فضائل مولانا الشهيد عليٍّ الأكبر (عليه السلام)

السؤال: لو ذكرتُم شيئاً من فضائل الشهيد عليّ بن الحسين الأكبر (عليه السلام)؟

: السيد أبو اَلحسن علي الموسوي

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم

اعلم –أيدك الله– أنّ مَن يتأمّل كلمات الأئمّة المعصومين (عليهم السلام) في الشهيد عليّ بن الحسين الأكبر (عليه السلام)، يتجلّى له الكثيرُ من المزايا التي تبرّز فضله وعظمة مقامه وجلالة قدره، كيف لا؟ وهو الذي وصفه أبوه سيّد الشهداء (عليه السلام): «أشبه الناس خَلقاً وخُلقاً ومنطقاً برسول الله (صلى الله عليه وآله)»، وقد قال فيه السيّد عبد الرزّاق المقرّم: (إنّه امتاز عن أولئك الصفوة سادة الشهداء بمزايا توهّله للإمامة لولا الحكم الإلهيّ الأبديّ بحصر خلفاء الرسول الأعظم في الاثني عشر، النازلة بأسمائهم وألقابهم وكناهم وأسماء آبائهم صحفٌ مكرّمة من ربّ العالمين) [عليّ الأكبر ص156].

ونحن سنذكر في المقام بعضاً من فضائله ومناقبه التي جاءت في الروايات والزيارات والآثار:

1ـ إنَّه أشبه الناس برسول الله:

ذكر المؤرخون أنّه لـمّا استشهد أصحاب سيّد الشهداء (عليه السلام)، ولَـم يبقَ سوى أهل بيته، خرج سيّدنا عليّ الأكبر (عليه السلام) فاستأذن أباه في القتال، فأذن له ثم نظر إليه نظرة آيسٍ منه وأرخى (عليه السلام) عينه وبكى ثمّ قال: «اللّهمّ اشهد، فقد برز إليهم غلامٌ أشبه الناس خَلقاً وخُلقاً ومنطقاً برسولك محمّدٍ (صلى الله عليه وآله)» [ينظر: الفتوح ج5 ص114، اللهوف ص67، مثير الأحزان ص51، مناقب آل أبي طالب ج3 ص257].

وذكر السيّد المقرم: أنّه لَـم ينصّ أحدٌ من المؤرّخين على شبيه للنبيّ الأكرم من آله الكرام في جميع الصفات إلّا ولده عليّ الأكبر، فإنّ فاطمة تشبه أباها في المشية، والحسن شابه جده في الهيبة والسؤدد، والحسين في الجود والشجاعة، ثـمّ قال: (وهذه الشواهد كلّها لا تدلّ على مشابهة العترة الطاهرة للرسول في جميع الصفات الكريمة، لكن كلمة الحسين الذهبية في حق ولده الأكبر: «اللهم اشهد أنّه برز إليهم أشبه الناس خَلقاً وخُلقاً ومنطقا برسولك، وكنا إذا اشتقنا إلى نبيّك نظرنا إليه») شاهدةٌ على أنَّه يُشبههُ في هذه الصفات جميعا.[عليّ الأكبر ص64].

2ـ أنه من المُصطَفَيْن:

ذكر المؤرّخون وأرباب السير عندما أراد الشهيد «عليّ الأكبر» الخروج لقتال جيش يزيد تأثّر الإمام الحسين (عليه السلام) كثيراً، وأخذ يدعو على هؤلاء القوم، ثمّ تلا آية الاصطفاء الإلهيّ.

نقل ابن أعثم الكوفي: (ثم تقدّم من بعده عليّ بن الحسين بن عليّ (رضي الله عنه) - وهو يومئذٍ ابن ثماني عشرة سنة -، فتقدّم نحو القوم ورفع الحسين شيبته نحو السماء وقال : "اللّهمّ اشهد على هؤلاء القوم... ثمّ صاح الحسين بعمر بن سعد فقال: ما لك قطع الله رحمك، ولا بارك لك في أمرك، وسلط عليك بعدي مَن يقتلك على فراشك، كما قطعت رحمي ولم تحفظ قرابتي من محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم)، ثمّ رفع الحسين صوته وقرأ: ﴿إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ. ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾.. ») [الفتوح ج5 ص114].

أقول: ما قام به الإمام الحسين (عليه السلام) مع ولده الشهيد الأكبر (عليه السلام) لم يقم به مع أيّ أحدٍ آخر من أهل بيته وأصحابه، وهذا يدلّ على أنّه من المُصطفَيْن من ذريّة إبراهيم (عليه السلام).

