وثاقة سُليم بن قيس الهلالي
السؤال: يدَّعي البعض بأنَّ سُليم بن قيس الهلالي «من المشبوهين والمتَّهمين بالكذب»، فما هو ردُّكم على ذلك؟
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
إنَّ المتتبع للروايات الشريفة وكلمات الأعلام في حقِّ سُليم بن قيس الهلاليّ لا يخالجه الريب في وثاقته، وأنه من المعاريف والأولياء، نذكر جملة منها:
أمَّا الروايات، فهي التالي:
1ـ ما رواه شيخنا محمَّد بن عمر الكشِّي بسنده عن ابن أذينه، عن أبان بن أبي عيَّاش قال: (هذا نسخة كتاب سُليم بن قيس العامري ثمَّ الهلالي، دفعه إلى أبان بن أبي عيَّاش وقرأه، وزعم أبان أنَّه قرأه على علي بن الحسين (عليهما السلام). قال: «صدق سُليم رحمة الله عليه، هذا حديث نعرفه») [رجال الكشِّي ص82].
2ـ وما رواه أيضاً بسنده عن ابن أذينة، عن أبان بن أبي عيَّاش، عن سُليم بن قيس الهلالي قال: (قلتُ لأمير المؤمنين (عليه السلام): إني سمعتُ من سلمان، ومن مقداد، ومن أبي ذر أشياءَ في تفسير القرآن، ومن الرواية عن النبي (صلَّى الله عليه وآله)، وسمعتُ منك تصديق ما سمعتُ منهم، ورأيتُ في أيدي الناس أشياءَ كثيرةً من تفسير القرآن ومن الأحاديث عن نبي الله (عليه السلام) أنتم تخالفونهم، وذكر الحديث بطوله. قال أبان: فقدِّر لي بعد موت علي بن الحسين (عليهما السلام) أنِّي حججتُ، فلقيتُ أبا جعفر محمَّد بن علي (عليهما السلام)، فحدَّثتُ بهذا الحديث كلِّه لم أخطئ منه حرفاً، فاغرورقت عيناه. ثمَّ قال: «صدق سُليم، قد أتى أبي بعد قتل جدِّي الحسين (عليه السلام)، وأنا قاعد عنده، فحدَّثه بهذا الحديث بعينه، فقال له أبي: صدقت، قد حدَّثني أبي وعمِّي الحسن (عليه السلام) بهذا الحديث، عن أمير المؤمنين (صلوات الله عليه وعليهم)، فقالا: صدقت، قد حدَّثك بذلك ونحن شهود، ثمَّ حدَّثاه أنَّهما سمعا ذلك من رسول الله، ثمَّ ذكر الحديث بتمامه») [رجال الكشِّيّ ص82].
3ـ وما رواه شيخنا المفيد بسنده عن أحمد بن أبي عبد الله قال: (قال عليُّ بن الحكم: أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) الذين قال لهم تشرَّطوا، فأنا أشارطكم على الجنَّة، ولستُ أشارطكم على ذهبٍ ولا فضَّة، إنَّ نبينا (صلَّى الله عليه وآله) فيما مضى قال لأصحابه: «تشرَّطوا فإنِّي لستُ أشارطكم إلَّا على الجنة»...وكان من شرطة الخميس، أبو الرضي عبد الله بن يحيى الحضرمي، وسُليم بن قيس الهلاليّ...الحديث) [الاختصاص ص٢].
وأمَّا كلمات الأعلام، فهي التالي:
1ـ ما قاله أحمد بن عبد الله البرقيُّ في حقِّه: (ومن الأولياء: الأعلم الأزدي، سويد بن غفلة الجعفيّ، الحارث بن عبد الله الأعور الهمدانيّ، أبو عبد الله الجدلي، أبو يحيى حُكيم بن سعد الحنفي وكان من شرطة الخميس، أبو الرضا عبد الله بن يحيى الحضرميّ، سُليم بن قيس الهلالي) [رجال البرقي ص37].
