كيف نفهم روايات التي تقول أن الإمام المهدي غاب عنا لأنه خاق أن يقتل أ يخاف المعصوم ؟ إذا نعم كيف نفسر هذا الخوف ؟

الأخُ السّائلُ الكريم، إنَّ لغيبةِ الإمامِ المهديّ عجّلَ اللهُ تعالى فرجَه المُبارك أسباباً عديدةً مِن ضمنِها الخوفُ على نفسِه منَ القتلِ وقد دلّتِ الرواياتُ الكثيرةُ على ذلك.

مِنها ما وردَ في دعاءِ الافتتاح (أبدِلهُ مِن بعدِ خوفِه أمناً).

ومِنها ما رواهُ الكُلينيّ رحمَه الله عن أحمدَ بنِ مُحمّد، عن أبيهِ مُحمّدٍ بنِ عيسى، عن ابنِ بكير، عن زُرارةَ قالَ: سمعتُ أبا عبدِ الله عليهِ السلام يقولُ: إنَّ للقائمِ غيبةً قبلَ أن يقوم، إنّهُ يخافُ - وأومأ بيدِه إلى بطنِه - يعني القتل. الكافي الكُليني (1/ 503).

ومِنها ما رواهُ الصّدوقُ رحمَه الله قالَ: حدّثنا محمّدُ بنُ عليٍّ ماجيلويه رضيَ اللهُ عنه، عن أبيهِ، عن أبيهِ أحمدَ بنِ أبي عبدِ الله البُرقي عن محمّدِ بنِ أبي عُمير عن أبانَ وغيرِه عن أبي عبدِ الله " ع " قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآله لابدَّ للغلامِ مِن غيبةٍ فقيلَ له ولمَ يا رسولَ الله قالَ: يخافُ القتل. عِللُ - الشرائع للشيخِ الصّدوق (1/ 334) .

قالَ الشيخُ الطوسي رحمَه الله: ( بل سببُ الغيبةِ هوَ الخوفُ على ما قُلناه) الغيبة (8/ 7).

قالَ السيّدُ المُرتضى رحمَه الله: (فإن قيلَ: إن كانَ الخوفُ أحوجَهُ إلى الاستتارِ، فقد كانَ آباؤه عندَكم في تقيّةٍ وخوفٍ مِن أعدائِهم، فكيفَ لم يستتروا؟!

قلنا: ما كانَ على آبائِه عليهم السلام خوفٌ مِن أعدائِهم، معَ لزومِهم التقيّة، والعدولِ عن التظاهرِ بالإمامة، ونفيها عن نفوسِهم.

وإمامُ الزمانِ كلُّ الخوفِ عليه؛ لأنّه يظهرُ بالسّيفِ ويدعو إلى نفسِه ويجاهدُ مَن خالفَ عليه.

فأيُّ نسبةٍ بينَ خوفِه منَ الأعداء، وخوفِ آبائِه عليهم السلام مِنهم، لولا قلّةُ التأمّل؟!). المُقنِعُ في الغيبة (4/ 16).

وأمّا ما يعودُ إلى سؤالِكم (أيخافُ المعصوم).

فجوابُه نعَم وخوفُه على نفسِه مِن جهةِ أنّه مُكلّفٌ بحفظِ نفسِه منَ الموت.

ولا غرابةَ في ذلك، فقد قالَ اللهُ تعالى في حقِّ موسى عليهِ السلام: (فَأَصبَحَ فِي المَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ) وقالَ تعالى أيضاً في حقِّه: (فَخَرَجَ مِنهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ القَومِ الظَّالِمِينَ) (القصصُ: 19-22).