بيان حديث: القول منِّي في جميع الأشياء قولُ آل محمَّد
السؤال: هل يُمكن توضيح الحديث الذي يقول: «القول منِّي في جميع الأشياء هو قول آل محمَّد في ما أسرُّوا وما أعلنوا، وفي ما بلغني عنهم وما لم يبلغني»؟
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
لعلَّ الأخ السائل يُشير إلى ما ورد في الكافي الشريف بالإسناد عن يحيى بن زكريا الأنصاريّ، عن أبي عبد الله (ع) قال: سمعته يقول: «من سرَّه أنْ يستكمل الإيمان كلَّه فليقل: القول منِّي في جميع الأشياء قول آل محمَّد، فيما أسرُّوا وما أعلنوا، وفيما بلغني عنهم وفيما لم يبلغني» [الكافي ج1 ص391].
والمعنى بحسب ظاهر الحديث هو أنَّني أُسلِّم وأقبل بكلِّ شيءٍ وبجميع الأشياء التي التزم بها آل محمَّد (ع)، سواء منها ما أعلنوه لنا وما أسرُّوه، للتقية أو لغيرها. وسواء وصلني ذلك وبلغني أم لم يصل، ففي كلِّ ذلك ألتزم وأُسلِّم لهم، والقرينة على ذلك ـ بعد كونه الظاهر من الحديث ـ هو فهم الشيخ الكلينيّ (طاب ثراه)، حيث جعله في باب (التسليم وفضل المسلِّمين) من الكافي.
وبناءً على ذلك يكون المراد من قوله (ع) في الحديث: «فليقُل» ليس الكلام واللفظ وإنَّما الاعتقاد، بمعنى أنَّني أعتقد بأنَّ القول منِّي في جميع الأشياء هو قول آل محمَّد (ع) تسليماً لهم وإذعاناً.
قال السيِّد الشيرازي في بيان قوله «يستكمل الإيمان كلَّه» ما لفظه: (لأنَّ الإمامة من أركان الإيمان، فالاعتقاد الناقص بها نقصٌ في الإيمان، وتكميلها بأنْ يعتقد الإنسان بصحَّة كلِّ ما قاله الأئمَّة (ع) مُسلِّماً لهم في ذلك كلِّه، سواء جهروا به أم أخفوه، وسواء بلغه أم لم يبلغه، فبذلك تكون عقيدته في الإمامة كاملة، فيكون كامل الإيمان، بعد عقيدته الصحيحة في التوحيد والنبوَّة والمعاد) [شرح أصول الكافي ج6 ص53].
وقال العلَّامة المجلسيُّ (طاب ثراه) في هذا الحديث ما هذا لفظه: (قوله: «فليقل» كذا في بعض النسخ وهو الظاهر، وفي أكثر النسخ «فليقبل»، ولعلَّه تصحيف، وعلى تقديره يُمكن أنْ يكون القول مبتدأ، وقول آل محمَّد خبره، والجملة مفعولاً للقبول، أي: فليقبل هذه العقيدة ويذعن بها ويعمل بمقتضاها، أو القول منصوب، وقول آل محمَّد بدل منه، لبيان أنَّ قوله (ع) موافق لقول جميعهم، ففي قوله: «فيما بلغني» التفات. وقيل: فيه إشارة إلى وجوب قبول قوله، سواء نقله عن آبائه الطاهرين أم لا، ولا يخفى ما فيه. وقوله: «فيما أسرُّوا» أي: أخفوه تقية من المخالفين، أو لقصور فهم الناس) [يُنظر: مرآة العقول ج4 ص282].
والمتحصَّل من جميع ما تقدَّم أنَّ الحديث الشريف ناظرٌ إلى أنْ يكون المؤمن والموالي مُسلِّماً لأهل البيت (ع) في كلِّ ما قالوا، سواءٌ أسرُّوه أم أجهروا به، وسواءٌ وصل لنا أم لم يصل، ففي كلِّ ذلك يكون مُسلِّماً ومذعِناً لهم (ع).. والحمد لله رب العالمين.
اترك تعليق