2ـ وما قاله السيِّد علي بن أحمد العقيقيُّ ونصُّه: (كان سُليم بن قيس من أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام)، طلبه الحَجَّاج ليقتله، فهرب وآوى إلى أبان بن أبي عيَّاش، فلمَّا حضرته الوفاة قال لأبان: إنَّ لك عليَّ حقَّاً، وقد حضرني الموت يا ابن أخي، أنَّه كان من الأمر بعد رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) كيت وكيت، وأعطاه كتاباً، فلم يروِ عن سُليم بن قيس أحدٌ من الناس سوى أبان بن أبي عيَّاش، وذكر أبان في حديثه قال: كان شيخاً متعبِّداً له نورٌ يعلوه) [خلاصة الأقوال ص162].
3ـ وما قاله أبو العبَّاس أحمد بن علي النجاشيُّ ونصُّه: (وها أنا أذكر المتقدِّمين في التصنيف من سلفنا الصالح، وهي أسماء قليلةٌ ...إلى قوله: سُليم بن قيس الهلاليّ، له كتاب يكنَّى أبا صادق، أخبرني علي بن أحمد القمِّيّ قال: حدَّثنا محمَّد بن الحسن بن الوليد قال: حدَّثنا محمَّد بن أبي القاسم ماجيلويه، عن محمَّد بن علي الصيرفيّ، عن حماد بن عيسى وعثمان بن عيسى، قال حمَّاد بن عيسى: وحدَّثنا إبراهيم بن عمر اليماني، عن سُليم بن قيس بالكتاب) [رجال النجاشيّ ص 3 ـ 8].
4ـ وما قاله السيِّد حسن الصدر في عنوان مشاهير المتكلِّمين من الشيعة، ونصُّه: (ومنهم: سُليم (بالتصغير) بن قيس الهلاليّ التابعيُّ صاحب عليٍّ (عليه السلام) والملازم له وللحسنين (عليهما السلام) المنقطع إليهم. أوَّل من كتب الحوادث الكائنة بعد وفاة رسول الله (صلَّى الله عليه وآله)، ثقةٌ صدوقٌ، متكلِّمٌ فقيهٌ، كثير السماع، سَمِع سلمان الفارسي، وأبا ذر الغفاري، وعمَّار بن ياسر، والمقداد، وحذيفة بن اليمان، والعبَّاس بن عبد المطَّلب وابنه عبد الله، وغيرهم. وعمَّر، وطلبه الحَجَّاج بن يوسف الثقفيُّ أشدَّ الطلب، فاختفى منه ولم يظفر به، ومات في أيامه) [تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام ص357].
5ـ وما قاله السيِّد الخوئيُّ ونصُّه: (إنَّ سُليم بن قيس ـ في نفسه ـ ثقةٌ جليل القدر عظيم الشأن، ويكفي في ذلك شهادة البرقي بأنَّه من الأولياء من أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام)، المؤيَّدة بما ذكره النعمانيُّ في شأن كتابه، وقد أورده العلَّامة في القسم الأوَّل وحكم بعدالته) [معجم رجال الحديث ج9 ص230].
هذا، وقد ورد ذكره في كلمات ابن أبي حاتم الرازي ـ الذي يُعدُّ من المتشدِّدين في الجرح والتعديل عند العامَّة ـ من دون قدحٍ أو غمزٍ، مما يدلُّ على عدم وجود من يتَّهِمه بالكذب، كما قيل. [يُنظر: الجرح والتعديل ج4 ص214 ].
والنتيجة من كلِّ ذلك، أنَّ الرجل من ثقات الأصحاب، بل هو من كبار الأولياء من سلفنا الصالح، ومنه يتَّضح الضعف في ما قاله البعض: من أنَّه (من المشبوهين والمتَّهمين بالكذب!).. والحمد لله ربِّ العالمين.
اترك تعليق