثة:

الوجه الأوّل: تمنّى لقاء الله بمثل صحيفته أو بخلافها:

إنّ كلام أمير المؤمنين (عليه السلام) – بمختلف ألفاظ الرواية – تضمّن تعلّق اللقاء بنفس الصحيفة، ففي نصّ الحديث: « ..ألقى الله بصحيفة هذا المسجّى.. »، والصحيفة هي صحيفة الأعمال، ولا يعقل أن يلقى العبدُ ربَّه بصحيفة عبدٍ آخر، فلا بدّ من وجودِ إضمار في الكلام، وذلك بمقتضى دلالة الاقتضاء التي هي دلالة اللفظ على معنىً لا يصحّ إلّا بتقدير محذوف، كقوله تعالى: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} ومعناه: واسأل أهل القرية.

وفي هذه الرواية، يلزم تقدير كلمةٍ لتصحّ العبارة، وهذه الكلمة يمكن أن تكون كلمة (مثل) أو (نظير) ليكون معنى الكلام: (ألقى الله بمثل صحيفة فلان) و(ألقى الله بنظير صحيفة فلان)، ويمكن أن تكون كلمة (خلاف) ليكون معنى الكلام: (ألقى الله بخلاف صحيفة فلان).

ولا يخفى أن دلالة الكلام على المدح والإطراء إنّما يكون بتقدير كلمة (مثل) أو (نظير) ونحوها، وأمّـا إذا قدّرنا كلمة (خلاف) ونحوها فلا يدلّ على المدح، بل يدلّ على الذمّ. ومع وجود احتمال تقدير كلمة (خلاف) لا ينعقد للكلام ظهور في المدح كما هو واضح.

وهذا الوجه نبّه عليه السيّد المرتضى علم الهدى، وهذا نصّ كلامه: (أنّ قوله: « وددت أن ألقى الله بصحيفة هذا المسجّى » أو « ما على الأرض أحد أحبّ إليّ من أن ألقى الله بصحيفته من هذا المسجّى » لا يجوز أن يكون محمولاً على ظاهره؛ لأنّ الصحيفة إنّما يُشار بها إلى صحيفة الأعمال، وأعمال زيد لا يجوز أن يكون بعينها لعمرو، وتمنّي ذلك ممّا لا يصحّ على مثله (عليه السلام)، فلا بدّ من أن يقال: إنّه أراد بمثل صحيفته وبنظير أعماله، وإذا جاز أن يضمروا شيئاً في صريح اللفظ جاز لخصومهم أن يضمروا خلافه، ويجعلوا بدلاً من إضمار المثل الخلاف، وإذا تكافأت الدعويان لم يكن في ظاهر الخبر حجّة لهم) [الشافي في الإمامة ج3 ص117].

إذنْ: فهذا الوجه يدلّ على وجود احتمالين في الكلام: أحدهما يدلّ على المدح بتقدير (مثل)، والآخر يدلّ على الذمّ بتقدير (خلاف)، ولا يتعيّن ترجيح المدح على الذمّ لاحتمال إرادة الذمّ، بل يتعيّن إرادة الذمّ بحسب ما تقدّم ويأتي.

الوجه الثاني: تمنّى لقاء الله بصحيفته للمخاصمة:

أنّ الرواية تبيّن تمنّي ورجاء لقاء الله تعالى بصحيفة عمر بن الخطّاب، قال (عليه السلام): « لوددت أن ألقى الله بصحيفة هذا المسجّى »، أو قال: « إنّي لأرجو أن ألقى الله بصحيفة هذا المسجّى »، فلـم يبيّن (عليه السلام) أنّه يودّ ويرجو لقاء الله بصحيفته من أجل ماذا، هل ذلك لأجل أن تُرفع درجته (عليه السلام) ويعلو مقامه، أو ليخاصم الآخرَ بما سُجِّل في صحيفته من أفعال مشينة؟!

