ما هو المردود الايجابي لوجود الامام المهدي (عجّلَ اللهُ فرجَه) في واقعنا ؟

: السيد عبدالهادي العلوي

السلامُ عليكُم ورحمةُ اللهِ وبركاتُه،لا شكَّ ولا شبهةَ في أنَّ وجودَ الإمامِ المهديّ (عجّلَ اللهُ فرجَه الشريف) ثابتٌ بالأدلّةِ اليقينيّةِ، وأنّ الإيمانَ به لازمٌ على كلِّ مؤمنٍ، كما أنّ وجودَ الملائكةَ ثابتٌ والإيمان بها لازمٌ، وغيرُ ذلكَ منَ الأمورِ الغيبيّةِ. والإنسانُ مُكلّفٌ بالتسليمِ لها والإيمانِ بها، سواءٌ علمَ بالحكمةِ فيها أو لم يعلم، وسواءٌ أدركَ منافعَها أم لا، فإنّ ذلكَ لا يضرُّ بأصلِ لزومِ التسليمِ والإيمان؛ إذ أكثرُ الأمورِ لا يدركُ الإنسانُ عِللَها وحكمتَها ومعَ ذلكَ هوَ مُكلّفٌ بالتسليمِ لها والإيمانِ بها.  وقد جاءَت بعضُ الرواياتِ الشريفةِ عن المعصومينَ (عليهم السّلام) التي تُبيّنُ أنَّ الانتفاعَ بالإمامِ (عجّلَ اللهُ فرجَه) في غيبتِه كالانتفاعِ بالشمسِ إذا سترَها السحابُ، فإنّ الشمسَ خلفَ السحابِ لا تنعدمُ منفعتُها، روى الشيخُ الصدوقُ في [كمالِ الدين ص253] والخزّازُ القُمّيّ في [كفايةِ الأثر ص55] بالإسنادِ عن جابرٍ بنِ عبدِ اللهِ الأنصاريّ، عن رسولِ الله (صلّى اللهُ عليهِ وآله): « فقلتُ له: يا رسولَ الله، فهَل يقعُ لشيعتِه الانتفاعُ بهِ في غيبتِه؟ فقالَ (عليهِ السلام): إي والذي بعثني بالنبوّةِ، إنّهم يستضيئونَ بنورِه، وينتفعونَ بولايتِه في غيبتِه كانتفاعِ الناسِ بالشمسِ وإن تجلّلها سحابٌ »، وروى الصدوقُ في [كمالِ الدين ص207] بالإسنادِ عن سليمانَ بنِ مهران الأعمش، عن أبي عبدِ اللهِ (عليهِ السلام): « فقلتُ للصّادقِ (عليهِ السلام): فكيفَ ينتفعُ الناسُ بالحُجّةِ الغائبِ المستور؟ قالَ: كما ينتفعونَ بالشمسِ إذا سترَها السحاب». وروى الصدوقُ في [كمالِ الدين ص485]، والشيخُ الطوسيّ في [الغيبةِ ص292] بالإسنادِ عن إسحاقَ بنِ يعقوب، قالَ: سألتُ محمّداً بنَ عثمانَ العُمريّ (رضيَ اللهُ عنه) أن يوصلَ لي كتاباً قد سألتُ فيه عن مسائلَ أشكلت عليّ، فوردَ التوقيعُ بخطِّ مولانا صاحبِ الزمان (عليهِ السلام): « .. وأمّا وجهُ الانتفاعِ بي في غيبتي فكالانتفاعِ بالشمسِ إذا غيّبَتها عن الأبصارِ السحاب. وإنّي لأمانُ أهلِ الأرض كما أنّ النجومَ أمانٌ لأهلِ السماء، فأغلقوا أبوابَ السؤالِ عمّا لا يعنيكم، ولا تتكلّفوا على ما قد كُفيتم، وأكثروا الدعاءَ بتعجيلِ الفرجِ فإنّ ذلكَ فرجُكم ». وفي ذيلِ هذا التوقيعِ الشريفِ إشارةٌ مُهمّة.  