ما صحة الحديث المروي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) ( الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا)؟
السلام عليكم ورحمة الله : هذا الحديثُ يُروى عَن أميرِ المؤمنينَ مُرسلاً بغيرِ إسنادٍ, ولكن لا يضرُّ إرسالُه ما دامَ وارداً في المواعظِ والإرشادِ ونحوهِما التي لا يتشدّدُ فيها العلماءُ مِن جهةِ الإسنادِ, والحديثُ هوَ موعظةٌ للمسلمينَ يُبيّنُ لهُم أنَّ الآخرةَ دارُ قرارٍ, والدّنيا دارُ فناءٍ وزوالٍ, فلا ينبغي إيثارُ الفاني على الباقي, ولكنَّ أهلَ الدّنيا أهلُ غفلةٍ, جاهلونَ بقبائحِ الدّنيا, غافلونَ عَن أمرِ الآخرةِ, يختارونَ الزّائلَ ترجيحاً للشّاهدِ على الغائبِ, فلذا كانَ فعلُهم هذا محلَّ تعجّبٍ عندَ أميرِ المؤمنينَ ( عليه السّلام), لَـمّا قال: عجبتُ لعامرِ دارِ الفناءِ وتاركِ دارِ البقاء. فالسّعيدُ مَن ينقطعُ عنِ الدُّنيا ويفرُّ منها ولا يستأنسُ بها, لأنّها كمنزلٍ نزلتَهُ في سفرِكَ ثمَّ إرتحلتَ عنهُ ، أو كما وجدتَه في منامِكَ مِن مالٍ أو جاهٍ أو نحوِهما, فأستيقظتَ وليسَ معكَ منهُ شيءٌ. والعاقلُ اللّبيبُ إذا نظرَ إلى الدُّنيا بعينِ البصيرةِ ووجدَها مُتّصفةً بالصّفاتِ المذكورةِ زالَ عنهُ حبُّها. ولِذا كثرَ التّحذيرُ منَ الدّنيا في القرآنِ العزيزِ والسّنّةِ المُطهّرةِ. وعليهِ فالذينَ لا يفيقونَ مِن مواعظِ الأنبياءِ والأئمّةِ عليهم السّلام وتحذيرِهم ، ولا يؤثّرُ فيهم سوطُ البلاءِ، فإنَّ سوطَ الموتِ يوقظُهم ويزيلُ حُجُبَ الغفلةِ وحواجزَ المعرفةِ عَن بصائرِهم. وحينَها سنتيقّنُ مِن قوله تعالى:(لقَد كُنتَ فِي غَفلَة مِّن هَذَا فَكَشَفنَا عَنكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ اليَومَ حَدِيدٌ). اللّهمّ وفّقنا لأن نتّعظَ بمواعظِ الأنبياءِ وأئمّةِ الهِدى عليهم السّلام قبلَ أن يَعِظنا سوطُ الموتِ. ودمتُم سالِمينَ.
اترك تعليق