3ـ أنه ابن الحسن والحسين:

ورد في إحدى زيارات سيّدنا الأكبر (عليه السلام): «السلام عليك يا ابن الحسن والحسين» [الكافي ج4 ص577، كامل الزيارات ص390، من لا يحضره الفقيه ج2 ص594، تهذيب الأحكام ج6 ص54].

أقول: فإنّ عليّاً الأكبر وإنْ كان ابن الحسين (عليه السلام) صلباً، فهو يُعتبر ابن الحسن (عليه السلام) روحيّاً، وإن شئت فعبّر بأنّها: بنوّة الطهر والقداسة، فالحسنان من سراجٍ واحد.

4ـ سلام الله وصلاته عليه:

روى الشيخان الكلينيّ وابن قولويه بالإسناد عن يوسف الكناسيّ، عن الإمام الصادق (عليه السلام)، قال: « ثمّ تحوّل عند رأس عليّ بن الحسين (عليه السلام) وتقول: سلامُ الله وسلام ملائكته المقرّبين وأنبيائه يا مولاي وابن مولاي ورحمة الله وبركاته عليك، صلّى الله عليك وعلى أهل بيتك وعترة آبائك الأخيار الأبرار..». [الكافي ج4 ص574، كامل الزيارات ص395].

5ـ أنه حبيب الله وابن حبيبه:

روى الشيخ المشهديُّ عن صفوان الجمَّال، عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: « ثمّ تأتي إلى قبر علي بن الحسين (عليهما السلام) فتقبّله، وتقول: السلام عليك يا وليَّ الله وابن وليِّه، السلام عليك يا حبيب الله وابن حبيبه..» [المزار الكبير ص432].

6ـ أنه خليل الله وابن خليله:

روى الشيخ المشهديُّ عن صفوان الجمّال، عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: « .. ثم تأتي إلى قبر علي بن الحسين (عليهما السلام) فتقبّله، وتقول: .. السلام عليك يا خليل الله وابن خليله، عشتَ سعيداً ومتّ فقيداً، وقُتِلت مظلوماً، يا شهيد ابن الشهيد عليك من الله السلام. ثمّ تصلّي ركعتين.. » [المزار الكبير ص433].

7ـ أنه صدِّيقٌ مقرّبٌ طاهرٌ:

ورد في بعض كتب الزيارات: « ثمّ تحوَّلْ إلى عند رجلي الحسين (عليه السلام)، وقِفْ على عليِّ بن الحسين (عليهما السلام)، وقُل: السلام عليك أيُّها الصدّيق الطيّب، الطاهر الزكيّ، الحبيب المقرَّب...صلى الله عليك أيّها الصدّيق الشهيد المكرَّم، والسيّد المقدّم، الذي عاش سعيداً، ومات شهيداً، وذهب فقيداً.. أيّها السيّد الطاهر إلى ربّك في حطّ الأثقال عن ظهري، وتخفيفها عنّي، وارحم ذلّي وخضوعي لك وللسيّد أبيك، صلى الله عليكما». [المزار الكبير ص241].

8ـ أنه صفيُّ الله وابن صفيه:

ورد في زيارة سيّد الشهداء (عليه السلام) يوم عرفة: « .. ثم صِرْ إلى عند رجلي الحسين، وزُر عليّ بن الحسين (عليهما السلام)، وقل: .. السلام عليك يا صفيّ الله وابن صفيّه، لقد عظمت المصيبة، وجلّت الرزيّة بك علينا وعلى جميع المؤمنين، فلعن الله أمّةً قتلتك، وأبرأ إلى الله وإليك منهم في الدنيا والآخرة » [المزار الكبير ص257].

9ـ أنه أوّل قتيلٍ من ولد فاطمة (ع):

ورد في زيارة شهداء كربلاء يوم عاشوراء: «.. وأومِ وأشِر إلى عليّ بن الحسين (عليهما السلام) وقل: السلام عليك يا أوّل قتيل من نسل خير سليل، من سلالة إبراهيم الخليل، صلى الله عليك وعلى أبيك، إذ قال فيك: قتل الله قوماً قتلوك يا بُنيّ، ما أجرأهم على الرحمان، وعلى انتهاك حرمة الرسول، على الدنيا بعدك العفا، كأنّي بك بين يدي أبيك ماثلاً، وللكافرين قائلاً:

أنا عليُّ بنُ الحسينِ بن عليّ * نحن وبيتِ اللهِ أولى بالنبيّ

أطعنُكُم بالرُّمحِ حتى ينثني * أضربُكم بالسيفِ أحامي عن أبي

ضربَ غلامٍ هاشميٍّ عربيّ * واللهِ لا يحكُمُ فينا ابنُ الدعي

حتّى قضيتَ نحبك، ولقيت ربّك..» [المزار الكبير ص285، المزار الكبير ص485-487، مصباح الزائر ص278، إقبال الأعمال ج3 ص73].