ومثل هذا الكلام لا يدلّ على المدح إلّا مع إرادة تمنّي أن تُسجَّل الأعمالُ المدوّنةُ في تلك الصحيفة في صحيفة أمير المؤمنين (عليه السلام)، أي يرجو أن تكون له تلك الصحيفة من أجل أن تُرفَع درجته بما فيها من أعمال صالحة، وأمّـا إذا كان الرجاء للقاء الله تعالى بتلك الصحيفة لكي يُخاصم صاحبها بما دُوِّن فيها من الآثام والمعاصي فسيكون الكلام ظاهراً في الذمّ العظيم، وأنّ صاحب تلك الصحيفة قد ارتكب جنايات عظيمة في حقّ هذا القائل.

ولا شكّ عندنا – طبقاً للأدلّة المتواترة – أنّ القوم ظلموا أمير المؤمنين (عليه السلام) حقّه، وسلبوا حقّ حليلته بنت الرسول (صلّى الله عليه وآله)، وهجموا على دار النبوّة، إلى غير ذلك ممّا هو معروف مشهور، فبملاحظة هذه الأمور لابدّ أن يكون تمنّي لقاء الله تعالى بصحيفة ذلك الشخص إنّما هو من أجل المخاصمة والمحاكمة، وبهذا صرّح بعضُ أصحابنا المتقدّمين على ما حكاه السيّد المرتضى بقوله: (على أنّ في متقدّمي أصحابنا مَن قال: إنّما تمنّى أن يلقى الله بصحيفته ليخاصمه بما فيها، ويحاكمه بما تضمّنته) [الشافي في الإمامة ج3 ص117].

الوجه الثالث: تمنّى لقاء الله بصحيفة خاصّة:

الوجهان السابقان مبنيّان على أنّ المراد بـ(الصحيفة) هي صحيفة الأعمال، وأمّـا هذا الوجه الثالث فمبنيّ على أنّ المراد بها هي صحيفة خاصّة ومعهودة، وهي وثيقة تعاهد عليها جماعةٌ من الصحابة، وكتبها عمر بن الخطّاب بيده، فالمراد بـ(الصحيفة) في كلام الإمام بقوله: « لوددت أن ألقى الله بصحيفة هذا المسجّى » إنّما هي تلك الصحيفة التي دوّن فيها تعاقد جماعة من الصحابة على أن يسلبوا الخلافة من أمير المؤمنين (عليه السلام)، وخبر تلك الصحيفة معروف مشهور.

وقد ورد هذا الوجه في كلمات أئمّة أهل البيت (عليهم السلام) في تفسير هذه الرواية المنسوبة لأمير المؤمنين (عليه السلام)، نذكر في المقام بعضاً منها:

روى أبو سعيد العصفريّ بالإسناد عن جعفر بن محمّد (عليهما السلام) قال: « ..وأجمع القوم [يعني أبا بكر وعمر وأبو عبيدة وسالم - على كتابٍ كتبوه بينهم في المسجد الحرام: إنْ قُبض رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ألّا يولّوا عليّاً منها شيئاً، فلمّا سُجّي أبو بكر دخل عليه عليّ (عليه السلام) فقال: ما أُحبّ أن ألقى الله بمثل صحيفة هذا المسجّى، قال: فلمّا سُجّي عمر دعا له فقال مثل ذلك، قال: فهي الصحيفة التي كتبوها بينهم: إنْ قُبض رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ألّا يولّوها عليّاً (عليه السلام) » [الأصول الستة عشر ص144].

وهذه الرواية تبيّن أنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) قال هذه العبارة عند جنازة أبي بكر أيضاً، وفي ذلك رواية في بعض كتب المخالفين، وهذا يعني أنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) قال هذه العبارة أوّلاً عند جنازة أبي بكر وثانياً عند جنازة عمر.

