صفاتُ المرجعِ والعصمة

ان كان المرجع مخالفاً لهواه مطلقاً مطيعاً لأمر مولاه مخلصاً فما الفرق بينه وبين منزلة المعصوم (ع) فكلاهما لا يخطيء وكلاهما لا يعصي ربه طرفة عين فهل لكم أن ترشحوا لنا شخصاً من قدماء العلماء وحديثيهم يتصف بهذه الصفات؟

: سيد حسن العلوي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :  

الصّفاتُ التي ذُكِرَت لمرجعِ التّقليدِ لا تعني العصمةَ، بَل هيَ عدالةٌ وتقوى، فهُناكَ فرقٌ بينَ مرتبةِ العدالةِ والعصمة. 

فالعدالةُ هيَ المُعتبرةُ في مرجعِ التّقليدِ، وهيَ ملكةٌ وقوّةٌ راسخةٌ في النّفسِ تبعثُ صاحبَها على إجتنابِ الكبائرِ وعدمِ الإصرارِ على الصّغائرِ، وتركِ مُنافياتِ المروءة.  

والعدالةُ بهذا المعنى لا تمنعُ صاحبَها منَ السّهوِ والنّسيانِ والخطأ والإشتباهِ في الفهمِ والضّلالِ وغوايةِ الشّيطانِ، فالإنسانُ العادلُ قد يسهو وقد ينسى وقد يُخطئُ في فهمِ آيةٍ أو حديثٍ أو أمرٍ مِن أمورِ الحياةِ، وقد يُضلّهُ الشّيطانُ عَن طريقِ الحقِّ، وقد تحدّثُه نفسُه بإرتكابِ المعصيةِ، ولكنّه لا يفعلُها إذا كانَت كبيرةً، ولا يصرُّ عليها إذا كانَت صغيرة. 

وقد يُضِلّه الشيطانُ ويخدعُه – في  بعضِ الأحيانِ - ويوقعُه في المعصيةِ، فتزولُ منهُ ملكةُ العدالةِ، ولكنّه فوراً يتوبُ إلى اللهِ تعالى، فتعودُ لهُ ملكةُ العدالة. 

بخلافِ أدنى مراتبِ العصمةِ والتي هيَ أعلى مراتبِ العدالةِ والتّقوى، وهيَ لطفٌ يفعله اللهُ بالمُكلّفِ بحيثُ يجتنبُ معَها عَن ممارسةِ الذّنوبِ الصّغيرةِ والكبيرةِ، ولا يسهو ولا يُخطئ ولا ينسى ولا يضلُّ ولا يشتبهُ في فهمِ آيةٍ ولا حديثٍ ولا أمرٍ مِن أمورِ الحياةِ، ولا يمكنُ للشّيطانِ أن يُضلّه عَن طريقِ الحقِّ، ولا يمكنُ للشّيطانِ أن يُوقعَه في ممارسةِ الذّنوبِ والمعاصي، ولا تُحدّثهُ نفُسه بالمعصيةِ، لشدّةِ خوفِه منَ اللهِ تعالى. 

وعدمُ عصيانِ بعضِ عُلمائِنا لا يعني أنّه أصبحَ معصوماً كعصمةِ الإمامِ أو النّبيّ عليهم السّلام، فليسَت العصمة مُرتبطةً بإجتنابِ المعصيةِ فقَط كما تقدّمَ بيانه، نعَم للمرجعِ مرتبةٌ عاليةٌ منَ العدالةِ والتّقوى بحيثُ صارَ مُعتصِماً بحبلِ اللهِ تعالى، ولو بمقدارِ ظرفِه وخوفِه وخشيتِه منَ اللهِ تعالى. 

فالملكةُ الموجودةُ في المراجعِ هيَ عدالةٌ وتقوى بمراتبها العالية. 

فعصمةُ الأئمّةِ والأنبياءِ عصمةٌ ذاتيّةٌ ضروريّةٌ لا يقاسُ بها عدالةُ وتقوى المراجع. 

والحمدُ للهِ ربِّ العالمين.