لماذا نرى القران الكريم يركز في كثير من اياته على الاكل والشرب والحور العين وكل مايمتع النفس و يدعو الى الاهتمام بالروح وتزكية النفس والابتعاد عن ملذات الدنيا
لماذا نرى القران الكريم يركز في كثير من اياته المباركة على الاكل والشرب والحور العين وكل مايمتع النفس ( الحيوانية ) ان صح التعبير .. وبنفس الوقت يدعو الى الاهتمام بالروح وتزكية النفس والابتعاد عن ملذات الدنيا الزائلة في ايات مباركة اخرى .. اتمنى ان يكون هناك توضيح من قبلكم .. جزاكم الله خيرا
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عندَ الحديثِ عنِ الجنّةِ فإنّنا نتحدّثُ عَن عالمٍ آخر مُختلفٍ بالكُلّيّةِ عَن عالمِنا الحاليّ، فنحنُ نعيشُ في عالمِ المُلكِ والجنّةُ مِن عالمِ الملكوتِ، وكلُّ عالمٍ مِن هذهِ العوالمِ لهُ خصائصُه التي تجعلُه مُختلِفاً عنِ الآخرِ، وأهمُّ نُقطةٍ تُميّزُ العالمينِ عَن بعضِ هوَ أنَّ وسائلَ الإدراكِ في عالمِ المُلكِ هيَ الحواسُّ الظّاهرةُ والباطنةُ في حينِ أنَّ القضيّةَ في ذلكَ العالمِ أكبرُ مِن هذهِ الحواسِ بكثيرٍ، ومِن هُنا أخبرَنا القُرآنُ بما يجري للمُحتضرِ عندَ بداياتِ دخولِه لعالمِ البرزخِ –الذي هوَ دونَ الملكوتِ- (لَقَد كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِن هَذَا فَكَشَفنَا عَنكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيومَ حَدِيدٌ)، فلولا هذا الكشفُ لما استطاعَ الميّتُ مُعاينةَ أحوالِ عالمِ الآخرةِ.
بعدَ هذهِ المُقدّمةِ لابُدَّ أن تعلمَ أنَّ النّعمَ الموجودةَ في الجنّةِ هيَ فوقَ الوصفِ والإدراكِ، وما نملكُ مِن حواسٍّ ظاهرةٍ وباطنةٍ لا تقبلُ استيعابَ ما يجدهُ الإنسانُ في الآخرةِ ومِن هُنا قرّبَ القُرآنُ هذهِ الصّورةَ بذكرِ اللّذّاتِ المحسوسةِ التي يمكنُ لأدنى إنسانٍ أن يُدرِكَها بلا أيّ جُهدٍ لاستحالةِ إستيعابِ الإنسانِ العاديّ حقيقةَ العالمِ الأخرويّ كما هوَ الحالُ في مَن يريدُ وصفَ الألوانِ للأعمى أو الأصواتِ للأصمِّ فإنّهُ لا طريقَ أمامهُ سوى تمثيلِها بأمورٍ لهُ قابليّة إدراكِها.
فما وردَ منَ التّركيزِ القُرآنيّ على اللّذّاتِ المعروفةِ هوَ مِن بابِ تنزيلِ المعقولِ منزلةَ المحسوسِ لتقريبِ الصّورةِ لا أكثرَ وإلّا ففي الجنّةِ ما لا عينٌ رأت ولا أذنٌ سمعَت ولا خطرَ على قلبِ إنسان.
اترك تعليق