حال عبد الله بن محمد بن الحنفية

السؤال: ما هو حال عبد الله بن محمّد بن الحنفيّة. يقال لم يكن عنده ذاك الالتزام، فأبو هاشم ابن محمّد بن الحنفيّة نازع الامام الباقر -عليه السلام- ثمّ ذهب الى بني العبّاس؟

: الشيخ مروان خليفات

الجواب:

أبو هاشم عبد الله بن محمّد بن الحنفية (ت 98هـ)، لم أقف على دليل تاريخيّ يذكر نزاعه مع الإمام الباقر (ع) (ت 114هـ)، وأمّا مخالفته العقائديّة للإمامين السجّاد والباقر(ع)، فهذا هو الراجح بعد تفحّص كتب التراجم والفِرَق.

قال النسّابة ابن الطقطقيّ الحسنيّ (ت 709هـ) وهو من الإماميّة : (أمّا أبو هاشم عبد اللّه بن محمّد الحنفيّة ، فامّه أمّ ولد تدعى نائلة ، توفّي بالحميمة من أرض الشام ، وأوصى إلى محمّد بن عليّ بن عبد اللّه بن العبّاس أبي الخلفاء، وصرف الشيعة إليه، وسلّم إليه الصحيفة الصفراء بخطّ أمير المؤمنين عليه السّلام مات مسموما، وخبره معروف ، واللّه أعلم بحقيقة الحال ، وانقرض عقبه) [الأصيليّ في أنساب الطالبيّين، ص 325].

وقال ابن عنبة الحسنيّ (ت 828هـ) من الإماميّة : (فأمّا ابنه أبو هاشم عبد اللّه الأكبر إمام الكيسانيّة ، وعنه انتقلت البيعة إلى بني العبّاس) [عمدة الطالب الصغرى في نسب آل أبي طالب ص 214] ، ونقل قوله السيّد الخوئيّ في: [معجم رجال الحديث ج11 ص 328].

ومن متأخّري الإماميّة، قال الشيخ عبد الله المامقانيّ (ت 1351هـ) : (عبد الله بن محمّد بن الحنفيّة : الملقّب بالأكبر والمكنى بأبي هاشم ، إمام الكيسانيّة . وعنه انتقلت البيعة إلى بني العبّاس . كذا عن عمدة الطالب) [تنقيح المقال في علم الرجال ، ج2 ص214، ومثله قال الشيخ عليّ النمازيّ الشاهروديّ في: [ مستدركات علم رجال الحديث، ج5 ص 87].

أمّا مصادر الجمهور فتكاد تتّفق على تأسيس أبي هاشم الدعوة العبّاسيّة وجعله الإمامة فيهم، وأقدم نصٍّ حول هذا ما قاله ابن سعد ( ت 230هـ) : (كان أبو هاشم صاحب علم ورواية. وكان ثقة قليل الحديث. وكانت الشيعة يلقونه ويتولّونه . وكان بالشأم مع بني هاشم فحضرته الوفاة فأوصى إلى محمّد بن عليّ بن عبد الله بن عبّاس بن عبد المطّلب وقال : أنت صاحب هذا الأمر وهو في ولدك وأصرف الشيعة إليه. ودفع كتبه وروايته ومات بالحميمة في خلافة سليمان بن عبد الملك بن مروان) [الطبقات الكبرى ج5 ص 252].

وقال مصعب الزبيريّ (ت 236هـ) : (كان أبو هاشم صاحب الشيعة ؛ فأوصى إلى محمّد بن علىّ بن عبد اللّه بن عبّاس ، وصرف الشيعة إليه، ودفع كتبه إليه، ومات عنده ) [كتاب نسب قريش، ، ص 75] .

وقال البخاريّ (ت 254هـ) بعد أن ترجم له : (وكان عبد الله يتّبع السبائيّة) [التاريخ الكبير ج5 ص 188] .

قال ابن عساكر موضّحا معنى السبائيّة: (وهم صنف من الروافض) [ تاريخ مدينة دمشق ج 32 ص 273].

وإلى هذا الرأي ـ أي نقله الوصيّة إلى حفيد ابن عباس ـ ذهب ابن عساكر (ت571هـ) في [تاريخ مدينة دمشق، ج32 ص270 ] ، والذهبيّ ( ت 748هـ) في [تاريخ الإسلام ج 8 ص 223 ]، وابن كثير (ت774هـ) في [البداية والنهاية، ج 10 ص 6] .

ومن هنا نجد المعتزلة ينسبون أبا هاشم بن الحنفيّة إليهم ويعدّونه من رجالهم، فعنه كما يقولون أخذ واصل بن عطاء. راجع [طبقات المعتزلة، الإمام أحمد المرتضى، ص173].

قال القاضي عبد الجبّار الهمدانيّ (ت 415هـ) في أثناء بيانه لمسألة أصحاب الكبيرة: (وذهب واصل بن عطاء إلى أنّ صاحب الكبيرة لا يكون مؤمنا ولا كافرا ولا منافقا بل يكون فاسقا ، وهذا المذهب أخذه عن أبي هاشم ، عبد اللّه بن محمّد بن الحنفيّة ، وكان من أصحابه) [شرح الأصول الخمسة، ص 86] .

وأمّا قول السائل: (ثمّ ذهب الى بني العبّاس)، فغلط لأنّ أبا هاشم توفّي سنة 98هـ قبل تأسيس دولة بني العبّاس سنة 132هـ، ولكنْ إن كان يقصد بذهابه إليهم قبل تأسيس دولتهم فهذا صحيح.

وينبغي القول في النهاية: إنّ انحراف بعض الأبناء من البيت العلويّ أمر عادي، فهم ليسوا خارج نطاق التكليف وهم كسائر البشر لهم رغباتهم وميولهم، فالقرآن يحدّثنا عن أبناء الأنبياء (ع) وعصيانهم لآبائهم وهلاك من لم يتوبوا منهم. والحمد لله ربّ العالمين.