وورد أيضاً في زيارة سيّد الشهداء (عليه السلام) في أوّل رجب وليلته وليلة النصف من شعبان: «وامضِ وقِفْ على ضريح عليّ بن الحسين (عليه السلام) مستقبلَ القبلة، وقل: .. السلام عليك يا أوّل قتيلٍ من نسل خير سليل، من سلالة إبراهيم الخليل، صلى الله عليه وآله، صلى الله عليك وعلى أبيك، إذ قال فيك: قتل الله قوماً قتلوك يا بنيّ، ما أجرأهم على الرحمن، وعلى انتهاك حرمة الرسول، على الدنيا بعدك العفا..» [مصباح الزائر ص293].

10ـ لم يرجع من دمه قطرة:

روى ابن قولويه بالإسناد عن أبي حمزة الثماليّ، عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: « .. ثم صِرْ إلى قبر علي بن الحسين، فهو عند رجل الحسين، فإذا وقفت عليه فقل: .. بأبي أنت وأمي من مقدِّمٍ بين يدي أبيك، يحتسبك ويبكي عليك محترقاً عليك قلبه، يرفع دمك بكفّه إلى أعنان السماء، لا ترجع منه قطرة، ولا تسكن عليك من أبيك زفرة.. » [كامل الزيارات ص416].

11ـ أنه أحقّ الناس بالخلافة:

روى أبو الفرج بسنده عن مغيرة، قال: «قال معاوية: مَن أحق الناس بهذا الأمر؟ قالوا: أنت، قال: لا، أولى الناس بهذا الأمر علي بن الحسين بن عليّ، جدّه رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم)، وفيه شجاعة بني هاشم، وسخاء بني أمية، وزهو ثقيف» [مقاتل الطالبيين ج1 ص22].

12ـ أنه من شجعان الطالبيين:

يذكر أرباب السير أنّ عليَّاً بن الحسين الأكبر من سادات الطالبيين وشجعانهم، حيث يقول ابن اعثم الكوفي: (ثم حمل (رضي الله عنه)، فلم يزل يقاتل حتّى ضجّ أهل الشام من يده ومن كثرة مَن قتل منهم) [الفتوح ج5 ص115].

13ـ يقينه وصبره:

روى المفيد وابن شهر آشوب أنّه قال عليّ الأكبر لأبيه (عليهما السلام): «يا أبة لا أراك الله سوءاً، ألسنا على الحقّ؟ قال: بلى والذي إليه المرجع والمعاد، قال: فإذن لا نبالي أنْ نموت محقّين، فقال له الحسين (عليه السلام): جزاك الله من ولدٍ خير ما جزى ولداً عن والد» [الإرشاد ج2 ص82، مناقب آل أبي طالب ج3 ص245].

14ـ عظمة مصيبته:

روى الشيخ الطوسيّ عن صفوان الجمّال عن الإمام الصادق (عليه السلام): « ثمّ قم وصِرْ إلى عند رجل الحسين - صلوات الله عليه -، وقِف عند رأس عليّ بن الحسين - عليهما السلام -، وقُلْ: السلام عليك يا ابن رسول الله... ثمّ انكبّ على قبره، فقبّله، وقل: السلام عليك يا وليَّ الله وابن وليّه، لقد عظمت المصيبة، وجلّت الرزية بك علينا وعلى جميع المسلمين، فلعن الله أمّة قتلتك، وأبرأ إلى الله وإليك منهم » [مصباح المتهجد ص722].

15ـ جائزة زيارته العتق من النار:

روى ابن قولويه بالإسناد عن أبي حمزة الثماليّ، عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: « ثم صِرْ إلى قبر علي بن الحسين... ثمّ ضع خدّك على القبر وقل: صلّى الله عليك يا أبا الحسن – ثلاثاً -. بأبي أنت وأمّي، أتيتك زائراً وافداً عائذاً ممّا جنيتُ على نفسي، واحتطبت على ظهري، وأسأل وليّك ووليّي أن يجعل حظّي من زيارتك عتق رقبتي من النار. وتدعو بما أحببت » [كامل الزيارات ص446].

نكتفي بهذا القدر، والحمد لله أوّلاً وآخراً