كيف يمكن الاستدلال على أحقية الدين الإسلامي، وأنه النظام الأمثل للبشرية؟
الجواب:
يمكننا أن نقول إنّ معظم ما كتبه المسلمون في شتّى المجالات الدينيّة هو أدلّةٌ على أحقّيّة الدين الإسلاميّ، وأنّه النظام الأمثل للبشريّة، ومن الصعب اختصار كلّ ذلك في مقالٍ مقيّدٍ بعددٍ محدّدٍ من الكلمات؛ ولذا سوف نكتفي ببيان العناوين العامّة والخطوط العريضة التي يمكن للسائل تتبّعها في الكثير من الكتب والتصنيفات.
يمكن الاستدلال على أحقّيّة الدين الإسلاميّ، وأنّه النظام الأمثل للبشريّة، بمجموعةٍ من الأدلّة والبراهين التي تشمل الجوانب: العقائديّة، المعرفيّة، العقليّة، العلميّة، التاريخيّة، الإنسانيّة. وهذه الأدلّة تُشكّل معًا حججًا قويّة تُعزّز من مصداقيّة الإسلام نظاماً شاملاً ينسجم مع الفطرة والعقل، ويحقّق للإنسان تطلّعاته الحضاريّة.
أوّلًا: الإسلام ينسجم مع العقل والفطرة الإنسانيّة؛ لقيامه على مبدأ التوحيد، وهو مفهومٌ بديهيٌّ يتوافق مع طبيعة الإنسان الذي يبحث دائمًا عن الله والواحد والمهيمن على كلّ الوجود.
ويمكن أن يُقال: إنّ الإسلام هو الدين الوحيد الذي يقدّم مفهومًا متينًا ومتماسكًا عن التوحيد، فجميع مباحث الإلهيّات الإسلاميّة تقوم على البراهين العقليّة والحجج المنطقيّة، وفي الوقت نفسه تبتعد هذه المباحث عن الغموض والتعقيد الذي نجده في بعض الأديان الأخرى، فجميع الأديان تورّطت بشكلٍ من الأشكال في الوثنيّات والشركيّات، وعليه يمكننا القول إنّ الإسلام هو الدين الوحيد القائم على التوحيد الخالص لله تعالى، وهذا الوضوح مع البساطة يُعزّز من قبول الإسلام عقليًّا وفطريًّا.
ولا يقتصر التوحيد على الاعتقاد بالله فقط، بل يمتدّ ليشمل توحيد الأنشطة الإنسانيّة في الحياة، فالإسلام يدعو إلى الوحدة بين العقيدة والعمل، بين الفرد والمجتمع، وبين الدنيا والآخرة، هذه الوحدة تُساهم في خلق مجتمعٍ متماسكٍ يعمل لتحقيق الخير والصلاح.
وثانيًا: ومن الأدلّة التي تؤكّد أحقّيّة الإسلام: ما جاء في القرآن من حقائق وعلومٍ ومعارف، فالقرآن الكريم يحتوي على علومٍ ومعارف وتوجيهاتٍ أخلاقيّةٍ، ويحكي عن حقائق علميّةٍ لم يكن من الممكن للبشر معرفتها في زمن نزول القرآن، وما زال القرآن ذلك الكتاب المُعجز الذي يتحدّى البشريّة أن تأتي بمثله.
فالعديد من المفاهيم التي جاء بها الإسلام تتوافق مع ما توصّلت إليه العلوم الحديثة، فعلى سبيل المثال، تعاليم الإسلام حول النظافة الشخصيّة، والحفاظ على البيئة، والنظام الغذائيّ الصحّيّ، كلّها أمورٌ أثبتت الدراسات الحديثة أهميّتها لصحّة الإنسان وللمجتمع.
هذا التوافق بين التعاليم الإسلاميّة والعلوم الحديثة يُعزّز من مصداقيّة الإسلام باعتباره نظاماً يصلح لكلّ زمانٍ ومكان.
وثالثًا: الإسلام يتناول جميع جوانب الحياة البشريّة، من العبادات والمعاملات إلى الأخلاق والتشريعات القانونيّة، هذه الشموليّة تمنحه قدرةً على تقديم حلولٍ متكاملةٍ لمشكلات الإنسان.
