ما معنى حديث الإمام زين العابدين عن حب أهل العراق؟

السؤال: ممكن توضيح هذا الحديث: «يا أهل العراق، أحبّونا حبّ الإسلام، ولا تحبّونا حبّ الأصنام، فما زال حبّكم بنا حتّى بغّضتمونا إلى الناس»، الإمام عليّ زين العابدين بن الحسين بن عليّ (عليهم السلام).

: السيد أبو اَلحسن علي الموسوي

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم

يقع الكلام حول هذا الخبر في جهتين:

الجهة الأولى: في مصادر الخبر وألفاظه:

فإنّ رواة هذا الحديث من العامّة؛ إذ رواه يحيى بن سعيد الأنصاريّ ومحمّد بن شهاب الزهريّ عن الإمام زين العابدين عليّ بن الحسين (عليه السلام)، وقد جاء بألفاظ عديدة:

فقد نقله ابن سعد وأبو نعيم بلفظ: «أحبّونا حبّ الإسلام لله عزّ وجلّ، فإنّه ما برح بنا حبّكم حتّى صار علينا عاراً» [الطبقات الكبرى ج5 ص214، حلية الأولياء ج3 ص136].

ونقله ابن سعد وأبو نعيم والحاكم والدولابيّ بلفظ: «جاء قوم من الكوفيّين، فقال عليّ بن الحسين: يا أهل العراق، يا معشر أهل العراق، يا معشر أهل الكوفة، أحبّونا حبّ الإسلام، ولا ترفعونا فوق حقّنا» [الطبقات الكبرى ج5 ص214، حلية الأولياء ج3 ص137، المستدرك ج3 ص196، الذرية الطاهرة ج1 ص186].

ونقله ابن عساكر بلفظ: «يا أهل العراق، أحبّونا حبّ الإسلام، ولا ‌تحبّونا ‌حبّ ‌الأصنام، فما زال بنا حبّكم حتّى صار علينا شيناً» [تاريخ دمشق ج41 ص392].

ونقله من الخاصّة الشيخان المفيد والفتّال عن سفيان بن عيينة، عن ابن شهاب الزهريّ بلفظ: «أحبّونا حبّ الإسلام، فما زال حبّكم لنا حتّى صار شيناً علينا) [الإرشاد ج2 ص40، روضة الواعظين ص94].

الجهة الثانية: ف معنى الخبر ودلالته:

لا يخفى أنّ هذا الخبر يقع في سياق تلك الأخبار الوفيرة التي وردت لذمّ الغلوّ في أهل البيت (عليهم السلام)، وتجاوز الحدّ الذي وضعهم الله فيه، كالقول بألوهيّتهم أو نبوّتهم أو نحو ذلك من الأشياء الباطلة عقلاً وشرعاً.

فلذا يحضّ الإمام (عليه السلام) على أن يحبّهم المؤمن «حبّ الإسلام» مقابل «حبّ الأصنام» - الذي هو رفعهم فوق حقّهم -، ويحذّر (عليه السلام) من المبالغة في حبّهم بالصورة التي يتجاوز فيها المحبُّ الحدَّ، والذي يكون شيناً وعاراً، فقد جاء في نهج البلاغة عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال: «هلك فيَّ رجلان: محبّ غالٍ، ومبغضٌ قالٍ» [نهج البلاغة ص381].

وقد بيّن ذلك العلّامة المجلسيّ عند ذكره الخبر بقوله: (أي: أحبّونا حبّاً يكون موافقاً لقانون الإسلام ولا يخرجكم عنه، ولا زال حبّكم لنا حتّى أفرطتم وقلتم فينا ما لا نرضى به، فصرتم شيناً وعيباً علينا، حيث يعيبوننا الناس بما تَنسبون إلينا) [بحار الأنوار ج ٤٦ ص ٧٣].

والحمد لله أوّلاً وآخراً.