كيف استدلّ جابر الأنصاريّ على قبر الإمام الحسين ع؟

هل يوجد نصٌّ تاريخيّ حول زيارة الصحابيّ الجليل جابر بن عبدالله الأنصاريّ يوم الأربعين وكيف استدلّ على قبر الإمام الحسين عليه السلام ؟

: الشيخ مروان خليفات

الجواب :

هناك نصوص عديدة تدلّ على ذلك، منها:

1- قال الشيخ المفيد ( ت 413هـ) : (وفي اليوم العشرين منه كان رجوع حرم سيّدنا ومولانا أبي عبد الله عليه السلام من الشام إلى مدينة الرسول صلّى الله عليه وآله ، وهو اليوم الذي ورد فيه جابر بن عبد الله بن حزام الأنصاريّ - صاحب رسول الله صلّى الله عليه وآله ورضي الله تعالى عنه - من المدينة إلى كربلاء لزيارة قبر سيّدنا أبي عبد الله عليه السلام ، فكان أوّل من زاره من الناس). [مسار الشيعة في مختصر تواريخ الشريعة، الشيخ المفيد، ص٥٠].

هذا النصُّ يدلّ على معرفة قدامى الشيعة بهذا الخبر وتناقلهم إيّاه.

وقال الشيخ الطوسيّ ( ت 460هـ) مؤكّدا ذلك : (وهو اليوم الذي ورد فيه جابر بن عبد الله بن حرام الأنصاريّ صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله ورضي عنه من المدينة إلى كربلاء لزيارة قبر أبي عبد الله عليه السلام فكان أوّل من زاره من الناس ، ويستحبّ زيارته عليه السلام فيه) [مصباح المتهجّد، الشيخ الطوسيّ، ص ٧٩٥].

وقال السيّد ابن طاووس ( ت 664هـ) ناقلا ذلك عن بعض المصادر : ( قال الراوي : لمّا رجع نساء الحسين عليه السلام وعياله من الشام وبلغوا العراق قالوا للدليل مُرْ بنا على طريق كربلاء فوصلوا إلى موضع المصرع فوجدوا جابر بن عبد الله الأنصاريّ ( ره ) وجماعة من بني هاشم ورجالا من آل رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قد وردوا لزيارة قبر الحسين عليه السلام فوافوا وقت واحد وتلاقوا بالبكاء والحزن واللّطم وأقاموا المآتم المقرحة للأكباد واجتمع إليهم نساء ذلك السواد فأقاموا على ذلك أيّاما). [اللّهوف في قتلى الطفوف، السيّد ابن طاووس، ص ١١٤].

وممّا يؤكّد ما ذكره أعلام الإماميّة، رواية الزيديّة زيارة جابر يوم الأربعين فوافق خبرهم خبرنا. روى يحيى بن الحسين الهارونيّ الزيديّ ( ت 424هـ) عن أبيه ـ وهو إماميّ المذهب ـ قال : ( أخبرنا أبي رحمه اللّه تعالى ، قال : أخبرنا أبو أحمد إسحاق بن محمّد المقريّ الكوفيّ بالكوفة ، قال : حدّثنا محمّد بن عبد اللّه بن محمّد الإياديّ ، قال : حدّثنا محمّد بن عمرو بن مدرك الرازيّ ، قال : حدّثنا محمّد بن زياد المكّيّ ، قال : حدّثنا جرير بن عبد الحميد ، عن الأعمش عن عطيّة العوفيّ ، قال : خرجت مع جابر بن عبد اللّه الأنصاري زائرين قبر الحسين عليه السلام فلمّا وردنا كربلاء دنا جابر من شاطئ الفرات فاغتسل ، ثمّ اتّزر بإزار ، ثمّ ارتدى بآخر ، ثمّ فتح صرّة فيها سعد فنثره على بدنه ، ثمّ لم يخطو خطوة إلّا ذكر اللّه تعالى حتّى دنا من القبر ، فقال عطيّة ألمسنيه فألمسته فخرّ على القبر مغشيّاً عليه ، فرششت عليه شيئا من الماء فلمّا أفاق قال : يا حسين يا حسين يا حسين ثلاثا ، ثمّ قال : حبيب لا يجيب حبيبه ، ثمّ قال: وأنّى لك بالجواب وقد شخبت أوداجك على أشباحك وفرّق بين بدنك ورأسك ، فأشهد أنّك ابن خير النّبيّين ، وابن سيّد الوصيّين ، وابن حليف التّقوى وسليل الهدى وخامس أصحاب الكسا وابن سيّد النقباء وابن فاطمة سيّدة النساء ، وما بالك ألّا تكون هكذا وقد غذّتك كفّ محمّد سيّد المرسلين وربّيت في حجور المتّقين ، وأرضعت من ثدي الإيمان وفطمت بالإسلام ، فطبت حيّاً وطبت ميّتاً ...). [تيسير المطالب في أمالى أبى طالب، أبي طالب يحيى بن الحسين الهارونيّ، ص 145 ـ 146 ].

وممّن روى هذه الرواية عن الأعمش عن عطيّة عن جابر : أبو القاسم الطبريّ في بشارة المصطفى ، (ص ١٢٥).

وأمّا استدلال جابر على قبر الإمام الحسين (ع)، فلا بدّ أنّه سأل الناس المقيمين بالقرب من تلك البقعة، وهم شهود على تلك الأحداث خاصّة بعد انتهاء المعركة ودفن الأجساد الطاهرة.