فالذي يُميّز الإسلام أنّه يقوم على توازنٍ دقيقٍ بين الروح والجسد، ويُشدّد على أهميّة الاهتمام بكليهما، ففي الوقت الذي يهتمّ فيه بالعبادات الروحيّة مثل الصلاة والصوم، لا يُغفل عن أهميّة إعمار الأرض وبناء حضارةٍ إنسانيّةٍ، كلّ ذلك يجعل منه نظامًا متكاملًا يُراعي احتياجات الإنسان بالكامل.
ورابعًا: يضمن الإسلام حقوق الإنسان بطريقة شاملة وعادلة، بداية من حقّ الحياة والكرامة، وصولًا إلى حقوق المرأة والأطفال والفئات الضعيفة مثل الأيتام والفقراء والمساكين وذوي الاحتياجات.
هذا النظام المتكامل للحقوق والواجبات يُقدّم نموذجًا فريدًا في العدالة الاجتماعيّة، حيث لا يتمّ تقديم أيّ حقّ على آخر، بل يتمّ توزيع الحقوق بشكل متوازن يُحقّق مصلحة الفرد والمجتمع.
هذا مضافًا إلى أنّ الإسلام يُشجّع على العمل الجماعيّ والتكافل الاجتماعيّ، ممّا يخلق بيئة تعاونيّة تُحقّق التقدّم والرخاء. كما يضمن توزيعًا عادلًا للثروات من خلال أدوات مثل الزكاة والصدقات، فلا يُترك أحد دون مساعدة.
فالاقتصاد في الإسلام يقوم على مبادئ الشريعة التي تُحرّم الربا، وتدعو إلى المعاملات الماليّة النزيهة، وفي نفس الوقت تُشجّع على الاستثمار والعمل الحلال، وتنهى عن التبذير والإسراف، هكذا يُساهم الإسلام في بناء اقتصاد عادل ومتوازن ومستدام.
وخامسًا: جاء الإسلام بما يُناسب جميع الأزمنة والأمكنة، ولذلك نجده يتميّز بالمرونة التي تمكّنه من التعامل مع مختلف الظروف والتحدّيات التي قد تواجه البشريّة عبر العصور.
فبرغم ثبات التشريعات الإسلاميّة، إلّا أنّها تمتاز بالقدرة على التكيّف مع المستجدّات من خلال منظومة القيم والمبادئ والقواعد الكلّيّة التي تسمح بالاجتهاد الفقهيّ، كلّ ذلك يُؤكّد أحقّيّة الإسلام كنظام دائم ومستمرّ.
وسادسًا: يدعو الإسلام إلى السلام على المستوى الشخصيّ والجماعيّ والدوليّ، و"السلام" هو أحد أسماء الله الحسنى، ويعكس هدف الإسلام في تحقيق السلام الداخليّ والخارجيّ.
والجهاد في الإسلام ليس للحرب والعدوان، بل للدفاع عن النفس وتحقيق العدالة، وبهذا يكون الإسلام مُساهمًا في بناء عالم يسوده السلام والتفاهم بين الشعوب.
وسابعًا: يُقدّر الإسلام الحرّيّة، ويعتبرها حقًّا أساسيًّا لكلّ إنسان، بشرط ألّا تكون أداة لهدم الإنسان روحيًّا واجتماعيًّا. فالحرّيّة في الإسلام مُقيّدة بنظام من القيم الأخلاقيّة، التي تجعل الإنسان حرًّا ضمن الحدود التي تمنعه من إلحاق الضرر بنفسه وبالآخرين مادّيًّا ومعنويًّا.
فالحرّيّة المسؤولة هي التي تُعزّز من الاستقلاليّة الشخصيّة، وفي الوقت نفسه تحفظ حقوق الآخرين.
في المحصّلة، يمكن أنْ نقول إنّ أحقّيّة الإسلام بوصفه نظاماً أمثل للبشريّة تستند إلى مزيجٍ من الأدلّة العقليّة والعلميّة والتاريخيّة، وتُؤكّد هذه الأدلّة على أنّ الإسلام ليس مجرّد دينٍ يُؤدّيه الإنسان عبادةً، بل هو نظامٌ شاملٌ يُناسب جميع جوانب الحياة.
وبرغم اختلاف الأديان والثقافات، يعترف الكثير من الباحثين والمفكّرين من غير المسلمين بأنّ الإسلام يحتوي على نظامٍ أخلاقيٍّ وقانونيٍّ متين، ويُقدّم حلولًا عمليّة لمشكلات الحياة المعاصرة. هذا الاعتراف العالميّ بأهميّة الإسلام يُعزّز من قضيّته بوصفه نظاماً أمثل للبشريّة.
اترك تعليق