من هو الصبي الذي قبله النبي محمد (ع)؟
وردَ في روايةٍ: أنَّ رسولَ اللهِ كانَ يوماً معَ جماعةٍ مِن أصحابِه مارّاً في بعضِ الطريقِ، واذا هُم بصبيانٍ يلعبونَ في ذلكَ الطريق ، فجلسَ النبيُّ صلّى اللهُ عليهِ وآله عندَ صبيٍّ مِنهم وجعلَ يُقبّلُ ما بينَ عينيه ويُلاطفُه، ثمَّ أقعدَه على حجرِه وكانَ يكثرُ تقبيلَه ، فسُئلَ عن علّةِ ذلك ، فقالَ صلّى اللهُ عليهِ وآله : إنّي رأيتُ هذا الصّبيَّ يوماً يلعبُ معَ الحُسينِ ورأيتُه يرفعُ الترابَ مِن تحتِ قدميه ، ويمسحُ بهِ وجهَه وعينيه، فأنا أحبُّه لحُبِّه لولدي الحُسين، وقد أخبرَني جبرئيلُ أنّه مِن أنصارِه في وقعةِ كربلا. (بحارُ الأنوار، العلّامةُ المجلسي، ج 44، الصّفحة 242). مَن هوَ الصبيُّ الذي قبّلَه رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآله؟ وهل هناكَ مصادرُ تُبيّنُ مَن هو؟ ولكُم جزيلُ الشكرِ والتقدير.
السلامُ عليكُم ورحمةُ اللهِ وبركاتُه،هذهِ الروايةُ نقلَها العلّامةُ المجلسيّ في [بحارِ الأنوار ج44 ص242]، والعلّامةُ البحرانيّ في الجُزءِ المُخصّصِ بسيّدِ الشهداءِ مِن [عوالمِ العلومِ والمعارف ص132] كلاهُما عن بعضِ مؤلّفاتِ الأصحاب، والسيّدُ نعمةُ اللهِ الجزائريّ في [رياضِ الأبرار ج1 ص172] عن بحارِ الأنوار، ونقلَها قبلهم العلّامةُ الطريحيّ في [المُنتخبِ ص202]، فلعلّه مصدرُ الرواية. والذي يُفهَمُ منَ الروايةِ أمورٌ: أنّه كانَ صبيّاً على عهدِ النبيّ الأكرمِ (صلّى اللهُ عليهِ وآله)، فهوَ ممَّن أدركَ النبيَّ ولهُ صُحبةٌ، وأنّه كانَ يحبُّ سيّدَ الشهداءِ (عليهِ السلام)، ومنَ الطبيعيّ أن يكونَ مُحبّاً لبقيّةِ أهلِ البيتِ (عليهم السلام)، وأنّه كانَ مِن شهداءِ كربلاء معَ سيّدِ الشهداءِ (عليهِ السلام). فهو ممَّن صحبَ النبيّ والأميرَ والحسنَ والحُسين (عليهم السلام). والصحابةُ مِن شهداءِ كربلاء ـ كما ذكرَ البعضُ ـ هُم: أنسٌ بنُ الحارث الكاهليّ، وحبيبٌ بنُ مظاهر الأسديّ، وعبدُ الرحمنِ بنُ عبدِ ربّ الأنصاريّ، وعمّارٌ الدالانيّ، ومسلمٌ بنُ عوسجة الأسديّ، ويحيى بنُ هانئ بنِ عروة المذحجيّ. والروايةُ خاليةٌ عن بيانِ شخصيّةِ هذا الصّبيّ بالتحديد، كما أنّ القرائنَ غيرُ وافيةٍ بذلك. ولكِن وردَ في بعضِ الكتبِ، ككتابِ [وسيلةِ الدارين ص119]، وكتابِ [فرسانِ الهيجاء ج1 ص121 نقلاً عن مخزنِ البكاءِ للبرغانيّ]، وغيرِها: « وذكرَ بعضُ الثقاتِ أنّ ذلكَ الطفلَ كانَ حبيباً بنَ مُظاهرٍ الذي فدى الحُسينَ بنفسِه ومُهجته ». وذكرَ الشيخُ المحلّاتيّ في [فرسانِ الهيجاء ج1 ص121] تعقيباً على ذلك: « وينبغي أن لا يكونَ عمرُ حبيبٍ يومذاكَ أقلَّ مِن خمسةَ عشرَ عاماً؛ لأنّ صاحبَ رياضِ الشهادةِ يقول: حبيبٌ رجلٌ وسيم، كاملُ الصفات، وكانَ عُمرُه في وقعةِ الطفِّ خمساً وسبعينَ عاماً، ويبعدُ أن يُعبَّرَ عن ابنِ الخامسةَ عشرَ لفظُ صبيّ ». أقولُ: يمكنُ التعبيرُ عنه بالصبيّ آنذاكَ تغليباً باعتبارِه بينَ مجموعةِ صبيةٍ فأُطلقَ عليهِ الصبيُّ تغليباً، أو كانَت هيئتُه وجثّتُه لا توحي بأنّه ابنُ خمسةَ عشرَ، أو أنَّ عُمرَه كانَ أقلَّ مِن ذلك.
اترك تعليق