من هو شريح القاضي، وما قصّة عزله من القضاء من قبل أمير المؤمنين عليه السلام؟
الجواب :
اعلم أخي القارئ الكريم أنّه بعد الرجوع إلى كتب السير والتاريخ والتراجم، وجدنا بعض مصنّفيها يقول : ( شريح القاضي هو : شريح بن الحارث الكنديّ . استقضاه عمر على الكوفة، ولم يزل بعد ذلك قاضيا ، خمسا وسبعين سنة ، لم يتعطّل فيها إلّا ثلاث سنين ، امتنع فيها من القضاء في فتنة ابن الزبير، فاستعفى شريح الحجّاج من القضاء ، فأعفاه ، فلم يقض بين الناس حتّى مات سنة تسع وسبعين . ويقال : سنة ثمانين . وكان يكنّى : أبا أميّة . وعمّر مائة وعشرين سنة) [المعارف، ابن قتيبة الدينوري، ص ٥٨٨].
ولمّا تولّى المختار بن أبي عبيدة الثقفيّ نفاه عن الكوفة إلى قرية ليس فيها غير اليهود ، فلمّا قتل المختار ، وتولّى الحجّاج إمارة الكوفة ردّه إليها، فاستعفاه، فترك القضاء حتّى مات.
أما ما يقال من عزل الإمام عليّ (ع) له فغير دقيق، فالإمام لم يتمكّن من عزله، لا لأنّ الرجل صالح، بل لأنّ أغلب رعيّة الإمام (ع) كانوا على سنّة الخلفاء لا يقبلون بتغيير ما أقرّه الخلفاء الثلاثة، فحين أراد منع الناس من صلاة التراويح في شهر رمضان ثاروا عليه في ناحية عسكره صائحين ( وا سنّة عمراه) .
قال الشريف المرتضى ( ت 436هـ) : ( والصّحيح أنّ أمير المؤمنين عليه السلام ما ولّى شريحاً إلّا تقيّة واستصلاحا وسياسة ، ولو ملك اختياره ؛ ما ولّاه) [الذريعة إلى أصول الشريعة، ج ٢، ص ٢٩٧].
وقال السيّد نعمة الله الجزائريّ ( ت 1112هـ ) في أثناء كلامه عن شريح : ( هذا من جملة الأمور التي لم يتمكّن أمير المؤمنين ( ع ) زمن خلافته من تغييرها لأنّه كان منصوبا من قبل عمر ولو عزله ( ع ) لظهر للنّاس أنّه ( ع ) حكم بغلط عمر وما كان النّاس يصبرون عن هذا القاضي ) [زهر الربيع، ص ٥٧٣].
وقال الشيخ عبد الله المامقانيّ ( ت 1351هـ ) : ( وقد ذكر المؤرّخون أنّه ممّن شهد على حجر بن عديّ الكنديّ بالكفر والخروج عن الطاعة ، وكتب زياد شهادته إلى معاوية مع سائر الشهود ويكفي في ذمّه قضاؤه مع وجود أمير المؤمنين عليه السّلام في الكوفة ، وأنّه من قبل عمر وعثمان ، وأراد أمير المؤمنين عليه السّلام عزله فلم يتيسّر له ؛ لأنّ أهل الكوفة قالوا : لا تعزله ؛ لأنّه منصوب من قبل عمر! وبايعناك على أن لا تغيّر شيئا قرّره أبو بكر وعمر، وممّا يدلّ على ضعفه قول علي عليه السّلام له : « يا شريح ! جلست مجلسا لا يجلسه إلّا نبيّ، أو وصيّ نبيّ ، أو شقي وقد أساء الأدب مع أمير المؤمنين عليه السّلام في مقامات ، مثل طلبه البيّنة منه عليه السّلام على درع طلحة ، وصياحه : وا سنّة عمراه ! عند نهيه عليه السّلام عن صلاة التراويح . . إلى غير ذلك ممّا تغني شهرته عن النقل) . [تنقيح المقال في علم الرجال، ج ٣٤، ٤٠٤ ].
اترك تعليق