وروى الشيخ الصدوق بالإسناد عن مفضّل بن عمر، قال: « سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن معنى قول أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) – لـمّا نظر إلى الثاني وهو مسجّى بثوبه -: ما أحد أحبّ إليّ أن ألقى الله بصحيفة من هذا المسجّى، فقال: عنى بها الصحيفة التي كتبت في الكعبة » [معاني الأخبار ص412].

وإلى هذا المعنى أشارت رواية سليم بن قيس الهلاليّ لِـما قاله أمير المؤمنين (عليه السلام) لطلحة في قصّة الشورى، فإنّه ذكر: « فقام عند ذلك عليّ (عليه السلام)، وغضب من مقالة طلحة، فأخرج شيئاً قد كان يكتمه، وفسّر شيئاً قد كان قاله يوم مات عمر لَـمْ يدروا ما عنى به » [كتاب سليم ص203-204].

وقد ورد هذا الوجه في كلام جماعة من أصحابنا، نذكر بعضاً من كلماتهم:

قال هشام بن الحكم – بعد أن صرّح بعدم ثبوت الحديث -: (ولو ثبت لكان المعنى فيه معروفاً، وذلك أنّ عمر واطأ أبا بكر والمغيرة وسالماً مولى أبي حذيفة وأبا عبيدة على كتب صحيفة بينهم، يتعاقدون فيها على أنّه: إذا مات رسول الله (صلّى الله عليه وآله) لم يورّثوا أحداً من أهل بيته، ولم يولّوهم مقامه من بعده، فكانت الصحيفة لعمر إذْ كان عماد القوم، والصحيفة التي ودَّ أمير المؤمنين (عليه السلام) ورجا أن يلقى الله بها هي هذه الصحيفة، فيخاصمه بها، ويحتجّ عليه بمتضمّنها. والدليل على ذلك: ما روته العامّة عن أبيّ بن كعب: أنّه كان يقول في مسجد رسول الله (صلّى الله عليه وآله) - بعد أن أفضى الأمر إلى أبي بكر - بصوتٍ يسمعه أهل المسجد: ألَا هلك أهل العقدة، والله ما آسى عليهم إثماً، آسى على مَن يضلّون من الناس، فقيل له: يا صاحب رسول الله، مَن هؤلاء أهل العقدة؟ وما عقدتهم؟ فقال: قومٌ تعاقدوا بينهم: إنْ مات رسول الله لم يورّثوا أحداً من أهل بيته ولا ولّوهم مقامه، أمَا والله لئن عشت إلى يوم الجمعة لأقومنَّ فيهم مقاماً أبيّن به للناس أمرهم، قال: فما أتت عليه الجمعة) [ينظر الفصول المختارة ص90].

وقال أبو القاسم الكوفيّ: «وأمّا أبو عبيدة الجراح فالرواية عن أهل البيت (عليهم السلام) أنّه كان أمين القوم الذين تحالفوا في الكعبة الشريفة أنّه إنْ مات محمّد أو قتل لا يصيّروا هذا الأمر إلى أهل بيته من بعده، وكتبوا بينهم صحيفة بذلك، ثمّ جعلوا أبا عبيدة بينهم أميناً على تلك الصحيفة، وهي الصحيفة التي روت العامّة أنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) دخل على عمر وهو مسجّى فقال: ما أبالي أن ألقى بصحيفة هذا المسجّى، وكان عمر كاتب الصحيفة » [الاستغاثة ج2 ص66].

وأشار لهذا الوجه السيّد المرتضى فيما حكاه عن بعض متقدّمي أصحابنا في كلامه السابق: (وقالوا أيضاً في ذلك وجهاً غير هذا معروفاً) [الشافي في الإمامة ج3 ص117].

وبذلك صرّح العلّامة البياضيّ العامليّ في [الصراط المستقيم ج3 ص155]، والسيّد التستريّ في [الصوارم المهرقة ص78]، والعلّامة الشيرازيّ في [الأربعين ص574]، وغيرهم.