وعلى كلٍّ، فيمكنُ أن تُذكرَ جملةٌ منَ الأمور:  أوّلاً: لا يخفى أنَّ الإمامَ المهديّ (عجّلَ اللهُ فرجَه) هوَ حُجّةُ اللهِ تعالى في الأرضِ، ووجودُه لازمٌ وضروريّ؛ إذ لولا الحُجّة لساختِ الأرضُ، فهوَ (سلامُ اللهِ عليه) مقوِّمٌ لأصلِ الحياةِ وعمادِها وركنِها وأسّها وأساسِها، فالحياةُ قائمةٌ ومُستمرّة ٌببركةِ وجودِه المُبارك.  ثانياً: الإمامُ (عجّلَ اللهُ فرجه) هوَ حُجّةُ اللهِ تعالى وخليفتُه في الأرضِ والواسطةُ بينَ الخلقِ والخالق، وهو آخرُ خلفاءِ خاتمِ الأنبياءِ (صلّى اللهُ عليه وآله)، والاعتقادُ به مُحقّقٌ للنجاةِ الأخرويّة الأبديّة، فعدمُ الإيمانِ به يورثُ الخسارةَ الكُبرى والندامةَ العُظمى.  ثالثاً: إنّ فكرةَ المهدويّةِ مقرونةٌ بفكرةِ إقامةِ العدل، فالإمامُ (عليهِ السلام) هوَ ذاكَ الشخصُ الذي سيُحقّقُ العدالةَ على وجهِ الأرض، والإيمانُ به (عليهِ السلام) يشدُّ الإنسانَ نحوَ إقامةِ العدلِ ونبذِ الظُلم، بمعنى أنّه يحرّكُ جانبَ الخيرِ في الإنسان ويدفعُه نحوَ إقامةِ العدلِ والإحسانِ والاستقامةِ وغيرِ ذلك.  رابعاً: فكرةُ المهدويّةُ أملٌ لكلِّ المُستضعفينَ والمظلومينَ في الأرض، فإنّ كلَّ مظلومٍ ومُستضعفٍ في شرقِ الأرضِ وغربِها يأملُ بالمُخلّصِ الذي يخلّصُه مِن جورِ الظالمين. خامساً: المهدويّةُ أملٌ لكلِّ أصحابِ القيمِ والمبادئِ والأخلاق؛ إذ منَ الواضحِ أنّ المُجتمعَ البشريَّ يتّجهُ نحوَ الانحطاطِ الخُلقي والمعنويّ في كلّ مرحلةٍ مِن مراحلِ التاريخِ، فلا بدَّ مِن يومٍ يظهرُ فيه المهديُّ لينتشلَ العالمَ مِن ظُلماتِ الجهلِ والضياعِ والانحطاط.  سادساً: الإيمانُ بالمهدويّةِ يدفعُ الإنسانَ نحوَ امتثالِ الطاعاتِ والقرباتِ ونبذِ المُحرّمات ِوالمُوبقات، ليكونَ حينَ ظهورهِ المُقدّس مِن أعوانِه وأنصارِه وأتباعِه، لا منَ المناوئينَ والمُعادين له. سابعاً: إنّ الإمامَ (عجّلَ اللهُ فرجَه) يرعى شيعتَه ويعتني بهم بشتّى الوسائلِ، ويدفعُ عنهم الأخطارَ الجسيمةَ بمُختلفِ الأساليبِ، ولولا هذهِ العنايةُ الخاصّةُ لكانَ حالُ الشيعةِ في شدّةٍ شديدةٍ بل كانَ أمرُهم إلى الفناءِ والزوال؛ لاجتماعِ أهلِ الباطلِ على مُباينتِهم وإصرارِهم على إبادتِهم، وقد جاءَ في رسالتِه (عجّلَ اللهُ فرجَه) للشيخِ المُفيد: « غيرُ مُهملينَ لمُراعاتكم، ولا ناسينَ لذكرِكم، ولولا ذلكَ لنزلَ بكُم اللأواءُ واصطلمَكم الأعداءُ » [الاحتجاجُ ج2 ص318].وغيرُ ذلكَ منَ الفوائدِ الجليلةِ والجسيمة.