وظائف المرجعيَّة الدينيَّة

ما هي وظيفة المرجعيَّة الدينيَّة وحدود سلطتها على المؤمنين؟

: الشيخ أحمد الكعبي

الجواب المرجعيَّة الدينيَّة تُشير إلى القيادة الروحيَّة للشيعة الإماميَّة خلال فترة غيبة الإمام المهدي (عجل الله فرجه). فالمرجع الجامع للشروط المعتبرة هو من يتولى شؤون المؤمنين ويعمل على رعاية مصالحهم في الدين والدنيا، مثل القضاء وتطبيق الحدود، وذلك بالنيابة عن الإمام المعصوم (عليه السلام) في زمن الغيبة، ولا يمكن لأيِّ شخصٍ أنْ يشغل هذا المنصب إلا بتوفيقٍ من الله تعالى، والجدِّ في طلب العلم، وقطع أشواطٍ طويلةٍ في مجالات المعرفة. يعتقد الشيعة الإماميَّة أنَّ الفقهاء هم الأحق بممارسة المرجعيَّة في عصر الغيبة، ولا يجوز لأحدٍ سواهم تولي هذه المسؤولية؛ لذا يجب على الشيعة الرجوع إلى الفقهاء في المسائل الدينيَّة والقضائيَّة وإقامة الحدود، وهو ما يتجلى في العديد من النصوص الواردة عن أهل البيت (عليهم السلام). [يُنظر عقائد الإماميَّة ص18]. يتفق فقهاء المذهب الشيعيّ على أن منصب المرجع يتطلب معرفةً عميقةً بالشريعة، مما يمنح صاحبه الحق في الإفتاء والقضاء والتعامل مع الأمور الحسبيَّة. ويضيف بعض الفقهاء إلى هذه المهام حق القيادة السياسيَّة. فالوظائف أو صلاحيات الفقيه بصورة عامة، هي: 1- وظيفة فقهيَّة، تتمثل في الإفتاء. 2- وظيفة تحكيميَّة، تتمثل في القضاء. 3- وظيفة ماليَّة، تتعلق بشؤون الحقوق الشرعيَّة. 4- وظيفة حسبية، تتعلق بإدارة المجتمع الشيعيّ. 5- وظيفة سياسيَّة، تتعلق بإقامة الدولة الإسلاميَّة وقيادتها. هذا اجمالاً وفيما يأتي تفصيل الوظائف المذكورة: 1. الوظيفة الفقهيَّة (الإفتاء): الإفتاء هو الدور الأهم للمرجع الديني عند الشيعة الإماميَّة، فالمرجع يفسّر النصوص الشرعيّة من القرآن الكريم والسنّة النبويّة وأحاديث أهل البيت (عليهم السلام) لمعرفة الأحكام الفقهيَّة، وهو مما يوجب على الأتباع تقليده في المسائل الشرعيَّة. ولذا ورد عن إسحاق بن يعقوب قال: سألت محمد بن عثمان العمريَّ أنْ يوصل لي كتاباً ــ أي يوصله إلى إمامنا (عجل الله فرجه) ــ قد سألت فيه عن مسائل أشكلت عليَّ، فوردت في التوقيع بخط مولانا صاحب الزمان (ع): «وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا، فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله». [كمال الدين و ج2 ص483]. 2. الوظيفة التحكيميَّة (القضاء): القضاء عند الشيعة الإماميَّة وظيفة منوطة بالفقيه الجامع للشرائط، إذ يملك الفقيه السلطة للحكم في النزاعات بين الناس وفق الشريعة الإسلاميَّة، ويستمد هذه الصلاحيَّة من كونه نائباً عن الإمام المعصوم (عليه السلام) في عصر الغيبة. 3. الوظيفة الماليَّة (شؤون الحقوق الشرعيَّة): المرجع الديني مسؤولٌ عن جمع وتوزيع الحقوق الشرعيَّة (مثل الخمس والزكاة) على المستحقين، ويتم ذلك استناداً إلى نظامٍ دقيقٍ منظَّمٍ في الفقه الإماميّ حيث يمثل الفقيه السلطة الماليَّة الشرعيَّة في غياب الإمام (عليه السلام). 4. الوظيفة الحسبيَّة (إدارة المجتمع الشيعي): تشمل هذه الوظيفة دور المرجع في الإشراف على الجوانب الاجتماعيَّة مثل تنظيم الوقف، وإدارة الأوقاف والمساجد، والإشراف على الشؤون العامة التي تخص المجتمع الشيعيّ كحفظ أموال الغائب واليتيم وغيرها. 5. الوظيفة السياسيَّة (إقامة الدولة الإسلاميَّة): الفقيه - خصوصاً في نظرية ولاية الفقيه العامة - يتمتع بصلاحية إقامة الدولة الإسلاميَّة وقيادتها. الخلاصة: تجمع هذه الوظائف في شخص الفقيه الجامع للشرائط الذي يمثل المرجع في الدين والدنيا لدى الشيعة الإماميَّة، وذلك بسبب غياب الإمام المعصوم (عجل الله فرجه) خلال عصر الغيبة الكبرى، مما يجعل المرجع نائباً عنه في أداء هذه المهام. هذا وآخر دعوانا أنْ الحمد لله ربّ العالمين.